المنشورات

زياد وحارثة ابن بدر

وذكروا ان حارثة بن بدر الغداني كان فارس بني تميم، وكان قد غلب على زياد، وكان الشراب قد غلب عليه؛ فقيل لزياد: إن هذا قد غلب عليك، وهو رجل مستهتر بالشراب! فقال لهم: كيف اطّراحي لرجل ما راكبني قط فمست ركبتي ركبته، ولا تقدمني فنظرت إلى قفاه، ولا تأخر عني فلويت إليه عنقي، ولا سألته عن شيء قط إلا وجدت علمه عنده!.
فلما مات زياد جفاه ولده عبيد اللَّه بن زياد؛ قال له حارثة: أيها الامير، ما هذا الجفاء مع معرفتك بحالي عند أبي المغيرة؟ فقال له عبيد اللَّه: إن أبا المغيرة قد برع بروعا لا يلحقه معه عيب؛ وأنا حدث، وإنما أنسب إلى من تغلب عليّ، وانت تديم الشراب، فدع النبيذ وكن أول داخل وآخر خارج. فقال حارثة: أنا لم أدعه للَّه، أفأدعه لك؟ قال: فاختر من عملي ما شئت. قال: ولني رامهرمز؛ فإنها أرض عذية «1» ، أو سرّق؛ فإن بها شرابا وصف لي عنها. فولاه إياها، فلما خرج شيعه الناس، وكتب إليه أنس بن أبي أنيس:
أحار بن بدر قد وليت ولاية ... فكن جرذا فيها تخون وتسرق
ولا تحقرن يا حار شيئا تخونه ... فحظك من ملك العراقين سرّق
وبار تميما بالغنى إنّ للغنى ... لسانا به المرء الهيوبة ينطق «2»
فإنّ جميع الناس إمّا مكذّب ... يقول بما يهوى وإمّا مصدّق
يقولون أقوالا ولا يعلمونها ... ولو قيل يوما حققوا لم يحقّقوا
وقّع حارثة في أسفل كتابه: لا بعد عنك الرشد.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید