المنشورات

من حدّ من الاشراف في الخمر وشهر بها

منهم يزيد بن معاوية، وكان يقال له: يزيد الخمور وبلغه أن مسور بن مخرمة يرميه بشرب الخمر، فكتب إلى عامله بالمدينة ان يجلد مسورا حدّ الخمر، ففعل؛ فقال مسور:
أيشربها صرفا بطين دنانها ... أبو خالد ويضرب الحدّ مسور؟ «2»
وممن حدّ في الشراب: الوليد بن عقبة بن أبي معيط، أخو عثمان بن عفان لامه؛ شهد أهل الكوفة عليه انه صلى بهم الصبح ثلاث ركعات وهو سكران ثم التفت إليهم فقال: إن شئتم زدتكم! فجلده عليّ بن ابي طالب بين يدي عثمان وفيه يقول الحطيئة- وكان نديمه أبو زيد الطائي:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربّه ... أنّ الوليد أحقّ بالعذر
نادى وقد تمت صلاتهم ... ليزيدهم خيرا ولا يدري
ليزيدهم خيرا، ولو قبلوا ... لجمعت بين الشّفع والوتر «1»
كبحوا عنانك إذ جريت ولو ... تركوا عنانك لم تزل تجري!
ومنهم عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، شرب بمصر، فحدّه هناك عمرو بن العاص سرّا؛ فلما قدم على عمر جلده حدّا اخر علانية!.
ومنهم العباس [بن علي] بن عبد اللَّه بن عباس، كان ممن شهر بالشراب ومنادمة الاخطل، وفيه يقول الاخطل:
ولقد غدوت على التّجار بمنبج ... هرّت عواذله هرير الأكلب «2»
لباس أردية الملوك يروقه ... من كلّ مرتقب عيون الرّبرب «3»
ومنهم قدامة بن مظعون، من اصحاب رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم، جلده عمر بن الخطاب بشهادة علقمة الخصي وغيره في الشراب.
ومنهم عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب المعروف بأبي شحمة، حدّه أبوه في الشراب وفي أمر أنكره عليه؛ [فمات تحت حدّه] !.
ومنهم عبد اللَّه بن عروة بن الزبير، حدّه هشام بن إسماعيل المخزومي في الشراب.
ومنهم عاصم بن عمر بن الخطاب، حدّه بعض ولاة المدينة في الشراب.
ومنهم عبد العزيز بن مروان، حده عمرو [بن سعيد] الأشدق.
وممن فضح بالشراب بلال بن أبي بردة الأشعري، وفيه يقول يحيى بن نوفل الحميري:
وأمّا بلال فذاك الذي ... يميل الشراب به حيث مالا
يبيت يمصّ عتيق الشراب ... كمصّ الوليد يخاف الفصالا «1»
ويصبح مضطربا ناعسا ... تخال من السّكر فيه احولالا
ويمشي ضعيفا كمشي النزيف ... تخال به حين يمشي شكالا»
وممن شهر بالشراب عبد الرحمن بن عبد اللَّه الثقفي القاضي بالكوفة، وفضح بمنادمة سعد بن هبّار، وفيه يقول حارثة بن بدر:
نهاره في قضايا غير عادلة ... وليله في هوى سعد بن هبّار
ما يسمع الناس أصواتا لهم عرضت ... إلا دويّا، دويّ النحل في الغار
يدين أصحابه فيما يدينهم ... كأسا بكأس وتكرارا بتكرار
فأصبح الناس اطلاحا أضرّ بهم ... حث المطيّ وما كانوا بسفّار «3»
ومنهم أبو محجن الثقفي، وكان مغرما بالشراب، وقد حده سعد بن أبي وقاص في الخمر مرارا، وشهد القادسية مع سعد، وأبلى فيها بلاء حسنا؛ وهو القائل:
إذا مت فادفّني إلى ظلّ كرمة ... تروّي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني في الفلاة، فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
ثم حلف بالقادسية ألا يشرب خمرا أبدا، وأنشأ يقول:
إن كانت الخمر قد عزّت وقد منعت ... وحال من دونها الإسلام والحرج
فقد أباكرها صهباء صافية ... طورا، وأشربها صرفا وأمتزج «4»
وقد تقوم على رأسي مغنّية ... فيها إذا رفعت من صوتها غنج
فتخفض الصوت أحيانا وترفعه ... كما يطنّ ذباب الرّوضة الهزج
ومنهم عبد الملك بن مروان، وكان يسمى حمامة المسجد، لاجتهاده في العبادة قبل الخلافة؛ فلما أفضت إليه الخلافة شرب الطّلاء «1» .
وقال له سعيد بن المسيب: بلغني يا أمير المؤمنين أنك شربت بعدي الطلا؟ فقال:
إي واللَّه، وقتلت النفس!.
ومنهم الوليد بن يزيد، ذهب به الشراب كل مذهب حتى خلع وقتل؛ وهو القائل:
خذوا ملككم لا ثبّت اللَّه ملككم ... ثباتا يساوي ما حييت عقالا «2»
دعوا لي سليمى والنّبيذ وقينة ... وكأسا، ألا حسبي بذلك مالا
أبالملك أرجو أن أخلّد فيكم؟ ... ألا ربّ ملك قد أزيل فزالا
وسقى قوم أعرابية مسكرا، فقالت: أيشرب نساؤكم مثل هذا؟ قالوا: نعم.
قالت: فما يدري أحدكم من أبوه!.
ومنهم إبراهيم بن هرمة، وكان مغرما بالشراب، وحدّه عليه جماعة من عمال المدينة، فلما الحوا عليه وضاق ذرعه بهم، دخل إلى المهدي بشعره الذي يقول فيه:
له لحظات عن خفافي سريرة ... إذا كرّها فيها عقاب ونائل «3»
لهم تربة بيضاء من آل هاشم ... إذا اسودّ من لؤم التراب القبائل
إذا ما أتى شيئا مضى كالذي أتى ... وإن قال: إني فاعل، فهو فاعل
فأعجب المهدي بشعره، وقال: سل حاجتك. قال: تأمر لي بكتاب إلى عامل المدينة أن لا يحدّني على شراب! فقال له: ويلك! كيف نأمر بذلك؟ لو سألتني عزل عامل المدينة وتوليتك مكانه لفعلت. قال: يا أمير المؤمنين لو عزلت عامل المدينة ووليتني مكانه أما كنت تعزلني أيضا وتولي غيري؟ قال: بلى قال: فكنت أرجع إلى سيرتي الاولى [فأحدّ] .. فقال المهدي لوزرائه: ما تقولون في حاجة ابن هرمة، وما عندكم [فيها] من التلطف؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، إنه يطلب ما لا سبيل إليه.
إسقاط حدّ من حدود اللَّه، قال المهدي: إن عندي له حيلة، إذا أعيتكم حيلته؛ اكتبوا إلى عامل المدينة: من اتاك بابن هرمة سكران فاضرب ابن هرمة ثمانين واضرب الذي يأتيك به مائة! فكان ابن هرمة إذا مشى في أزقة المدينة، يقول: من يشترى مائة بثمانين ... ؟.
وكان بأمج رجل يقال له حميد، وكان مفتونا بالخمر، فهجاه ابن عم له:
حميد الذي أمج داره ... أخو الخمر ذو الشّيبة الأصلع «1»
علاه المشيب على شربها ... وكان كريما- فما ينزع
ودخل حميد يوما على عمر بن عبد العزيز، فقال له: من أنت؟ قال: أنا حميد.
قال: حميد الذي....؟ قال: واللَّه يا أمير المؤمنين ما شربت مسكرا منذ عشرين سنة، فصدّقه بعض جلسائه؛ فقال له: إنما داعبناك.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید