المنشورات

الرشيد وإسحاق الموصلي

إسحاق بن ابراهيم الموصلي قال: دخلت على الرشيد، وعنده جارية، قد أهديت له، ما جنة شاعرة أديبة، وبين يديه طبق فيه ورد، فقال لي: أما ترى حسن هذا الورد ونضرة لونه؟ قلت: بك واللَّه حسن ذلك يا أمير المؤمنين. قال: قل فيه بيتا يشبهه.
فأطرقت ساعة، ثم قلت:
كأنه خدّ موموق يقبّله ... فم الحبيب وقد أبدى به خجلا «1»
فاعترضتني الجارية فقالت:
كأنه لون خدّي حين تدفعني ... كفّ الرشيد لأمر يوجب الغسلا
فقال الرشيد: قم يا إسحاق، فقد حركتني هذه الفاسقة! وحدثنا أيضا قال: كان هارون الرشيد جالسا بين جاريتين من جواريه، فقال لهما: من يبيت عندي هذه الليلة منكما؟ فقالت إحداهما: أنا! فقالت الأخرى: لا، بل أنا! فقال للأولى: ما حجتك فيما ادعيت؟ قالت: قول اللَّه: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ
«2» ثم قال للثانية: وما حجتك أنت؟ قالت: قول اللَّه: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى
«3» ! فقال: لتقل كل واحدة منكما شعرا في الغزل، فمن كانت أرقّ شعرا باتت عندي. فقالت: الأولى:
أنا التي أمشي كما يمشي الوجي ... يكاد أن يصرعني تغنّجي «4»
من جنة الفردوس كان مخرجي
وقالت الأخرى:
أنا التي لم ير مثلي بشر ... كلامي اللّؤلؤ حين ينثر
أسحر من شئت ولست أسحر ... إن سمع الناس كلامي كفروا «1»
فقال لهما: قد أحسنتما وأجدتما، وما لواحدة منكما فضيلة على صاحبتها، ولكن أبيت بينكما!











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید