المنشورات

معاوية لم يخدع عليا بل كان هو المخدوع

فلو لم يظنّ عليّ وطمع أنّ أصحابه سيعودون إلى بصائرهم وإلى ما يشبه أوّل حا [لهم] عند التخابر والتذاكر وعند قضاء الوطر من الزوجات والاوطان وبعض الملال من طول الاقامة وبعض الحياء من النعيم ومعه الانف من ظهور الاعداء وبعض التوقّع للبلاء إذا جرى عليهم حكم عدوّهم ولعلّهم أن يطالبوهم بطوائلهم ولم يأمنوا الوثبة بهم، لما جاز له ذلك ولما كان لصنيعه ذلك وجه؛ فالمخدوع في هذا الموضع معاوية والخادع عليّ، وعليّ صاحب المكيدة ومعاوية المستراب، لأنّه في ذلك ولو فطن لانتثار الامر على عليّ ثمّ غزاه بالقلوب المجتمعة والأهواء المتّفقة، لما كان دون الظفر مانع ولما كان بعد تلك الوقعة وقعة، فرأى عليّ أنّ التدبير في توهيمه وتوهيم أصحابه الرضى بالمساواة والاقرار بان في أمرهما من الشبهة ما يحتاج فيه الى نظر الرجال، وعلم أنه متى أعطاه ما كان لا يطمع فيه ولا يناله طرفه ولا أمنيّته ولم يزل يظن، بل لا يشك، أنه لا يجيب إليه [.......] ولم يكن عرف من سرّ أصحابه مثل الذي عرفه عليّ فرأى أنه قد ربح وأنّ عليّا قد خسر؛ فما ينقضي تعجّبي من رضى معاوية بتلك الهدنة والمدّة مع ما قد كان ظهر من اختلاف أصحاب عليّ، وأرى الناس يتعجبون من رضى عليّ بها مع اختلاف أصحابه؛.












مصادر و المراجع :

١- الرسائل السياسية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید