المنشورات
أبي مخزوم النهشلي يفخر بقومه
وقال رجل يكنى أبا مخزوم، من بني نهشل بن دارم1:
إنا بني نهشل لا ندعي لأبٍ ... عنه، ولا هو بالأبناء يشرينا
إن تبتدر غايةٌ يوما لمكرمةٍ ... تلق السوابق منا والمصلينا
وليس يهلك منا سيدٌ أبداً ... إلا افتلينا غلاما ًسيداً فينا
إني لمن معشرٍ أفنى أوائلهم ... قيل الكماة: ألا أين المحامونا؟
لو كان في الألف منا واحدٌ فدعوا: ... من فارس? خالهم إياه يعنونا
ولا تراهم وإن جلت رزيتهم ... مع البكاة على من مات يبكونا
إنا لنرخص يوم الروع أنفسنا ... ولو نسام بها في الأمن إغلينا
إذا الكماة تنحوا أن ينالهم ... حد الظباة وصلناها بأيدينا
فرضٌ على مكثرينا نيل بذلهم ... والجود والبذل في طبع المقلينا
إني ومن كأبي يحيى وعترته ... لا فخر إلا لنا أم من يوازينا
قوله: " إنا بني نهشل "يعني نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ومن قال: "إنا بنو نهشل"، فقد خبرك، وجعل" بنو" خبر" إن"، ومن قال: " بتي"، إنما جعل الخبر:
إن تبتدر غاية يوما لمكرمةٍ ... تلق السوابق منا والمصلينا
ونصب"بني" على فعل مضمر للاختصاص، وهذا أمدح، ومثله:
نحن بني ضبة أصحاب الجمل2
أراد نحن أصحاب الجمل، ثم أبان من يختص بهذا، فقال: أعني بني ضبة وقرأ عيسى بن عمر: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} 1أراد وامرأته: {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} ثم عرفها بحمالة الحطب، وقوله: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} بعد قوله: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ} 2 إنما هو على هذا، وهو أبلغ في التعريف، وسنشرحه على حقيقة الشرح في موضعه إنشاء الله: وأكثر العرب ينشد3:
إنا بني منقرٍ قوم ذوو حسب ... فينا سراة بني سعدٍ وناديها
قرأ بعض القراء: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} 4 وقوله: "يشرينا "يريد يبيعنا، يقال: شراه يشريه إذا باعه، فهذه المعروفة، قال الله عز وجل: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ} 5 وقال ابن مفرغٍ الحميري:
شريت برداً، ولولا ماتكنفني ... من الحوادث ما فارقته أبدا6
ويكون" شريت" في معنى أشتريت، وهو من الأضداد وأنشدني التوزي:
اشروا لها خاتناً وابغوا لخنتتها7 ... مواسياً أربعأ فيهن تذكير8
وقوله:
تلق السوابق منا والمصلينا
فالمصلي الذي في إثر السابق، وإنما سمي مصلياً لأنه مع صلوي السابق، وهما عرقان في الردف، قال الشاعر:
تركت الرمح يعمل في صلاه ... كأن سنانه خرطوم نسر
وقوله:
إلا افتلينا غلام سيداً فينا
مأخوذ من قولهم: فلوت الفلو1 يا فتى، إذا أخذته عن أمه، قال الأعشى:
ملمع لاعة الفؤاد إلى جحـ ... ـش فلاه عنها، فبئس الفالي2
وأخذ هذا المعنى من قول أبي الطمحان القيني:
إذا مات منهم سيدٌ قام صاحبه
وقوله:
لو كان في الألف منا واحد فدعوا: ... من فارس? خالهم إياه يعنونا
مأخوذ من قول طرفة:
إذا القوم قالوا: من فتى? خلت أنني ... عينت، فلم أكسل ولم أتبلد
ومن قول متمم بن نويرة:
إذا القوم قالوا: من فتى لعظيمةٍ ... فما كلهم يدعى، ولكنه الفتى
وقوله؛" حد الظباة"، فالظبة الحد بعينه، يقال: أصابته ظبة السيف، وظبة النصل، وجمعه ظبات وأراد بالظبة ههنا موضوع المضرب من السيف وأخذ هذا المعنى من قول كعب بن مالك:
نصل السيوف إذا قصرنا بخطونا ... قدماً، ونلحقها إذا لم تلحق
وقوله:
إنا لنرخص يوم الروع أنفسنا
أخذه من قول الهمداني وهو الأجدع1 أبو مسروق بن الأجدع الفقيه:
لقد علمت نسوان هدمان أنني ... لهن غداة الروع غير خذول
وأبذل في الهيجاء وجهي وإنني ... له في سوى الهيجاء غير بذول
ومن القتال الكلابي حيث يقول:
أنا ابن الأكرمين بني قشير ... وأخوالي الكرام بنو كلاب
نعرض للطعان إذا التقينا ... وجوهاً لا تعرض للسباب
مصادر و المراجع :
١- الكامل في اللغة والأدب
المؤلف: محمد بن
يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)
المحقق: محمد أبو
الفضل إبراهيم
الناشر: دار
الفكر العربي - القاهرة
الطبعة: الطبعة
الثالثة 1417 هـ - 1997 م
31 مايو 2024
تعليقات (0)