المنشورات
الحجاج والمهلب بن أبي صفرة
ويروى أن الحجاج لما ورد عليه ظفر المهلب بن أبي صفرة وقتله عبد ربه الصغير، وهرب قطري عنه تمثل فقال: لله در المهلب! والله لكأنه ماوصف لقيط الإيادي حيث يقول:
وقلدوا أمركم لله دركم ... رجب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مترفاً إن رخاء العيش ساعده ... ولا إذا عض مكروه به خشعا
ما زال يحلب هذا الدهر أشطره ... يكون متبعاً طورا ومتبعا
حتى استمرت على شزر مريرته ... مر العزيمة لا رثاً ولا ضرعا
فقام إليه رجل فقال: أيها الأمير، والله لكأني أسمع هذه التمثيل من قطري في المهلب. فسر الحجاج بذلك سروراً تبين في وجهه:
وقولها:
كنصل السيف عين المهند
فالمهند، المنسوب إلى الهند.
وقولها: "من أهل بيتي ومحتدي" فالمحتد: الأصل، قال الشاعر:
وفي السر من قحطان أولاد حرةٍ ... عظامُ اللها بيض كرام المحاتد
وقوله: "مال عميم" يقول: جامع، أخذه من عمَّ يعمُّ.
وقوله: "جذو مغنية" فالجذو: جمع جذوه، وهي القطعة، وأصل ذلك في الخشب ما كان منه فيه نارٌ، وقال الله عز وجل: {أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} 1 وتجمع أيضاً جذاً، قال ابن مقبل:
باتت حواطب سلمى يلتمسن لها ... جزل الجذا غير خوارٍ ولا دعر
الحوار: الضعيف، والدعر: الكثير الثقب، يقال: عود دعر.
وقولها: "جوف لا يشبعن" تقول: عزاك الأجواف. و"هيم لا ينقعن"، الهيم: العطاش، يكون الواحد من هيم أهيم، ويقال في هذا المعنى: هيمان. وقال بعض المفسرين في قول الله عز وجل: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} 2 قال: هي الإبل العطاش، وقال ذو الرمة3:
فراحت الحقب لم تقصع صرائها ... وقد نشحن فلا ري ولا هيم4
ويقال: "قصع صارته" إذا روي، والصارة: شدة العطش، والنشوح: أن تشرب دون الري، يقال: نشح ينشح، ومثله: تغمر، إذا لم يرو. ويقال للقدح الصغير الغمر من هذا. وقال بعض المفسرين: الهيمُ: رمال بعينها، واحدتها هيماء، يا فتى.
وقولها: "لا ينقعن" أي لا يروين، يقال: ما نقعت ماشية بني فلان بري، إذا لم تبلغ من الماء حقها، ويقال للماء: النقع، ويقال: النقع، في غير هذا الموضع، للغبار، ويقال: أثاروا النقع بينهم. والنقع أيضاً: اسم موضع بعينه. قال الشاعر:
لقد حببت نعم إلينا بوجهها ... ماسكن ما بين الوتائر والنقع5
والنقع: الصراخ، قال لبيد:
فمتى ينقع صراخ صادق ... يخلبوه1 ذات جرسٍ وزجلٍ
وقولها: "وصم لا يسمعن"، طريف من كلام العرب، وذلك أنه يقال لكل صحيح البصر ولا يعمل بصره: أعمى، وإنما يراد به أنه قد حل محل من لا يبصر البتة، إذا لم يعمل بصره، وكذلك يقال للسميع الذي لا يقبل: أصم، قال الله جلَّ ذكرهِ: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} 2 كما قال جل ثناؤه: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} 3 وكذلك: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} 4 وقوله عز وجل: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاء} 5
وتقول العرب: "أبلدُ ما يُرعى الضأن"، ويقال: أحمق من راعي ضأن ثمانين6.
وتحدث عمرو بن بحر، قال: كان يقال: لا ينبغي لعاقل أن يشاور واحداً من خمسة: القطان، والغزال، والمعلم، ورعي ضأن، ولا الرجل الكثير المحادثة للنساء.
وقيل في مثل هذا: لا تدع أم صبيك تضربه فإنه أعقل منها وإن كان طفلاً.
وقال الأحنف بن قيس: إني لأجالس الأحمق الساعة فأتبين ذلك في عقلي.
وقال جل ثناؤه في صفة النساء: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} 7.
مصادر و المراجع :
١- الكامل في اللغة والأدب
المؤلف: محمد بن
يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)
المحقق: محمد أبو
الفضل إبراهيم
الناشر: دار
الفكر العربي - القاهرة
الطبعة: الطبعة
الثالثة 1417 هـ - 1997 م
1 يونيو 2024
تعليقات (0)