المنشورات
الليالي أنست الضحك
(البسيط)
تزايدت العلة على قوام الدين فتوفي نهار الأحد لأربع ليال خلون من جمادى الآخرة سنة 403.
فرثاه الشريف الرضي بهذه القصيدة.
دع الذّميل إلى الغايات والرّتكا، ... ماذا الطّلاب، أترجو بعدها دركا (2)
ما لي أكلّفها التّهجير دائبة ... على الوجى وقوام الدّين قد هلكا (3)
حلّ الغروض، فلا دار ملائمة، ... ولا مزور إذا لاقيته ضحكا (4)
أمسى يقوّض عنّا العزّ خلّفه، ... وثوّر المجد عنّا بعد ما بركا
اليوم صرّحت الجلّى، وقد تركت ... بين الرّجاء وبين اليأس معتركا (5)
تمثّل الخطب مظنونا لتالفه، ... فسوف نلقاه موجودا ومدّركا
رزيئة لم تدع شمسا ولا قمرا، ... ولا غماما، ولا نجما، ولا فلكا
لو كان يقبل من مفقودها عوض، ... لأنفق المجد فيها كلّ ما ملكا
قد أدهش الملك قبل اليوم من حذر، ... وإنّما اليوم أذرى دمعه وبكى
أمسى بها عاطلا من بعد حليته، ... وهادما من بناء المجد ما سمكا (1)
من للجياد مراعيها شكائمها، ... يحملن شوك القنا اللّذّاع والشّككا
يطا بها تحت أطراف القنا زلقا ... من الدّماء ومن هام العدا نبكا (2)
من للظّبى يختلي زرع الرّقاب بها، ... حكم القصاقص لا عقل لما سفكا (3)
من للقنا جعلت أيدي فوارسه ... من القلوب لها الأطواق والمسكا (4)
من للأسود نهاها عن مطاعمها، ... فكم رددنا فريسا بعد ما انتهكا
من للعزائم والآراء يطلعها ... مطالع البيض يجلو ضوءها الحلكا
من للرّقاق إذا أشفت على عطب، ... يغدو لها بلغا بالطّول أو مسكا (5)
من للخطوب ينجّي من مخالبها، ... وينزع الظّفر منها كلّما سدكا (6)
من معشر أخذوا الفضلى فما تركوا ... منها لمن يطلب العلياء متّركا
قدّوا من البيض خلقا والحيا خلقا، ... عيصا ألفّ بعيص المجد فاشتبكا (7)
لو أنّهم طبعوا لم ترض أوجههم ... دراري اللّيل لو كانت لها سلكا
هم أبدعوا المجد لا أن كان أوّلهم ... رأى من الجدّ فعلا قبله فحكى
الرّاكبين ظهورا قلّما ركبت، ... والمالكين عنانا قلّما ملكا
هيهات لا ألبس الأعداء بعدهم، ... يوم الجراء، لجاما يقرع الحنكا
ولا أريحت على العلياء حافلة ... لها سنام من الإجمام قد تمكا (8)
يا صفقة من بياع كلّها غرر، ... من ضامن للعلى من بعدها الدّركا
خلا لها كلّ ذئب مع أكيلته، ... من واقع طار أو من عاجز فتكا
الموت أخبث من أن يرتضي أبدا ... لا سوقة بدلا منه ولا ملكا
كالعلق والعلق لو خيّرت بينهما ... لم ترض بالدّون يوما أن يكون لكا (1)
راق تفرّد بالإحسان يفرعها، ... وزايد النّجم في العلياء واشتركا
اللّين يمطيك من أخلاقه ذللا، ... والضّيم يخرج منه الآبي المعكا (2)
غمر العطيّة لا يبقي على نشب، ... وإن رأى قلّبيّ الرّأي محتنكا (3)
لا تتبعوا في المساعي غير أخمصه، ... فأخصر الطّرق في العلياء ما سلكا
ما مثل قبرك يستسقى الغمام له، ... وكيف يسقي القطار النّازل الفلكا
لا يبعد الله أقواما رزئتهم، ... لو ثلّموا من جنوب الطّود لانتهكا
فقد تهم مثل فقد العين ناظرها، ... يبكى عليها بها، يا طول ذاك بكا
إذا رجا القلب أن ينسيه غصّته ... ما يحدث الدّهر أدمى قرحه ونكا (4)
إن يأخذ الموت منّا من نضنّ به، ... فما نبالي بمن بقى ومن تركا
إنّي أرى القلب ينزو لادّكارهم، ... نزو القطاطة مدّوا فوقها الشّركا (5)
لا تبصر الدّهر بعد اليوم مبتسما ... إنّ اللّيالي أنست بعده الضّحكا
مصادر و المراجع :
١- ديوان الشريف الرضي
المؤلف: محمد بن
الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.
المصدر: الشاملة
الذهبية
23 يونيو 2024
تعليقات (0)