المنشورات
ربيع 1962م
على أثر إعلان الاستقلال
راسلت بهذه القصيدة، وأنا لاجيء في مدينة "سطيف " أحد الأصدقاء 1 في الجزائر- العاصمة- على إثر إعلان الاستقلال الذي زاد في ضراوة المنظمة السرية للمستوطنين الفرنسيين المسماة "الواس" وضاعف من وحشيتها وأصبحت "الجزائر" عبارة عن مجزرة رهيبة هوجاء.
جاء الربيع ومن أحب بعيد! … ما للذي فقد الأحبة عيد!!
أحباب قلبي فرقتهم زعزع … فبكل أرض لاجىء وشريد!!
تركوا "الجزائر" لا عقوقا إنما … هجروا الحياة يسودها التهديد
والطير تهجر وكرها إن أبصرت … من حولها رامي السهام يصيد!!
جاء الربيع ولم تزل أرض الحمى … "بالنازلات الماحقات " تميد!!
والأفق موار الجوانب باللظى … والهول يندر والبلاء شديد
وبكل مدرجة دم لمجاهد … وأريح قبر قد ثواه شهيد!
وبكل نفس لوعة مجتاحة … وبكل قلب للأسى ترديد!
يا إبن الأسى هل في ربيعك نفحة … تشفي الأسى وإلى الحياة تعيد؟
هل في ربيعك ما يبشر بالمنى … فيعود عهد للبلاد سعيد؟
عهد تكون به "الجزائر" حرة … لا سيد من غيرها لا "سيد"
إني لأومن بانتصار كفاحنا … ونجاح من حمل السلاح أكيد
فبلوغ الاستقلال صار عقيدة … من شك فيه فإنه لبليد
إني لأنشق في الزهور عبيره … فالروض ينشر عرفه والبيد
وأحس في شدو البلابل لحنه … فالبلبل الشادي به غريد
لكن عدمت تصبري عن موطن … ناء أدين بحبه وأشيد!
فيه تركت أحبة شوقي لهم! … ينمو على طول المدى ويزيد
كانوا ملاذ القلب ألفى عندهم … ما ابتغيه من المنى وأريد
ودعتهم وتركتهم لعدوهم … وعدوهم مستهترعربيد!
يفاتن في تعذيبهم ليصدهم … عما قضى فيه الكرام الصيد
ويهيج سورته رباطة جاشهم … فجميعهم صعب القياد عنيد
يمضون كالأسد الغضاب إلى … الوغى ما فيهم وكل ولا رعديد
عركوا الخطوب فلم يكن ليردهم … بطش الطغاة ولو فنوا وأبيدوا
جاء الربيع وفي "الجزائر" مأتم … في كل دار والسرور طريد
لم يبق بيت لم يودع راحلا … للقبر أو لم يبك فيه فقيد!
أو لم يرع بالزوج فيه أيم!! أو لم يصب باليتم فيه وليد
فالزهر يبسم والقلوب كئيبة … تبدى الأسى من شجوها وتعيد
ليس الربيع ربيع روض مزهر … للطير في جنباته تغريد
إن الربيع لفي الفؤاد يظله … أنس وعيش بالهناء رغيد
إن لم تشع من القلوب سعادة … فالكون سجن ليس فيه سعيد
يا "خالد" الأدب الصميم لقد دنا … يوم الجزائر هل لديك نشيد؟
ان لم تكن يوم التحرير شاعرا … فلأنت عن ساح القريض بعيد
يوم التحرر يوم عيد شامل … فيه يقام بكل دار عيد
إن رمت أن تجني الخلود فهذه … ساحاته فاهتف فأنت مجيد
هات القصيد الفذ هذا يومه … ما كل يوم يستجاد قصيد
قد أشرق الأمل العظيم فلم يعد … يسع المقصر عذره ويفيد
أيشح شعرك عن بلاد طالما … جادت عليها بالنفوس الغيد؟
فابعث هناك من "الجزائر" صيحة … نسمع صداها فالرياح بريد
مصادر و المراجع :
١- ديوان الشيخ أحمد سحنون
المؤلف: أحمد
سحنون
الناشر: منشورات
الحبر (الجزائر)
الطبعة: الطبعة
الثانية، 2007
25 يونيو 2024
تعليقات (0)