المنشورات
أول امرأة تزوجها (صلّى الله عليه وسلم)
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب، وكانت قبله عند أبى هالة، فولدت له هندا وهالة، «3» وهما خالا الحسن والحسين، وخلفه عليها عتيق بن عائذ بن عبد الله المخزومي، فولدت له جارية اسمها هند، وهى الطاهرة، وهى أخت فاطمة لأمها، وهى خالة الحسن والحسين عليهما السلام، وكانت عند صيفى.
أخبرنا أبو احمد عن الجوهرى عن أبى زيد قال: حدثنا أبو خيثمة قال:
حدثنا جزاء بن عبد الحميد عن أشعث عن جعفر بن أبى المغيرة عن سعيد بن جبير قال: اجتمعت نساء قريش فى عيد لهن فجاءهن يهودى فقال: يوشك أن يبعث فيكن نبى فأيتكن استطاعت أن تكون له أرضا يطؤها فلتفعل، فشتمنه وطردنه، ووقر ذلك فى صدر خديجة، وكانت استأجرت رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- وبعثته مع ميسرة غلامها الى الشام، فبينما هى تنظر قدومهما نظرت رجلا يطلع من عقبة المدينة وليس فى السماء غيم الا قدر ما يظله، واذا هو النبى- صلّى الله عليه وسلم- فقالت: ان قول اليهودى حق والمبعوث محمد، فقالت له:
اخطبنى، فلقى عمه ابا طالب فقال: أخطب على خديجة، قال: أخاف الا يفعلوا أيم قريش وأنت يتيم قريش، فقال: أخطبها على، فلقى أبو طالب أباها وقالوا: عمها،- وهى الصحيح- فذكر له ذلك فلقيها فقال: فلان يخطبك لشيخ من قريش، فقالت: شيخ قضى شبابه وساء خلقه لا حاجة لى فيه، فقال لها: محمد فقالت أوسط قريش حسبا وأفصحهم لسانا، أعود عليه بمالى فيكون عطف يمينى، فبعث اليه ان تعالى نزوجك، فاستنهض معه أبا طالب فقال: أخاف الا يفعلوا وان ردونى كانت الفضيحة، فتأخر وبعث معه حمزة، فمروا بعلى يلعب مع الصبيان فانطلق معهم، فلما دخلوا قال النبى:- صلّى الله عليه وسلم- الحمد لله الحى الذى لا يموت فقالوا: ما هذا الكلام؟ ثم تكلم بما أراد وأرادوا، فقالوا: تكلمت، ولكن من يضمن لنا المهر؟ فقال على: أبى، فلما بلغ الخبر أبا طالب جعل يقبل عليا ويقول: بأبى أنت وأمى.
قالوا: والصحيح ان رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- كان يومئذ ابن خمس وعشرين سنة، ولو كان ذلك كذلك لكان لعلى يوم استشهد أكثر من سبعين سنة، ولم يقل هذا أحد، والغلط فى أحد الأمرين إما فيما رووه من كون على معهم، او فيما ذكروه من سن النبى يومئذ، وقد قيل: أنه كان يومئذ ابن ثلاثين سنة، وقالوا: ابن خمس وثلاثين والله أعلم بالصواب.
وروى أن أبا طالب خطب فى تزويج النبى (صلّى الله عليه وسلم) خديجة، أخبرنا أبو احمد قال: حدثنى أبو الحسن محمد بن القاسم السعدى قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا اسحاق بن محمد النخعى قال: حدثنا محمد بن عثمان الواسطى قال: حدثنا على بن هشام ابن محمد بن عبد الله بن رافع عن أبيه عن جده قال: لما أراد النبى أن يتزوج خديجة خطب ابو طالب فقال: الحمد لله، جعلنا من زرع ابراهيم وذرية اسماعيل، وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا،وجعلنا الحكام على الناس، ثم ان محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخى من لا يوازن بأحد الا رجح به، ولا يعدل بأحد الا فضله، وان كان فى المال قلا فان المال ظل زائل، وله فى خديجة رغبة ولها فيه مثلها، وما كان من صداق ففى مالى، وله بعد نبأ عظيم وخطر شاسع، وهذه من الخطب المستحسنة الموجزة.
وشبهها خطبة أمير المؤمنين على- عليه السّلام- لنفسه فى املاك فاطمة، حدثنا أبو احمد عن أبى الحسين النسابة عن سعيد بن العباس عن الزبير ابن بكار عن عمه قال: سمعت أبا سعيد الأصمعى يقول: لما أملك على بفاطمة- عليهما السلام- قال له النبى:- صلّى الله عليه وسلم- أخطب فقال: الحمد لله شكرا لانعمه وأياديه، وأشهد ان لا اله الا الله شهادة تبلغه وترضيه، وصلّى الله على سيدنا محمد صلاة تزلفه وتحظيه، والنكاح مما أمر الله به ورضيه، واجتماعنا مما قدره الله تعالى وأذن فيه، وان رسول الله زوجنى ابنته فاطمة بصداق اثنتى عشرة أوقيه، فاسألوه واشهدوا.
وقالوا: خطب النبى- صلّى الله عليه وسلم- لما زوج فاطمة، أخبرنا أبو احمد قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن إسماعيل عن الغلابى عن سعيد بن وافد قال: سمعت الحسين بن زيد بن على يقول: سمعت عبد الله بن الحسين بن الحسن بن على- عليهما السلام- يحدث عن زيد بن على عن أبيه عن جده عن جابر قال الغلابى: وحدثنى احمد بن عيسى بن زيد قال: حدثنى الحسين بن زيد عن عمومته وأهله قالوا: ان رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- حين زوج عليا فاطمة خطب فقال: الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المرهوب عقابه، المرغوب اليه فيما عنده، النافذ أمره فى سمائه وأرضه، الذى خلق الخلق بقدرته، ودبرهم بأحكامه، وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيهم، ثم ان الله عز وجل جعل المصاهرة نسبا لاحقا، وأمرا مفترضا نسخ بها الايام «1» وألزمها الأنام، فقال وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً
«1» فأمر الله يجرى الى قضائه، وقضاؤه يجرى الى قدره، وقدره يجرى الى أجله، لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ، يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
«2» ، ثم ان الله تعالى أمرنى ان أزوج فاطمة من على، وقد زوجته على أربعمائة مثقال فضة ان رضى بذلك على، فقال على:- رضى الله عنه- رضيته عن الله ورسوله فقال: جمع الله شملكما، وأسعد جدكما، وأخرج بينكما كثيرا طيبا، «3» قال جابر: فو الذى بعثه بالحق، لقد أخرج بينهما كثيرا طيبا.
وتزوج- صلّى الله عليه وسلم- عائشة بنت أبى بكر بكرا، ولم يتزوج بكرا غيرها ودخل بها ولها تسع سنين، وسودة بنت زمعة بن قيس، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم سلمة واسمها هند بنت أمية بن المغيرة المخزومية، وأم حبيبة بنت أبى سفيان، فهؤلاء ست قرشيات، وزينب بنت جحش، وكانت قبله عند زيد بن الحارثية «4» وهى التى نزل فيها فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها
«5» .
وزينب بنت خزيمة الهلالية، وميمونة بنت الحارث ابن حزن الهلالية، ونكح مما أفاء الله عليه جويرية بنت الحارث بن ضرار الخزاعية، وصفية بنت حيى بن أخطب النضيرية، وريحانة بنت زيد من بنى قينقاع، وتزوج أيضا عمرة بنت يزيد العامرية وكان بها وضح فطلقها، وأسماء بنت النعمان بن الحارث بن الأسود بن شراحيل بن كندى بن الجون بن آكل المرار، وأم شريك وهى التى وهبت له نفسها.
وتوفيت عنده منهن خديجة، وزينب بنت خزيمة، وريحانة، وخلى سبيل العامرية والكندية، وأرجأ ام شريك، وتوفى عن تسع: عائشة وحفصة وأم سلمه وأم حبيبة وسوده وزينب وصفية وميمونة وجويرية، وبعث اليه المقوقس بمارية وأختها سيرين، فاتخذ مارية لنفسه وأولدها ابراهيم- عليه السلام- ووهب سيرين لحسان بن ثابت وهى أم عبد الرحمن.
مصادر و المراجع :
١- الأوائل
المؤلف: أبو هلال
الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)
الناشر: دار
البشير، طنطا
الطبعة: الأولى،
1408 هـ
11 يوليو 2024
تعليقات (0)