المنشورات

أول من قتل بيده الشريفة

وسار رسول الله بأصحابه فى الوادى، وتبعه أبى بن خلف فعطف عليه رسول الله وبيده حربة فطعنه بها طعنة خفيفة فوجد منها ألما شديدا، فقيل له: ما عليك بأس، لو كانت هذه بعين أحدنا لم يألم، فقال: لو أن ما أجده بجميع الناس لماتوا، ثم مات.
فلما أراد المشركون الانصراف أشرف أبو سفيان على أصحاب رسول الله فى عرض الجبل فنادى بأعلى صوته، أعل هبل فقال عمر بن الخطاب: «2» الله أعلى وأجل، فقال: قد أنعمت «3» يا ابن الخطاب، ثم قال: أين ابن أبى كبشة؟ أين ابن أبى قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله وهذا أبو بكر وها أنا ذا عمر فقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر والايام دول، والحرب سجال، «4» فقال عمر: لا سواء قتلانا فى الجنة وقتلاكم فى النار قال: انكم لتقولون ذلك لقد خبنا اذا وخسرنا.
ثم قال: لنا العزى ولا عزى لكم فقال عمر: «5» الله مولانا ولا مولى لكم، ثم قال: قم يا ابن الخطاب أكلمك، فقام فقال: أنشدك بدينك هل قتلنا محمدا؟
فقال: اللهم لا وانه ليسمع كلامك قال: أنت أصدق عندى من ابن قمئة، وكان أخبرهم أنه قتله، ثم قال: ليس الذى تجدونه من المثلة فى قتلاكم من رأى سراتنا «6» ثم أدركته الحمية فقال: بل لم نكره ما كان منها، وانصرف وقال: موعدكم البدر الصغرى فى العام المقبل.
وأخبرنا أبو أحمد عن الفرائى عن الجهنى عن ابن العراج قال: كان المجذر بن زياد قتل سويد بن الصامت فى الجاهلية ثم أسلم، وحضر أحدا مع النبى- صلّى الله عليه وسلم- فلما جال المسلمون تلك الجولة جاء الحارث بن سويد من خلفه فضرب عنقه، وجاء جبريل فأخبر النبى، فخرج رسول الله الى قباء ومعه الناس وفيهم الحارث فى ملحفة مصبوغة، وكان قد أعرس بأهله قبيل ذلك، فقال رسول الله لعويم بن ساعدة: ان قدم الحارث الى باب المسجد فاضرب عنقه بالمجذر فقد قتله فى الشعب، فقال الحارث: والله ما كان قتلى له رجوعا عن الاسلام ولا ارتيابا فيه، ولكنه أمر وكلت فيه الى نفسى وأنا أتوب الى الله تعالى ورسوله، وأؤدى ديته، وأصوم شهرين متتابعين، وأعتق رقبة، وأطعم ستين مسكينا، فلما استوعب رسول الله كلامه وكان الحارث يقول ذلك ويلوذ بركابه، قال رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- عويم، قدمه فاضرب عنقه، فضرب عنقه فقال حسان:
أكنت فى سنة من نوم أوّلكم ... يا جار أم كنت مغترا بجبريل
أم كنت يا ابن سويد حين تقتله ... فى طامس من خلاء الارض مجهول
وقلتم لا نرى والله يبصره ... وعنده محكمات الآى والقيل
محمّد فيكم والله يحبره ... عمّا تكنّ سريرات الاقاويل











مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید