المنشورات
عفا النَّسران بعدك والوحيد ... ولا يبقى لجدَّته جديد
قال جرير يمدح هشام بن عبد الملك:
1 عفا النَّسران بعدك والوحيد ... ولا يبقى لجدَّته جديد
النسران: أراد نسرى الدهناء، وهي أنقاء من الدهناء لبني ضبة.
2 وحيَّيت الديار بصلب رهبي ... وقد كادت معارفها تبيد
3 ألم يك في ثلاث سنين هجر ... فقد طال التجنُّب والصدود
يقول: ألم تكتفي بهجر ثلاث سنين، فأقبلي الآن بالمودة.
4 لعزَّ عليَّ ما جهلوا وقالوا ... أفي تسليمة وجب الوعيد
أراد: لعزَّ على جهلهم وقولهم.
5 ولم يك لو رجعت لنا سلامًا ... مقالٌ في السلام ولا حدود
6 أمن خوف تراقب من يلينا ... كأنك ضامن بدم طريد
الباء ها هنا صلة. يريد: كأنك ضامن دمًا طريدًا، وإن جعله طريدًا بدم، والباء غير مقحمة، فهي ثابتة حينئذ.
7 تصيَّدن القلوب بنبل جنٍّ ... ونرمي بعضهمَّ فلا نصيد
8 بأودٍ والإياد لنا صديق ... نأى عنك الإياد وأين أود
أود والإياد بالحزن في بلاد بني يربوع.
9 نظرنا نار جعدة هل نراها ... أبعد غال ضوءك أم همود
10 لحبَّ الوقدان إليّّ موسى ... وجعدة لو أضاءهما الوقود
موسى ابنه، وجعدة: ابنته.
11 تعرضت الهموم لنا فقالت ... جعادة أيَّ مرتحل تريد
12 فقلت لها الخليفة غير شك ... هو المهديُّ والحكم الرشيد
13 قطعنا الدَّوَّ والأدمى إليكم ... ومطلبكم من الأدمي بعيد
14 نظرت من الرصافة أين حجر ... ورمل بين أهلهما وبيد
15 بها الثيران تحسب حين تضحى ... مرازبةً لها بهراة عيد
شبه بياض الثيران في وضح الشمس برؤساء من رؤساء مجوس هراة.
16 كأن المنعلات وهنَّ خدب ... عصىُّ الضَّال يخبطه الجليد
17 وقد لحق الثمائل بعد بدن ... وقد أفنى عرائكها الوخود
ثمائلها: ما في بطونها من علوفتها. والعريكة: أصل السنام. والوخود جمع وخد: وهو ضرب من السير رفيع. يقال: وخد يخد وخدًا ووخدانا.
18 نقيم لها النهار إذا أدَّلجنا ... ونسري والقطا خرد هجود
الخرد: الساكنة لا تنطق، يقال: أخرد الرجل فهو مخرد: إذا سكت فلم ينطق. والخريدة من هذا وهي الحيية. وأنشد:
هي الهم أما الدل منها فكامل ... مليح وأما صوتها فخريد
19 وكم كلِّفن دونك من سهوب ... تكلُّ بها المواشكة والوخود
المواشكة: السريعة الفعل منه الوشيك.
20 إذا بلغوا المنازل لم تقيَّد ... وفي طول الكلال لها قيود
21 وأعلم أن إذنكم نجاح ... وأني لو بلغتكم سعيد
23 وتبدأ منكم نعم علينا ... وإن عدنا فمنعمكم معيد
ويروى: فأنعمكم تعود.
23 تزيدون الحياة إلي حبًّا ... وذكر من حبائكم حميد
24 لو أنَّ الله فضَّل سعي قوم ... صفت لكم الخلافة والعهود
قال أبو سعيد: يقول: لولا أن الله فضل سعيكم ما صفت لكم الخلافة.
25 على مهل تمكَّن في قريش ... لكم عظم الدسائع والرُّفود
26 هشام الملك والحكم المصفَّى ... يطيب إذا نزلت به الصعيد
27 يعمُّ على البرية منك فضل ... وتطرق من مخافتك الأسود
28 وإن أهل الضلالة خالفوكم ... أصابهم كما لقيت ثمود
29 وأمَّا من أطاعكم فيرضى ... وذو الأضغان يخضع مستقيد
يريد وهو مستقيد.
30 وتأخذ بالوثيقة ثم تمضي ... إذا ازدحمت لدى الحرب الجنود
31 لكم عندي مشايعة وشكر ... إلى مدح يراح لها النشيد
يراح: يطرب ويهتز.
32 بنى مروان بيتك في المعالي ... وعائشة المباركة الولود
أراد عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاصي أم عبد الملك.
33 وأورثك المكارم في قريش ... هشام والمغيرة والوليد
أراد هشام بن الوليد بن المغيرة جدَّه من قبل أمه، وأمه أم هشام بنت هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة.
34 وفي آل المغيرة كان قدمًا ... وفي الأعياص مكرمة وجود
35 ومن ذبيان تمّ لكم بناء ... على علياء ذو شرف مشيد
36 وإن حلبت سوابق كل حي ... سبقت وأنت ذو الخصل المعيد
الخصل: السبق. أراد أنه يسبق مرة بعد مرة.
37 فزاد الله ملككم تمامًا ... من الله الكرامة والمزيد
38 فيابن الأكرمين إذا نسبتم ... وفي الأثرين إن حسب العديد
39 شققت من الفرات مباركات ... جواري قد بلغن كما تريد
أراد الهنئ والمرئ نهرين لهشام.
40 وسخِّرت الجبال وكنَّ خرسًا ... يقطَّع في مناكبها الحديد
41 فبلغت من الهنيء فقلت شكرًا ... هناك وسهِّل الجبل الصَّلود
الصلود: اليابس.
42 بها الزيتون في غلل ومالت ... عناقيد الكروم فهنَّ سود
الغلل: الماء الجاري تحت الشجر على وجه الأرض.
43 فتمَّت في الهنيء جنان دنيا ... فقال الحاسدون هي الخلود
44 يعضُّون الأنامل أن رأوها ... بساتينًا يوازرها الحصيد
45 ومن أزواج فاكهة ونخل ... يكون لحمله طلع نضيد
الأزواج جمع زوج هما النوعان من جنس واحد.
46 تهنَّأ للخليفة كلُّ نصر ... وعافية يجيء بها البريد
47 رضينا أنَّ سيبك ذو فضول ... وأنك عن محارمنا تذود
48 وأنكم الحماة بكل ثغر ... إذا ابتلَّت من العرق اللُّبود
مصادر و المراجع :
١- ديوان جرير بشرح محمد بن
حبيب
المحقق: د. نعمان
محمد أمين طه
الناشر: دار
المعارف، القاهرة - مصر
الطبعة: الثالثة
12 يوليو 2024
تعليقات (0)