المنشورات
اِلْتِبَاسِ الأَمْر وَوُضُوحِهِ
يُقَالُ قَدْ اِلْتَبَسَ الأَمْر، وَأَشْكَلَ، وَاشْتَبَهَ، وَاخْتَلَطَ، وَالْتَبَكَ، وَالْتَاثَ، وَارْتَجَنَ، وَمَرِجَ، وَأَخَالَ، وَاسْتَبْهَمَ، وَاسْتَعْجَمَ، وَاسْتَغْلَقَ، وَغَمَضَ، وَغُمَّ، وَعُمِّيَ.
وَقَدْ اِسْتَبْهَمَتْ وُجُوه الأَمْرِ، وَخَفِيَتْ أَعْلامه، وَضَلَّتْ صُوَاهُ، وَتَنَكَّرَتْ مَعَالِمه، وَاسْتَعْجَمَتْ مَذَاهِبه، وَعُمِّيَتْ مَسَالِكه، وَاسْتَسَرَّتْ آثَاره، وَغَامَ أُفُقه، وَأَدْجَنَتْ سَمَاؤُهُ.
وَهَذَا أَمْر لَبِك، غَامِض، مُبْهَم، مَرِيج، وَفِيهِ لَبْس، وَلُبْسَة، وَغُمَّة، وَغُمُوض، وَشُبْهَة.
وَهُوَ مِنْ مُتَشَابِهَات الأُمُور، وَمُشْتَبِهَات الأُمُورِ، وَمُشَبِّهَاتهَا، وَأَحْنَائِها، وَهَذِهِ أُمُور أَشْكَال.
وَيُقَالُ هَذَا أَمْر مُحْلِف أَيْ مُلْتَبِس يَحْلِفُ أَحَد الرَّجُلَيْنِ أَنَّهُ كَذَا وَالآخَر أَنَّهُ كَذَا، يُقَالُ كُمَيْت مُحْلِف إِذَا كَانَ بَيْنَ الأَحْوَى وَالأَحَمِّ، وَغُلام مُحْلِف إِذَا شُكَّ فِي بُلُوغِهِ، وَيُقَالُ أَيْضاً أَمْر مُحْنِث أَيْ مُحْلِف لِحِنْثِ أَحَد الْحَالِفَيْنِ فِيهِ.
وَتَقُولُ مَا لِهَذَا الأَمْر مُطَّلَع أَيْ مَأْتىً وَوَجْه، وَمِنْ أَيْنَ مُطَّلَع هَذَا الأَمْر، وَهَذَا أَمْر لَيْسَ لَهُ قِبْلَة وَلا دِبْرَة أَيْ لا يُعْرَفُ وَجْهُهُ.
وَتَقُولُ فُلان عَلَى لَبْس مِنْ أَمْرِهِ، وَعَلَى حَيْرَة مِنْهُ، وَعَلَى غُمَّة، وَإِنَّهُ لَفِي غُمَّة مَنْ أَمْرِهِ، وَفِي شُبْهَةٍ مِنْهُ، وَهُوَ فِي عَشْوَاء مِنْ أَمْره، وَإِنَّهُمْ لَفِي غَمَّاء مِنْ الأَمْرِ، أَيْ فِي أَمْرٍ مُلْتَبِسٍ.
وَقَدْ رَبِكَ الرَّجُل فِي أَمْرِهِ، وَارْتَبَكَ، وَحَارَ يَحَارُ، وَتَحَيَّرَ، وَسَدِرَ، وَعَمِهَ، وَتَاهَ، وَتَعَسَّفَ، وَالْتَبَسَتْ عَلَيْهِ وِجْهَته، وَضَلَّ وِجْهَةَ أَمْرِهِ، وَاخْتَلَطَتْ عَلَيْهِ أُمُورُهُ، وَفَشَتْ، وَانْتَشَرَتْ.
وَيُقَالُ فَشَتْ عَلَيْهِ الضَّيْعَة أَيْ انْتَشَرَتْ عَلَيْهِ أُمُورُهُ فَلا يَدْرِي بِأَيِّهَا يَأْخُذُ.
وَانْثَالَ عَلَيْهِ الْقَوْل إِذَا تَتَابَعَ وَكَثُرَ فَلا يَدْرِي بِأَيِّهِ يَبْدَأُ.
وَيُقَالُ رَابَ الرَّجُل فِي أَمْرِهِ يَرُوبُ إِذَا اِخْتَلَطَ عَقْله وَرَأْيه، وَهُوَ فِي هَذَا الأمْرِ خَابِط لَيْل، وَحَاطِب لَيْل، وَرَاكِب عَشْوَاء وَعُشْوَة، وَرَاكِب عَمْيَاءَ، وَقَدْ أَصْبَحَ أَحْيَرَ مِنْ ضَبّ، وَأَصْبَحَ لا يَعْلَمُ قَبِيلا مِنْ دَبِير.
وَيُقَالُ إِذَا اِلْتَبَسَ الأَمْر قَدْ اِخْتَلَطَ الْمَرْعِيّ بِالْهَمَلِ، وَاخْتَلَطَ اللَّيْلُ بِالتُّرَابِ، وَاخْتَلَطَ الْحَابِل بِالنَّابِل، وَاخْتَلَطَ الْخَاثِر بِالزُّبَادِ.
وَيُقَالُ لَبَسَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَلَبَّسَهُ، وَشَبَّهَهُ،وَأَبْهَمَهُ، وَوَرَّاهُ، وَعَمَّى عَلَيْهِ الأَمْر وَالْكَلام، وَعَمَّى وَجْهه، إِذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ.
وَعَايَاهُ مُعَايَاة إِذَا أَلْقَى عَلَيْهِ كَلاماً أَوْ عَمَلا لا يَهْتَدِي لِوَجْهِهِ.
وَيُقَالُ اِسْتَحْكَمَ عَلَيْهِ كَلامُهُ أَيْ الْتَبَسَ.
وَكِتَابُ فُلانٍ أَعْجَم إِذَا لَمْ يُفْهَمْ مَا كَتَبَ.
وَنَظَرْتُ فِي الْكِتَابِ فَعَجَمْتُهُ أَيْ لَمْ أَقِفْ عَلَى حُرُوفِهِ حَقّ الْوُقُوفِ.
وَفُلانٌ إِذَا تَكَلَّمَ جَمْجَمَ وَإِذَا كَتَبَ مَجْمَجَ أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ كَلامَهُ وَخَطَّهُ. وَيُقَالُ فِي ضِدِّ ذَلِكَ هَذَا أَمْر وَاضِح، وَوَضَّاح، نَاصِع، أَبْلَج، ظَاهِر، بَيِّن، وَمُبِين، صَرِيح، جَلِيّ، وَإِنَّهُ لَوَاضِح الْمَعَالِمِ، ظَاهِر الرُّسُومِ، لا تُخَالِطُهُ شُبْهَة، وَلا تُلابِسُهُ غُمَّة، وَلا تَعْتَرِيه لُبْسَة.
وَقَدْ وَضَحَ الأَمْر، وَاتَّضَحَ، وَظَهَرَ، وَبَانَ، وَأَبَانَ، وَبَيَّنَ، وَتَبَيَّنَ، وَاسْتَبَانَ، وَنَصَعَ، وَأَسْفَرَ، وَأَشْرَقَ، وَانْجَلَى، وَانْكَشَفَ، وَانْصَرَحَ، وَصَرَّحَ.
وَتَقُولُ قَدْ آذَنَ الأَمْر بِالْجَلاءِ، وَانْجَلَتْ عَنْهُ الشُّبُهَاتُ، وَنُفِضَ عَنْهُ غُبَار اللَّبْس، وَبَرَزَ عَنْ ظِلّ الإِشْكَال، وَخَرَجَ مِنْ ظُلُمَات الْغُمُوض، وَانْحَسَرَتْ عَنْهُ ظِلال الإِبْهَام، وَانْزَاحَ عَنْهُ حِجَاب الرَّيْب، وَانْجَلَتْ عَنْهُ سُدْفَة الشَّكّ، وَخَلَصَ إِلَى نُور الْبَيَان، وَسَطَعَتْ عَلَيْهِ أَشِعَّة الظُّهُور.
وَقَدْ أَوْضَحْتُ الأَمْرَ، وَوَضَّحْتُهُ، وَأَظْهَرْتُهُ، وَأَبَنْتُهُ، وَبَيَّنْتُهُ وَصَرَّحْتُهُ، وَجَلَوْتُهُ، وَجَلَّيْتُهُ، وَكَشَفْتُ عَنْهُ، وَأَعْرَبْتُ عَنْهُ، وَأَفْصَحْتُ عَنْ مَضْمُونِهِ، وَأَظْهَرْتُ مَكْنُونَه، وَأَبْدَيْتُ سِرّه، وَأَبْرَزْتُ دُخْلَته، وَحَلَلْتُ رُمُوزَهُ، وَجَلَوْتُ غَامِضه، وَفَكَكْتُ مُشْكِله، وَأَوْضَحْتُ مِنْهَاجَهُ، وَأَمَطْتُ حِجَابه، وَكَشَفْتُ عَنْهُ الْقِنَاع، وَحَسَرْتُ عَنْهُ اللِّثَام، وَنَفَيْتُ عَنْهُ مُعْتَلِج الرَّيْب.
وَقَدْ اِنْدَفَعَ الإِشْكَال، وَانْدَرَأَتْ الشُّبْهَة، وَبَرِحَ الْخَفَاء، وَانْكَشَفَ الْمُوَرَّى، وَاتَّضَحَ الْمُعَمَّى، وَصَرَّحَ الْحَقّ عَنْ مَحْضِهِ، وَأَبْدَتْ الرُّغْوَة عَنْ الصَّرِيحِ، وَبَيَّنَ الصُّبْح لِذِي عَيْنَيْنِ.
وَهَذَا أَمْر لا يَخْتَلِفُ فِيهِ اِثْنَانِ، وَلا يَتَمَارَى فِيهِ اِثْنَانِ، وَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُوَضَّحَ، وَأَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُبَيَّنَ، وَهُوَ أَبْيَنُ مَنْ فَلَق الصُّبْح، وَمِنْ فَرَق الصُّبْحِ، وَمِنْ عَمُود الصُّبْحِ، وَهُوَ كَالشَّمْسِ فِي رَيْعَان الضُّحَى.
وَتَقُولُ قَدْ أَسْفَرَ الأَمْرُ عَنْ كَذَا، وَافْتَرَّ عَنْ كَذَا.
وَفَعَلْتُ كَذَا عَنْ بَيَانٍ، وَعَنْ بَيِّنَة، وَفَعَلْتُهُ غِبّ صَادِقَة أَيْ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لِي الأَمْر.
وَقَدْ اسْتَبَنْتُ الأَمْر، وَتَوَضَّحْتُهُ، وَتَبَيَّنْتُهُ، وَبَدَتْ لِي شَوَاكِل الأَمْر، وَاسْتَبَنْتُ الرُّشْد مِنْ أَمْرِي.
وَيُقَالُ فَرَق لِي الطَّرِيق فُرُوقًا إِذَا اتَّجَهَ لَك طَرِيقَانِ وَاسْتَبَنْتَ مَا يَنْبَغِي سُلُوكُهُ مِنْهُمَا.
وَقَدْ اِسْتَبْصَرَ الطَّرِيق إِذَا وَضَحَ وَاسْتَبَانَ.
مصادر و المراجع :
١- نجعة الرائد وشرعة
الوارد في المترادف والمتوارد
المؤلف: إبراهيم
بن ناصف بن عبد الله بن ناصف بن عبد الله بن ناصف بن جنبلاط بن سعد الْيَازِجِيّ
الْحِمْصِيّ نصراني الديانة (المتوفى: 1324هـ)
الناشر: مطبعة
المعارف، مصر
عام النشر: 1905
م
17 يوليو 2024
تعليقات (0)