المنشورات

ابْن الْأَصَم

هُوَ من الْأَطِبَّاء الْمَشْهُورين بأشبيلية وَله خبْرَة فِي صناعَة الطِّبّ وَقُوَّة نظر فِي الِاسْتِدْلَال على الْأَمْرَاض ومداواتها
وَله حكايات مَشْهُورَة ونوادر كَثِيرَة فِي مَعْرفَته بِالْقَوَارِيرِ وإخباره عِنْدهَا يَرَاهَا بجملة حَال الْمَرِيض وَمَا يشكوه وَمَا كَانَ قد تنَاوله من الأغذية
وحَدثني أَبُو عبد الله المغربي قَالَ كنت يَوْمًا عِنْد ابْن الْأَصَم وَإِذا بِجَمَاعَة قد أَقبلُوا إِلَيْهِ وَمَعَهُمْ رجل على دَابَّة وَهُوَ منْكب عَلَيْهَا فَلَمَّا وصلوا وجدنَا ذَلِك الرجل وَفِي فَمه حَيَّة قد دخل بَعْضهَا مَعَ رَأسهَا فِي حلقه وبقيتها ضاهرة وَهِي مربوطة بخيط قنب إِلَى ذِرَاع الرجل فَقَالَ مَا شَأْن هَذَا فَقَالُوا لَهُ إِن عَادَته ينَام وفمه مَفْتُوح وَكَانَ قد أكل لَبَنًا فَنَامَ فَلَمَّا جَاءَت هَذِه الْحَيَّة لعقت فَمه وداخل فَمه وَهُوَ نَائِم
وَلما أحست بِمن أَتَى خَافت وانساب بَعْضهَا فِي حلقه وأدركناها فربطناها بِهَذَا الْخَيط لِئَلَّا تدخل فِي حلقه
فَلَمَّا نظر إِلَى ذَلِك الرجل وجده وَهُوَ فِي الْمَوْت من الْخَوْف فَقَالَ لَهُ مَا عَلَيْك كدتم تهلكون الرجل
ثمَّ قطع الْخَيط فانسابت الْحَيَّة فِي حلقه واستقرت فِي معدته فَقَالَ لَهُ الْآن تَبرأ
وَأمره أَن لَا يَتَحَرَّك وَأخذ أدوية وعقاقير فأغلاها فِي مَاء غليا جيدا وَجعل ذَلِك المَاء فِي إبريق وسقاه الرجل وَهُوَ حَار فشربه وَصَارَ يحبس معدته حَتَّى قَالَ مَاتَت الْحَيَّة
ثمَّ سقَاهُ مَاء آخر مغليا فِيهِ حوائج وَقَالَ هَذِه تهرئ الْحَيَّة مَعَ هضم الْمعدة
وصبر مِقْدَار ساعتين وسقاه مَاء قد أغلي فِيهِ أدوية مقيئة فَجَاشَتْ نفس الرجل وذرعه الْقَيْء فعصب عَيْنَيْهِ وَبَقِي يتقيأ فِي طشت فَوَجَدنَا فِيهِ الْحَيَّة وَهِي قطع وَهُوَ يَأْمُرهُ بِكَثْرَة الْقَيْء حَتَّى تنظفت معدته وَخرجت بقايا الْحَيَّة فَقَالَ لَهُ طب نفسا فقد تعافيت وَذهب الرجل مطمئنا صَحِيحا بعد أَن كَانَ فِي حَالَة الْمَوْت














مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید