المنشورات
الرجاء والجمع بينه وبين الخوف من الله
قال تعالى: في صفة المؤمنين: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}، وقال حكيم: ارْجُ إذا خِفت وخَفْ إذا رجوت، وكُنْ كالمرأة الحامل ليس رجاؤُها أن تلدَ ولداً ذكراً بأكثرَ مِنْ خوفِها أن تلدَ أنثى. وقريب من هذا قولُ رجلٍ لابنه: خَفِ اللهَ خوفاً لا يمنعك من الرجاء، وارْجُه رجاءً لا يمنعك من الخوف، فالمؤمن له قلبان: يرجوه أحدُهما ويخافُه الآخرُ وقال:
أنا بينَ الرجاءِ والخوفِ منه ... واقِفٌ بين وَعْدِه والوَعيدِ
وقال أبو نواس:
لا تَحْظُرِ العَفْوَ إنْ كنتَ امْرَءاً حَرِجاً ... فإنَّ حَظْرَكَهُ بالدِّينِ إزْراءُ
وقال أيضاً:
يا كثيرَ الذَّنْبِ عَفْوُ اللهِ مِنْ ذَنْبِكَ أكْثَرْ
وقال:
تَبَسَّطْنا على الآثامِ لمَّا ... رأيْنا العفوَ من ثَمَرِ الذُّنوبِ
وقال:
تَكثَّرْ ما اسْتَطَعْتَ مِنَ الخَطايا ... فإنَّك بالِغٌ رَبَّاً غَفورا
سَتُبْصِرُ إنْ وَرَدْتَ عليهِ عَفْواً ... وتَلْقَى سيِّداً مَلِكاً كَبيرا
تَعَضُّ نَدامةً كفّيْك ممّا ... تركتَ مخافةَ النّارِ السُّرُورا
وفي الأثر: ما أُحِبُّ أنَّ ليَ الدُّنيا وما فيها بهذه الآية: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. . . وقال ابن عباس لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أيُّ آيةٍ أرجى؟ قال: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}، فقال: إنَّ هذه لمَرْجوّةٌ، وأرجى منها قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ}. . وقال أعرابي لابن عباس: من يحاسب الخلقَ يوم القيامة؟ قال: يحاسبهم الله تعالى قال: نجونا وربِّ الكعبة، فقال: كيف! قال: إنَّ الكريمَ إذا قدر غَفَر. . . وسمع أعرابي عبد الله بن عباس يقرأ قولَ اللهِ تعالى: {وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا}، فقال: والله ما أنقذنا منها وهو يريد أن يلقينا فيها! فقال ابن عباس: خُذوه من غَيْرِ فقيهٍ. . .
مصادر و المراجع :
١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع
المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر
عدد الأجزاء: 2
29 أكتوبر 2024
تعليقات (0)