المنشورات

عذر من يلبس الدروع

ونحوها في الحرب والمُستغني بشجاعته ويقينِه عنها
قال أبو تمام في المُستغني بجلادته عن الدروع:
إذا رأوْا لِلْمَنايا عارِضاً لَبِسوا ... مِنَ اليَقينِ دُروعاً ما لها زَرَدُ
وسُئلَ بعضُ الأبطال: في أيِّ الجُنَنِ تُحبُّ أن تلقى عدوَّك؟ قال: في أجلٍ مُسْتأخرٍ. . . . وقيل لآخرَ: لَوِ احْترسْتَ! فقال: كفى بالأجلِ حارِساً. . .
ومِمّا يُؤثر في كثرةِ لِبْسِ الدُّروعِ والاستعدادِ للحرب أبداً قولُ مسلم بن الوليد من قصيدته التي يمدح بها يَزيدَ بن مزيد الشيبانيّ وهو ابْن أخي معن بن زائدة:
تَراه في الأمْنِ في دِرْعٍ مُضاعَفَةٍ ... لا يأمَنُ الدَّهْرَ أنْ يُدْعى على عَجَلِ
وبعده:
لا يَعْبَقُ الطِّيبُ خدِّيْهِ ومَفْرِقَهُ ... ولا يُمَسِّحُ عَيْنَيْه مِنَ الكَحَلِ
يُروى أنَّ عمَّه مَعْنَ بنَ زائدة كان يقدِّمه على أولاده فعاتَبَتْه إمرأتُه في ذلك، فقال لها: فأريكِ ما تَبْسطينَ به عُذْري، يا غلامُ، اذهبْ فادْعُ حسّاساً وزائدة وعبد الله وفلاناً وفلاناً حتّى أتى على جميع أولاده فلم يَلْبثوا أن جاؤوا في الغلائِلِ المُطَيَّبة والنِّعالِ السِّنديَّة، وذلك بعد هُدْأةٍ من الليل، فسلَّموا وجلسوا، ثم قال مَعْن، يا غُلام، ادْعُ يَزيدَ، فلم يلبث أنْ دخَلَ عَجِلاً وعليه سلاحُه، فوضع رُمْحَه بباب المجلس، ثم دخل، فقال معنٌ له: ما هذه الهيئة يا أبا الزُّبير، فقال: جاءني رسول الأمير فَسَبقَ وَهْمي إليَّ أنه يريدني لمُهِمٍّ فلبستُ سلاحي وقلت: إنْ كان الأمر كذلك مضيت ولم أعَرِّجْ وإنْ كان غيرَ ذلك فنزعُ هذه الآلةِ عنّي من أيسرِ الأشياء، فقال معن: انصرفوا في حفظ الله، فلمّا خرجوا قالت زوجتُه قد تبيَّنَ لي عذرُك، فأنشد متمثِّلاً:
نَفْسُ عِصامٍ سَوَّدَتْ عِصاماً ... وعَلَّمَتْه الكَرَّ والإقْداما
وصَيَّرَتْهُ مَلِكاً هُماماً
وإلى ذلك أشار مُسلم بالبيتين المَذْكورين. ويُروى: أنَّ مُسلماً لمّا انْتَهى في إنشادِ هذه القصيدة إلى البيت الأول قال له يزيدُ الممدوح: هلا قُلْتَ كما قال أعشى بكرِ بنِ وائل في مدحه قيسَ بنَ معد يكرب:
وإذا تُجيءُ كَتيبةٌ مَلْمومةٌ ... شَهْباءُ تَجْتَنِبُ الكُماةُ نِزالَها
كَنْتَ المُقدَّمَ غَيْرَ لابِسِ جُنَّةٍ ... بالسَّيْفِ تَضْرِبُ مُعْلَماً أبطالَها 

فقال مسلم: قولي أحسنُ من قوله لأنّه وصفه بالخُرْق وأنا وصفتُه بالحَزْم. ويُروى مثلُ هذا لعبد الملك بن مروان مع كُثيِّر عزّة. . . 














مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید