المنشورات
تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت … كأنّه منهل بالرّاح معلول شجّت بذي شبم من ماء محنية … صاف بأبطح أضحى وهو مشمول
البيتان لكعب بن زهير. قوله: «تجلو»، أي: تكشف، ومنه: جلوت الخبر، أي:
أوضحته وكشفته، وجلا الخبر نفسه، أي: اتّضح وانكشف، يتعدّى، ولا يتعدى، ومصدرهما «الجلاء» بالفتح والمد؛ ولهذا سمّي الإقرار بالشيء جلاء؛ لأنه يكشف الحق ويوضحه، قال زهير:
فإنّ الحقّ مقطعه ثلاث … يمين أو شهود أو جلاء
وعن عمر رضي الله عنه: أنّه لما سمع هذا البيت، قال: لو أدركته، لولّيته القضاء؛ لمعرفته بما يثبت به الحقوق.
ومثل هذا البيت في استيفاء الأقسام قول نصيب:
فقال فريق القوم لا وفريقهم … نعم وفريق قال ويحك ما ندري
فاستوفى ما يذكر في جواب الأسئلة. وروى الأخفش هذا البيت:
فقال فريق القوم لمّا نشدتهم … نعم وفريق لا يمن الله ما ندري
واستدلّ به على أنّ همزة «أيمن الله» همزة وصل؛ لإسقاطها في الدرج.
ويقال: جلوت بصري بالكحل، وسيفي بالصقل، وهمي بكذا جلاء بالكسر والمد.
وجملة «تجلو» مستأنفة، أو خبر آخر عن «سعاد»، عند من أجاز تعدّد الخبر مختلفا بالإفراد والجملة. وضمير «تجلو» المستتر عائد على «سعاد» في مطلع القصيدة. وتجلو:
تكشف، من جلوت العروس، إذا أبرزتها. والعوارض: جمع عارض، ما بعد الأنياب من الأسنان، وذي بمعنى صاحب، وموصوفه محذوف، أي: عارض ثغر ذي ظلم، وهو ماء الأسنان. والمنهل: إذا أورده النّهل، وهو الشرب الأول. والعلل: الشرب الثاني.
والمعنى: تشبيه ريح فمها بريح الخمر الطيبة، وهو ذوق فاسد؛ لأن رائحة الخمر كريهة عند من لا يشربها.
وقوله: شجّت: بالبناء للمجهول، ونائب الفاعل ضمير الخمر، أي: مزجت. والجملة حال من الراح، بتقدير «قد».
وقوله: بذي شبم، أي: بماء ذي شبم، أي: ماء بارد. ومحنية: ما انعطف من الوادي وانحنى منه. والأبطح: مسيل واسع فيه دقاق الحصا. والمشمول: الذي هبت عليه ريح الشمال. وجملة «وهو مشمول»: حال من ضمير «أضحى» التامة، ولا مانع أن تكون ناقصة مع الجملة الحالية. فإن قوله: «بأبطح» صالح لأن يكون خبرا ل «أضحى».
مصادر و المراجع :
١- شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية
«لأربعة آلاف شاهد شعري»
المؤلف:
محمد بن محمد حسن شُرَّاب
31 أغسطس 2023
تعليقات (0)