المنشورات
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ) : فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ الَّذِينَ مُبْتَدَأٌ ; وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ حُكْمُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ; وَمِثْلُهُ: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) [الْمَائِدَةِ: 38] وَ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) [النُّورِ: 2] وَقَوْلُهُ: (يَتَرَبَّصْنَ) بَيَانُ الْحُكْمِ الْمَتْلُوِّ. وَهَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُبْتَدَأَ مَحْذُوفٌ، وَالَّذِينَ قَامَ مَقَامَهُ ; تَقْدِيرُهُ: وَأَزْوَاجُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ، وَالْخَبَرُ (يَتَرَبَّصْنَ) ، وَدَلَّ عَلَى الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ: (وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا) .
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الَّذِينَ مُبْتَدَأٌ، وَ (يَتَرَبَّصْنَ) : الْخَبَرُ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: يَتَرَبَّصْنَ بَعْدَهُمْ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ. وَالرَّابِعُ: أَنَّ الَّذِينَ مُبْتَدَأٌ، وَتَقْدِيرُ الْخَبَرِ أَزْوَاجُهُمْ يَتَرَبَّصْنَ، فَأَزْوَاجُهُمْ مُبْتَدَأٌ، وَيَتَرَبَّصْنَ الْخَبَرُ، فَحُذِفَ الْمُبْتَدَأُ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ.
وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ تَرَكَ الْإِخْبَارَ عَنِ (الَّذِينَ) ، وَأَخْبَرَ عَنِ الزَّوْجَاتِ الْمُتَّصِلِ ذِكْرُهُنَّ بِالَّذِينِ ; لِأَنَّ الْحَدِيثَ مَعَهُنَّ فِي الِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ، فَجَاءَ الْإِخْبَارُ عَمَّا هُوَ الْمَقْصُودُ ; وَهَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى ضَمِّ الْيَاءِ فِي (يُتَوَفَّوْنَ) عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.
وَيُقْرَأُ بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ ; وَالْمَعْنَى: يَسْتَوْفُونَ آجَالَهُمْ.
وَ (مِنْكُمْ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْفَاعِلِ الْمُضْمَرِ.
(وَعَشْرًا) : أَيْ عَشَرَ لَيَالٍ ; لِأَنَّ التَّارِيخَ يَكُونُ بِاللَّيْلَةِ إِذَا كَانَتْ هِيَ أَوَّلُ الشَّهْرِ وَالْيَوْمُ تَبَعٌ لَهَا. (بِالْمَعْرُوفِ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُؤَنَّثِ فِي الْفِعْلِ، أَوْ مَفْعُولٌ بِهِ، أَوْ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
11 ديسمبر 2023
تعليقات (0)