المنشورات
(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقَدْ فَرَضْتُمْ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ. (فَنِصْفُ) : أَيْ فَعَلَيْكُمْ نِصْفُ، أَوْ فَالْوَاجِبُ نِصْفُ.
وَلَوْ قُرِئَ بِالنَّصْبِ لَكَانَ وَجْهُهُ: فَأَدُّوا نِصْفَ مَا فَرَضْتُمْ.
(إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) : أَنْ وَالْفِعْلُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، وَالتَّقْدِيرُ: فَعَلَيْكُمْ نِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا فِي حَالِ الْعَفْوِ، وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ: «إِلَّا أَنْ يَخَافَا» بِأَبْسَطِ مِنْ هَذَا.
وَالنُّونُ فِي «يَعْفُونَ» ضَمِيرُ جَمَاعَةِ النِّسَاءِ، وَالْوَاوُ قَبْلَهَا لَامُ الْكَلِمَةِ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ هُنَا
مَبْنِيٌّ ; فَهُوَ مِثْلُ يَخْرُجْنَ وَيَقْعُدْنَ، فَأَمَّا قَوْلُكَ الرِّجَالُ يَعْفُونَ ; فَهُوَ مِثْلُ النِّسَاءِ يَعْفُونَ فِي اللَّفْظِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لَهُ فِي التَّقْدِيرِ ; فَالرِّجَالُ يَعْفُونَ أَصْلُهُ يَعْفُوُونَ مِثْلُ يَخْرُجُونَ، فَحُذِفَتِ الْوَاوُ الَّتِي هِيَ لَامُ الْفِعْلِ، وَبَقِيَتْ وَاوُ الضَّمِيرِ، وَالنُّونُ عَلَامَةُ الرَّفْعِ، وَفِي قَوْلِكَ: النِّسَاءُ يَعْفُونَ ; لَمْ يُحْذَفْ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا. (وَأَنْ تَعْفُوا) : مُبْتَدَأٌ، وَ (أَقْرَبُ) : خَبَرُهُ، وَ (لِلتَّقْوَى) : مُتَعَلِّقٌ بِأَقْرَبُ.
وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ أَقْرَبُ مِنَ التَّقْوَى ; وَأَقْرَبُ إِلَى التَّقْوَى، إِلَّا أَنَّ اللَّامَ هُنَا تَدُلُّ عَلَى مَعْنًى غَيْرِ مَعْنَى إِلَى وَغَيْرِ مَعْنَى مِنْ ; فَمَعْنَى اللَّامُ الْعَفْوُ أَقْرَبُ مِنْ أَجْلِ التَّقْوَى، فَاللَّامُ تَدُلُّ عَلَى عِلَّةِ قُرْبِ الْعَفْوِ، وَإِذَا قُلْتَ أَقْرَبُ إِلَى التَّقْوَى كَانَ الْمَعْنَى مُقَارِبُ التَّقْوَى، كَمَا تَقُولُ أَنْتَ أَقْرَبُ إِلَيَّ، وَأَقْرَبُ مِنَ التَّقْوَى، يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْعَفْوُ وَالتَّقْوَى قَرِيبَيْنِ، وَلَكِنَّ الْعَفْوَ أَشَدُّ قُرْبًا مِنَ التَّقْوَى. وَلَيْسَ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذَا، بَلْ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ.
وَتَاءُ التَّقْوَى مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ ; وَوَاوُهَا مُبْدَلَةٌ مِنْ يَاءٍ ; لِأَنَّهُ مِنْ وَقَيْتُ.
(وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ) : فِي «وَلَا تَنْسَوْا» مِنَ الْقِرَاءَاتِ وَوَجْهُهَا مَا ذَكَرْنَاهُ فِي «اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ» .
(بَيْنَكُمْ) : ظَرْفٌ لِتَنْسَوْا أَوْ حَالٌ مِنَ الْفَضْلِ وَقُرِئَ: «وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ» عَلَى بَابِ الْمُفَاعَلَةِ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمُتَارَكَةِ، لَا بِمَعْنَى السَّهْوِ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
11 ديسمبر 2023
تعليقات (0)