المنشورات
(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ
قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (طَالُوتَ) : هُوَ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ ; مَعْرِفَةٌ فَلِذَلِكَ لَمْ يَنْصَرِفْ، وَلَيْسَ بِمُشْتَقٍّ مِنَ الطُّولِ، كَمَا أَنَّ إِسْحَاقَ لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ مِنَ السَّحْقِ، وَإِنَّمَا هِيَ أَلْفَاظٌ تُقَارِبُ أَلْفَاظَ الْعَرَبِيَّةِ.
وَ (مَلِكًا) : حَالٌ، وَ (أَنَّى) : بِمَعْنَى أَيْنَ، أَوْ بِمَعْنَى كَيْفَ، وَمَوْضِعُهَا نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْمَلِكِ، وَالْعَامِلُ فِيهَا «يَكُونُ» ; وَلَا يَعْمَلُ فِيهَا وَاحِدٌ مِنَ الظَّرْفَيْنِ ; لِأَنَّهُ عَامِلٌ مَعْنَوِيٌّ، فَلَا يَتَقَدَّمُ الْحَالُ عَلَيْهِ. وَ (يَكُونُ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ النَّاقِصَةَ فَيَكُونُ الْخَبَرُ «لَهُ» ،
وَ «عَلَيْنَا» حَالٌ مِنَ الْمَلِكِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ يَكُونُ أَوِ الْخَبَرُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ عَلَيْنَا، وَلَهُ حَالٌ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ التَّامَّةَ، فَيَكُونُ لَهُ مُتَعَلِّقًا بِيَكُونُ، وَعَلَيْنَا حَالٌ، وَالْعَامِلُ فِيهِ يَكُونُ.
(وَنَحْنُ أَحَقُّ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَالْيَاءُ وَمِنْ يَتَعَلَّقَانِ بِأَحَقَّ.
وَأَصْلُ السَّعَةِ وَسَعَةٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَحَقُّهَا فِي الْأَصْلِ الْكَسْرُ، وَإِنَّمَا حُذِفَتْ فِي الْمَصْدَرِ لَمَّا حُذِفَتْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَأَصْلُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْكَسْرُ، وَهُوَ قَوْلُكَ: يَسَعُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ تُحْذَفْ، كَمَا لَمْ تُحْذَفْ فِي يَوْجَلُ وَنَوْجَلُ، وَإِنَّمَا فُتِحَتْ مِنْ أَجْلِ حَرْفِ الْحَلْقِ فَالْفَتْحَةُ عَارِضَةٌ، فَأَجْرَى عَلَيْهَا حُكْمَ الْكَسْرَةِ، ثُمَّ جُعِلَتْ فِي الْمَصْدَرِ مَفْتُوحَةً ; لِتُوَافِقَ الْفِعْلَ، وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَكَ: وَعَدَ يَعِدُّ مَصْدُرُهُ عِدَةٌ بِالْكَسْرِ لَمَّا خَرَجَ عَلَى أَصْلِهِ.
وَ (مِنَ الْمَالِ) : نَعْتٌ لِلسَّعَةِ. (فِي الْعِلْمِ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِلْبَسْطَةِ ; وَأَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِهَا.
وَ (وَاسِعٌ) : قِيلَ: هُوَ عَلَى مَعْنَى النَّسَبِ ; أَيْ هُوَ ذُو سَعَةٍ.
وَقِيلَ: جَاءَ عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ، وَالْأَصْلُ أَوْسَعُ فَهُوَ مُوَسَّعٌ.
وَقِيلَ: هُوَ فَاعِلُ وَسِعَ ; فَالتَّقْدِيرُ: عَلَى هَذَا وَاسِعُ الْحِلْمِ ; لِأَنَّكَ تَقُولُ وَسِعَنَا حِلْمُهُ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
11 ديسمبر 2023
تعليقات (0)