المنشورات
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ
ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذْ قَالَ) : الْعَامِلُ فِي «إِذْ» مَحْذُوفٌ ; تَقْدِيرُهُ: اذْكُرْ فَهُوَ مَفْعُولٌ بِهِ لَا ظَرْفٌ.
وَ (أَرِنِي) : يُقْرَأُ بِسُكُونِ الرَّاءِ ; وَقَدْ ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ: (وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا) [الْبَقَرَةِ: 128] .
(كَيْفَ تُحْيِ) : الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِأَرِنِي ; أَيْ أَرِنِي كَيْفِيَّةَ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، فَكَيْفَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِتُحْيِي.
لِيَطْمَئِنَّ اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ ; تَقْدِيرُهُ: سَأَلْتُكَ لِيَطْمَئِنَّ.
وَالْهَمْزَةُ فِي يَطْمَئِنَّ أَصْلٌ، وَوَزْنُهُ يَفْعَلِلَّ ; وَلِذَلِكَ جَاءَ (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) [النِّسَاءِ: 103] مِثْلُ اقْشَعْرَرْتُمْ. (مِنَ الطَّيْرِ) : صِفَةٌ لِأَرْبَعَةٍ، وَإِنْ شِئْتَ عَلَّقْتَهَا بِخُذْ.
وَأَصْلُ الطَّيْرِ مَصْدَرُ طَارَ يَطِيرُ طَيْرًا ; مِثْلُ بَاعَ يَبِيعُ بَيْعًا، ثُمَّ سَمَّى الْجِنْسَ بِالْمَصْدَرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ طَيِّرًا مِثْلُ سَيِّدٍ، ثُمَّ خُفِّفَتْ كَمَا خُفِّفَ سَيِّدٌ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا مِثْلُ تَاجِرٍ وَتَجْرٌ، وَالطَّيْرُ وَاقِعٌ عَلَى الْجِنْسِ وَالْوَاحِدُ طَائِرٌ.
(فَصُرْهُنَّ) : يُقْرَأُ بِضَمِّ الصَّادِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، وَبِكَسْرِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، وَلَهُمَا مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: أَمِلْهُنَّ، يُقَالُ صَارَهُ يَصُورُهُ وَيُصِيرُهُ إِذَا أَمَالَهُ ; فَعَلَى هَذَا تَتَعَلَّقُ إِلَى بِالْفِعْلِ وَفِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: أَمِلْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ قَطِّعْهُنَّ.
وَالْمَعْنَى الثَّانِي: أَنْ يُصَوِّرَهُ وَيُصَيِّرَهُ بِمَعْنَى يُقَطِّعُهُ، فَعَلَى هَذَا فِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ «إِلَى» ; أَيْ فَقَطِّعْهُنَّ بَعْدَ أَنْ تُمِيلَهُنَّ إِلَيْكَ.
وَالْأَجْوَدُ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ إِلَيْكُمْ حَالًا مِنَ الْمَفْعُولِ الْمُضْمَرِ ; تَقْدِيرُهُ: فَقَطِّعْهُنَّ مُقَرَّبَةً إِلَيْكَ، أَوْ مُمَالَةً، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَيُقْرَأُ بِضَمِّ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَضُمُّهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْتَحُهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُهَا ; مِثْلُ مُدَّهُنَّ، فَالضَّمُّ عَلَى الْإِتْبَاعِ، وَالْفَتْحُ لِلتَّخْفِيفِ، وَالْكَسْرُ عَلَى أَصْلِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَالْمَعْنَى فِي الْجَمِيعِ مِنْ صَرَّهُ يَصُرُّهُ إِذَا جَمَعَهُ.
(مِنْهُنَّ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ «جُزْءًا» وَأَصْلُهُ صِفَةٌ لِلنَّكِرَةِ قُدِّمَ عَلَيْهَا فَصَارَ حَالًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لِاجْعَلْ.
وَفِي الْجُزْءِ لُغَتَانِ: ضَمُّ الزَّايِ، وَتَسْكِينُهَا، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا. وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ كَسْرُ الْجِيمِ، وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا قَرَأَ بِهِ.
وَقُرِئَ بِتَشْدِيدِ الزَّايِ مِنْ غَيْرِ هَمْزَةٍ، وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّهُ نَوَى الْوَقْفَ عَلَيْهِ فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ بَعْدَ أَنْ أَلْقَى حَرَكَتَهَا عَلَى الزَّايِ، ثُمَّ شَدَّدَ الزَّايَ، كَمَا تَقُولُ فِي الْوَقْفِ هَذَا فَرَحٌ ثُمَّ أَجْرَى الْوَصْلَ مَجْرَى الْوَقْفِ.
وَ (يَأْتِينَكَ) : جَوَابُ الْأَمْرِ. وَ (سَعْيًا) : مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ; أَيْ سَاعِيَاتٍ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مُؤَكَّدًا ; لِأَنَّ السَّعْيَ وَالْإِتْيَانَ مُتَقَارِبَانِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ يَأْتِينَكَ إِتْيَانًا.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
11 ديسمبر 2023
تعليقات (0)