المنشورات
(إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَنِعِمَّا) : نِعْمَ فِعْلٌ جَامِدٌ لَا يَكُونُ فِيهِ مُسْتَقْبَلٌ، وَأَصْلُهُ نَعِمَ كَعَلِمَ، وَقَدْ جَاءَ عَلَى ذَلِكَ فِي الشِّعْرِ إِلَّا أَنَّهُمْ سَكَّنُوا الْعَيْنَ، وَنَقَلُوا حَرَكَتَهَا إِلَى النُّونِ، لِيَكُونَ دَلِيلًا عَلَى الْأَصْلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْرُكُ النُّونَ مَفْتُوحَةً عَلَى الْأَصْلِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُ النُّونَ وَالْعَيْنَ إِتْبَاعًا، وَبِكُلٍّ قَدْ قُرِئَ.
وَفِيهِ قِرَاءَةٌ أُخْرَى هُنَا ; وَهِيَ إِسْكَانُ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ، مَعَ الْإِدْغَامِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ ; وَقِيلَ: إِنِ الرَّاوِيَ لَمْ يَضْبِطِ الْقِرَاءَةَ ; لِأَنَّ الْقَارِئَ اخْتَلَسَ كَسْرَةَ الْعَيْنِ فَظَنَّهُ إِسْكَانًا، وَفَاعِلُ نِعْمَ مُضْمَرٌ، وَمَا بِمَعْنَى شَيْءٍ، وَهُوَ الْمَخْصُوصُ بِالْمَدْحِ ; أَيْ نِعْمَ الشَّيْءُ شَيْئًا. (هِيَ) : خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ مَا الشَّيْءُ الْمَمْدُوحُ فَيُقَالُ هِيَ ; أَيِ الْمَمْدُوحُ الصَّدَقَةُ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ هِيَ مُبْتَدَأً مُؤَخَّرًا وَنِعْمَ وَفَاعِلُهَا الْخَبَرَ ; أَيِ الصَّدَقَةُ نِعْمَ الشَّيْءُ، وَاسْتَغْنَى عَنْ ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ لِاشْتِمَالِ الْجِنْسِ عَلَى الْمُبْتَدَأِ.
(فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) : الْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَمَوْضِعُهَا جَزْمٌ، وَهُوَ ضَمِيرُ مَصْدَرٍ لَمْ يُذْكَرْ، وَلَكِنْ ذُكِرَ فِعْلُهُ ; وَالتَّقْدِيرُ: فَالْإِخْفَاءُ خَيْرٌ لَكُمْ، أَوْ فَدَفْعُهَا إِلَى الْفُقَرَاءِ فِي خُفْيَةٍ خَيْرٌ. (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ) : يُقْرَأُ بِالنُّونِ عَلَى إِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.
وَيُقْرَأُ بِالْيَاءِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْضًا، وَعَلَى تَقْدِيرٍ آخَرَ ; وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ ضَمِيرُ الْإِخْفَاءِ.
وَيُقْرَأُ وَتُكَفَّرُ - بِالتَّاءِ - عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ مُسْنَدٌ إِلَى ضَمِيرِ الصَّدَقَةِ.
وَيُقْرَأُ بِجَزْمِ الرَّاءِ عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ فَهُوَ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ ; أَيْ وَنَحْنُ، أَوْ وَهِيَ. وَ (مِنْ) : هُنَا زَائِدَةٌ عِنْدَ الْأَخْفَشِ ; فَيَكُونُ: سَيِّئَاتُكُمُ الْمَفْعُولُ، وَعِنْدَ سِيبَوَيْهِ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ شَيْئًا مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ، وَالسَّيِّئَةُ فِعْلِيَّةٌ، وَعَيْنُهَا وَاوٌ ; لِأَنَّهَا مِنْ سَاءَ يَسُوءُ فَأَصْلُهَا سَيْوِئَةٌ، ثُمَّ عَمِلَ فِيهَا مَا ذَكَرْنَا فِي: صَيِّبٍ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
11 ديسمبر 2023
تعليقات (0)