المنشورات
(سروة بست)
كَانَت بقرية كشمير من رستاق بست نيسابور سروة من السرو الضخم من غرس يستاسف لم ير مثلهَا طولا وعرضا واستواء ونضارة وَكَانَت من مفاخر خُرَاسَان إِذْ لم يكن لَهَا شَبيه فى الْحسن فى الْآفَاق وَكَانَ الْمثل يضْرب بهَا فى الْحسن والأعجوبة وَكَانَت ظلالها فرسخا فَجرى ذكرهَا غير مرّة فى مجْلِس المتَوَكل فَأحب أَن يَرَاهَا وَحين لم يقدر لَهُ النهوض إِلَى خُرَاسَان كتب إِلَى طَاهِر بن عبد الله يَأْمُرهُ بقطعها وَبعث أقطاع جذعها وَأَغْصَانهَا كلهَا فى اللبود وَحملهَا على الْجمال إِلَى الحضرة لينصبها النجارون بَين يَدَيْهِ حَتَّى لَا يفقد مِنْهَا أوراقها فَأَشَارَ عَلَيْهِ جُلَسَاؤُهُ بالإضراب عَنْهَا وخوفوه عَاقِبَة أمرهَا وَأَخْبرُوهُ بِمَا فى قطعهَا من الطَّيرَة فكأنهم أغروه بهَا وَلم ينفع السروة شَفَاعَة الشافعين وَلم يجد طَاهِر بدا من امْتِثَال الْأَمر فِيهَا وانفذ النجارين لقطعها وَالْجمال لحملها
ويحكى أَن أهل الرستاق ضمنُوا لطاهر مَالا جزيلا على إعفائها من الْقطع فَأبى وَقَالَ لَو ضمنتم مَكَان كل دِرْهَم دِينَارا لم أقدر على مُخَالفَة أَمر أَمِير الْمُؤمنِينَ وَلما قطعت عظمت الْمُصِيبَة بهَا على أهل النَّاحِيَة وَارْتَفَعت ضجاتهم بالبكاء عَلَيْهَا وَقَالَت شعراؤهم فى رثائها ثمَّ عبئت فى اللبود وحملت على ثَلَاثمِائَة جمل إِلَى الحضرة فتفاءل بهَا على بن الجهم على المتَوَكل فَقَالَ
(فأل سرى بسبيلة المتَوَكل ... فالسرو يسرى والمنية تنزل)
(مَا سربلت إِلَّا لِأَن إمامنا ... بِالسَّيْفِ من أَوْلَاده متسربل)
فَجرى الْأَمر على مَا تفاءل بِهِ وَقتل المتَوَكل قبل وُصُول السروة إِلَى حَضرته وتذاكر النَّاس الْبَيْتَيْنِ بعد قَتله
مصادر و المراجع :
١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب
المؤلف: عبد الملك
بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
2 يناير 2024
تعليقات (0)