المنشورات

(طيلسان ابْن حَرْب)

 كَانَ مُحَمَّد بن حَرْب أهْدى إِلَى الحمدونى طيلسانا خلقا وَكَانَ الحمدونى يحفظ قَول أَبى حمْرَان السلمى فى طيلسانه وَهُوَ
(يَا طيلسان أَبى حمْرَان قد برمت ... بك الْحَيَاة فَمَا تلتذ بالعمر)
(فى كل يَوْم لَهُ رفا يجدده ... هَيْهَات ينفع تَجْدِيد مَعَ الْكبر)
(إِذا ارتداه لعيد أَو لجمعته ... تنكب النَّاس لَا يبْلى من النّظر)
فاحتذى حذوه وانثالت عَلَيْهِ الْمعَانى حَتَّى قَالَ فى وصف الطيلسان قرَابَة مائتى مَقْطُوعَة وَلَا تَخْلُو وَاحِدَة مِنْهَا من معنى بديع وَصَارَ الطيلسان عرضه لشعره ومثلا فى البلى والخلوقة والانخراط فى سلك حمَار طياب وشَاة سعيد وسرطة وهب وأير أَبى حكيمة الْمُتَقَدّم ذكر كل مِنْهَا فَمن نَوَادِر مَا قَالَ فِيهِ مقتبسا من الْقُرْآن
(يَا بن حَرْب كسوتنى طيلسانا ... أمرضته الأوجاع فَهُوَ سقيم)
(وَإِذا مَا رفوته قَالَ سُبْحَانَكَ ... محيى الْعِظَام وهى رَمِيم)
وَقَوله (طيلسان لَو كَانَ لفظا إِذا مَا ... شكّ إِنْسَان أَنه بهتان)
(فَهُوَ كالطور إِذْ تجلى لَهُ الله ... فدكت قواه والأركان)
(كم رفوناه إِذْ تمزق حَتَّى ... بقى الرفو وانقضى الطيلسان)
وَقَوله
(فِيمَا كسانيه ابْن حَرْب مُعْتَبر ... فَانْظُر إِلَيْهِ إِنَّه إِحْدَى الْكبر)
(قد كَانَ أَبيض ثمَّ مَا زلنا بِهِ ... نرفوه حَتَّى أسود من صدأ الإبر)
وَقَوله
(يَا بن حَرْب أطلت فقرى برفوى ... طيلسانا قد كنت عَنهُ غَنِيا)
(فَهُوَ فى الرفو آل فِرْعَوْن فى الْعرض ... على النَّار بكرَة وعشيا)
وَمِمَّا اقتبسه من قَول النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله
(وطيلسان إِن تأملته ... شققته بالطول وَالْعرض)
(لَو أَنه بعض بنى آدم ... كَانَ أَسِير الله فى الأَرْض)
لِأَن فى الْخَبَر إِن العَبْد إِذا بلغ تسعين سنة كتبت لَهُ الْحَسَنَات وكفرت عَنهُ السَّيِّئَات وسمى أَسِير الله فى الأَرْض
وَمن ملح مضمنات الحمدونى قَوْله
(كسانى ابْن حَرْب طيلسانا كَأَنَّهُ ... فَتى عاشق بَال من الوجد كالشن)
(يغنى لإِبْرَاهِيم حِين لبسته ... ذهبت من الدُّنْيَا وَمَا ذهبت منى)
وَقَوله
(يَا طيلسانا ابْن حَرْب قد هَمَمْت بِمَا ... يودى بجسمى كَمَا أودى بك الزَّمن)
(فقد ترانى لَدَى الرفاء مرتبطا ... كأننى فى يَدَيْهِ الدَّهْر مُرْتَهن)
(غنيت حِين رآنى النَّاس ألزمهُ ... كَأَنَّمَا لى فى حانوته وَطن)
(من كَانَ يسْأَل عَنَّا ايْنَ منزلنا ... فالأقحوانة منا منزل قمن)
وَقَوله أَيْضا
(قل لِابْنِ حَرْب طيلسانك قد ... أَوْهَى قواى بِكَثْرَة الْغرم)
(متبين فِيهِ لمبصره ... آثَار رفو أَوَائِل الْأُمَم)
(فَكَأَنَّهُ الْخمر الَّتِى وصفت ... فى يَا شَقِيق الرّوح من حكم)
(وَإِذا رممناه وَقيل لنا ... قد صَحَّ قَوْله لَهُ البلى انْهَدم)
(مثل السقيم برا فَرَاجعه ... نكس وأسلمه إِلَى السقم)
(أنشدت حِين طَغى فأعجزنى ... وَمن العناء رياضة الْهَرم)
وَمن بَدَائِع مَعَانِيه قَوْله
(يَا بن حَرْب كسوتنى طيلسانا ... مل من صُحْبَة الزَّمَان وصدا)
(طَال ترداده إل الرفو حَتَّى ... لَو بَعَثْنَاهُ وَحده لتهدى)
وَالشَّكّ فى أَن ابْن الرومى تعقبه فَقَالَ على لِسَانه مَا لَا يقصر عَن إبداعه كَقَوْلِه
(يَا بن حَرْب كسوتنى طيلسانا ... يزرع الرفو فِيهِ وَهُوَ سباخ)
(نسر دهر كنسر لُقْمَان والنسران ... إِن قستها إِلَيْهِ فراخ)
(مَاتَ رفاؤه وَمَات بنوه ... وبد الشيب فى بنيهم وشاخوا)
(تستطير الشقوق طولا وعرضا ... فِيهِ حَتَّى كأنهن رخاخ)
وَضرب ابْن سكرة الْمثل بطيلسان ابْن حَرْب فَقَالَ يهجو أَبَا الطّيب المتنبى من قصيدة
(هَاجَتْ بلابل قلبى ... وَقَامَ شعرى يلبى)
(لما تبدى لعينى ... فى زيه المتنبى)
(طُوبَى لمَالِك لَو أَنه ... أعين بلب)
(ياليت خصبك عندى ... وَحل عنْدك جدبى)
(حَتَّى أَرَاك مردى ... بطيلسان ابْن حَرْب)




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید