المنشورات

«عبد الله بن عبّاس» رضي الله عنه ت 68 هـ

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ «القرآن الكريم».
ولد «ابن عباس» رضي الله عنه بشعب «بني هاشم» قبل الهجرة بثلاث سنين وصحب النبي صلى الله عليه وسلّم نحوا من ثلاثين شهرا.
كان «ابن عباس» رضي الله عنه: أبيض- مديد القامة- جسيما- وسيما- صبيح الوجه- مهيبا- كامل العقل- ذكيّ النفس- له وفرة يخضب بالحناء.
قال عنه «عطاء» ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة إلا ذكرت وجه «ابن عباس» اهـ.
وقال «عكرمة»: كان «ابن عباس» إذا مرّ في الطريق قيل: أمرّ المسك، أم مرّ «ابن عباس»؟ وذلك لطيب رائحته. هاجر «ابن عباس» مع أبويه إلى دار الهجرة سنة الفتح.
قرأ «ابن عباس» القرآن الكريم على «أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت» وقرأ «القرآن» على «ابن عباس» عدد كثير، منهم: مجاهد- وسعيد بن جبير- والأعرج- وعكرمة بن خالد- وسليمان بن قتّة شيخ «عاصم الجحدري» وآخرون.
حدث عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وعن «عمر- وعليّ- ومعاذ- وعبد الرحمن بن عوف- وأبي سفيان- وأبي ذرّ- وأبي بن كعب- وزيد بن ثابت» وآخرين.
وروى عنه: ابنه عليّ- وعكرمة- ومقسم- وكريب- وأنس بن مالك- وأبو الطفيل- وأبو أمامة- وعروة بن الزبير- وسعيد بن جبير- ومجاهد بن جبر وآخرون.
قال «ابن عباس» رضي الله عنه: لقد كنت أسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم اهـ.
وكان النبي صلى الله عليه وسلّم يحبّ «ابن عباس» حبا جمّا، ودعا له بالفقه والتأويل، كما دعا له بالفهم والعلم: فعن «سعيد بن جبير» قال:
قال «ابن عباس»: بتّ عند خالتي، فوضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلّم غسلا فقال: من وضع هذا؟ قالوا: «عبد الله» قال: اللهم علمه التأويل، وفقّهه في الدين (1).
وروى «كريب» أن النبي صلى الله عليه وسلّم دعا «لابن عباس» أن يزيده الله فهما وعلما. وعن «عكرمة» عن «ابن عباس» قال: مسح النبي صلى الله عليه وسلّم رأسي، ودعا لي بالحكمة (2).
وعن «ابن عباس» رضي الله عنهما قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وعنده «جبريل» فقال له «جبريل»: إنه كائن هذا حبر الأمة فاستوص به خيرا (1).
وعن «سعيد بن جبير» عن «ابن عباس» قال: كان «عمر» يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال:
إنه من قد علمتم، قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني فقال: ما تقولون في قوله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ حتى ختم السورة؟ فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله تعالى، ونستغفره إذا جاء نصر الله وفتح علينا.
وقال بعضهم: لا ندري، ولم يقل بعضهم شيئا، فقال لي: يا ابن عباس كذلك تقول؟ قلت لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أعلمه الله إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ أي فتح مكة، فذاك علامة أجلك، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توّابا فقال «عمر» ما أعلم منها إلا ما تعلم (2).
وعن «محمد بن كعب» القرظي عن «ابن عباس» رضي الله عنهما، أن «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه جلس في رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم من المهاجرين فذكروا ليلة القدر، فتكلم منهم من سمع فيها بشيء مما سمع، فقال «عمر»: ما لك يا ابن عباس صامتا؟ تكلم ولا تمنعك الحداثة، فقال «ابن عباس»: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى وتر يحب الوتر، فجعل أيام الدنيا تدور على سبع وخلق الإنسان من سبع، وخلق أرزاقنا من سبع، وخلق فوقنا سبع سماوات، وخلق تحتنا أرضين سبعا، وأعطى من المثاني سبعا، ونقع في السجود من أجسادنا على سبع، والطواف بالكعبة سبعا، وبين الصفا والمروة سبع، ورمى الجمار بسبع، فأراها في السبع الأواخر من شهر رمضان والله أعلم.
فتعجب «عمر» وقال: ما وافقني فيها أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلا هذا الغلام (1).
ومناقب «ابن عباس» رضي الله عنهما كثيرة ومتعددة أذكر فيها ما يلي: قال «طاوس»: ما رأيت أحدا أشدّ تعظيما لحرمات الله من «ابن عباس» انتهى (2).
وقال «الواقدي» أن «سعد بن أبي وقاص» رضي الله عنه قال: ما رأيت أحدا أحضر فهما، ولا ألبّ لبّا، ولا أكثر علما، ولا أوسع حلما من «ابن عباس» لقد رأيت «عمر» يدعوه للمعضلات فيقول: قد جاءت معضلة، ثم لا يجاوز قوله، وإن حوله لأهل بدر اهـ (3).
وحدث «الواقدي» عن «عبيد الله بن عبد الله» قال: كان «ابن عباس» قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبق- وفقه فيما احتج إليه من رأيه- وحلم- ونسب- وما رأيت أحدا أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم- ولا بقضاء «أبي بكر- وعمر- وعثمان» منه- ولا أعلم بما مضى- ولا أثقب رأيا فيما احتيج إليه منه، ولقد كنا نحضر عنه فيحدثنا العشية كلها في المغازي، والعشية كلها في النسب، والعشية كلها في الشعر اهـ (4).
وقال «طاوس»: ما رأيت أورع من «ابن عمر» ولا أعلم من «ابن عباس» اهـ (1).
توفي «ابن عباس» بالطائف سنة ثمان وستين هـ وصلى عليه «محمد ابن الحنفية» وقال: مات ربانيّ الأمة اهـ. رضي الله عن «ابن عباس» وجزاه عن القرآن وأهله أفضل الجزاء.







مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید