المنشورات

الايثار في الفرنسية/ emsiurtlA في الانكليزية/ msiurtlA

آثر فلانا على نفسه: فضّله وقدمه، وآثره إيثارا: أكرمه، فمعنى الإيثار إذن: أن تقدم غيرك على نفسك في النفع والدفع عنه، وهو ضد الأثرة (ر: كلمة أنانية).
وقد يدل على الايثار بلفظ الغيرية وهو لفظ جديد وضعه (أوغوست كومت) للدلالة على هذا المعنى.
قال: الغيرية هي أن تريد الخير لغيرك، وان تبذل نفسك مختارا في سبيل نفعه.
وهذا الميل الى نفع الآخرين أصيل في الانسان، إلا أن طائفة من الفلاسفة أنكرت ذلك، فزعم (لارو شفوكولد-): أن الإنسان لا يجب إلا نفسه، ولا يفكر إلا في مصلحته الخاصّة، وزعم (آدم سميث) والفلاسفة النفعيون أن (الغيرية) مشتقة من الأنانية، أو حب الذات، بواسطة التعاطف، وزعم (جيمس ميل) و (استوارت ميل) و (هربرت سبنسر): أن الأنانية هي الأصل، وأن التطور الاجتماعي هو الذي أدّى الى تولد الغيرية منها.
ولكن (أوغوست كومت) و (ليتره) و (دوركهايم) وغيرهم يذهبون الى ان الشعور بالايثار أصيل في الانسان كالأنانية، وان كلا الميلين ناشئ عن وظائف الخليّة الحية، فالأنانية تنشأ عن وظيفة التغذي، وهي التي تدفع الكائن الحي الى البحث عما يحتاج اليه من الغذاء في سبيل بقائه ونموه، والايثار ينشأ عن وظيفة التناسل، وهي التي تدفع الكائن الحي الى إنسان كائن آخر يحضنه ويربيه، حتى يصبح قادرا على الحياة بنفسه.
قال (دوركهايم): «حيث يوجد الاجتماع يوجد الايثار ... فلا ينبغي أن يقال إذن أن الايثار قد تولد من الأنانية، لأن هذا التولد لا يمكن أن يتم الا بابداع الشيء من العدم. والحق ان هذين المحركين الأساسيين للسلوك الإنساني موجودان منذ البدء في جميع النفوس البشرية».
وقد يطلق لفظ الايثار على كل فعل يهدف الى نفع الآخرين، وإن كان ذلك الفعل خاليا من الميل اليهم.
فاذا قلت لك: أحسن الى عدوك لم أطلب اليك بهذا القول أن تحب من يبغضك أو من يسيء اليك فحسب، بل أردت به أيضا أن تحسن إلى من تبغضه. إن الايثار بهذا المعنى لا يدل على ميل من ميول النفس، بل يدل على نمط من أنماط السلوك.
وقصارى القول ان للإيثار معنيين أحدهما نفسي والآخر خلقي. فلفظ الإيثار يدل من الناحية النفسية على شعور الإنسان بميله إلى غيره، وهذا الشعور قد يكون ناشئا بالطبع عن الروابط الموجودة بين أفراد الجنس الواحد، وقد يكون ناشئا عن التأمل أو عن إنكار الذات. وهو يشتمل في نظر (أوغوست كومت) على الحب، والاحترام، وطيبة النفس.
ويدل من الناحية الخلقية على المذهب المضاد لمذهب اللذة، أو مذهب الفردية، أو مذهب النفعية. وهو مذهب الخير الذي يجعل غاية سلوكنا الفردي نفع الناس ودفع الضر عنهم. وقاعدته كما قال (أوغوست كومت): أن تحيا في سبيل غيرك وأن تجعل الحب مبدأك، والنظام دعامتك، والتقدم هدفك.







مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید