المنشورات
جون نيغروبونت:
هو مندوب واشنطن في الأمم المتحدة، ولديه سجل أسود حافل بقمع الشعوب والتعدي على حقوق الإنسان.
يتمتع جون ديمتري نيغروبونت الذي اختاره بوش سفيرة في الأمم المتحدة بخبرة ديبلوماسية كبيرة، خصوصا وإنه كان يعمل في السلك الخارجي خلال أربعة عقود تولى فيها ثمانية مناصب في قارات مختلفة. ففي أواسط الستينات تسلم أول منصب ديبلوماسي له كسفير في فيتنام الجنوبية (سايغون) وفي الثمانيات إنتقل كسفير الى هندوراس،. والمكسيك والفيليبين. وهو يتحدث أربع لغات هي: الفيتنامية، واليونانية، والفرنسية، والإسبانية. وعلى غرار العديد من رجال إدارة بوش لديه خبرة في الأعمال والتجارة، وكان نائبا لرئيس هيئة الأسواق العالمية" في "ماكغروهيل ". لكن هناك جانبا مظلمة في سجل عمل نيغروبونت يتعلق بعدم إهتمامه بقضايا حقوق الإنسان وهذا ما يفسر تجنبه إجراء مقابلات صحفية الح" عليها صحافيون يتذكرون سجله التاريخي المظلم. وكما قالت سارة وايلدمان نائبة رئيس تحرير صحيفة "نيوريبوبليك" الأميركية:" إن نشطاء الدفاع عن حقوق الإنسان ذهلوا من تعيينه في هذا الموقع ". فتيغروبونت له شهرة واسعة حتى بين الدبلوماسيين الأميركيين الذين عملوا معه بالدفاع الأعمى عن المصالح الأميركية في العالم ودون أي إعتبار لحقوق الإنسان ".
وترى وايلدمان أن تعيينه "سيخلق إشکالا لأن إحدى المسؤوليات الأساسية لمن عينه بوش في الأمم المتحدة ستمثل في توبيخ الصين وبورما وأفغانستان و انتقادها بحجة خرقها لحقوق الإنسان". وهناك من يؤكد أن تعيين نيغروبونت ناجم أيضا عن إتخاذ بوش قرارا بتقليل أهمية منصب السفير في الأمم المتحدة لأنه حرم هذا المنصب من الصفة الوزارية في الحكومة. وكان هذا القرار هو الذي أثار القلق الشديد من أن البيت الأبيض برئاسة الجمهوريين سيصبح شديد العداء للأمم المتحدة على غرار العداء الذي يتعامل فيه أعضاء الكونغرس المحافظون تجاه الأمم المتحدة منذ الأغلبية التي فازوا بها عام 1994 في الكونغرس. وفي الشهور الأخيرة من ولاية الرئيس كلينتون هدا التوتر بين واشنطن والأمم المتحدة بعد أن عقدت إدارة كلينتون صفقة تدفع بموجبها معظم ديونها المستحقة على الأمم المتحدة. لكن المخارف لا تزال قائمة اليوم طالما أن فريق بوش سيحاول تشويه سمعة منظمة الأمم المتحدة وعدم دفع المساهمة المالية الأميركية لها.
والمعروف أن نيغروبونت المولود عام 1939 هو إبن ثري يوناني يملك أسطولا من السفن التجارية وقد تخرج من جامعة "ييل" وبدا عمله الديبلوماسي في 1990. منذ 1971 حتى 1973 أصبح الضابط المسؤول في مجلس الأمن القومي عن ساحة الحرب في فيتنام تحت إدارة هنري كيسنجر. في 1987 عاد أثناء إدارة بوش الأب إلى مجلس الأمن القومي وعمل تحت مسؤولية كولن باول كنائب مساعد للرئيس في شؤون الأمن القومي. بعد ذلك بسنتين عاد إلى أميركا اللاتينية وأصبح سفيرة في المكسيك منذ عام 1989 حتى عام 1993 حيث أشرف فيها على نشاطات "السي آي إي" وما كانت تقدمه من مساعدة لدولة المكسيك ضد الثوار المكسيكيين المعروفين برجال (زاباتسيستا). ومنذ عام 1981 عمل سفيرا في هندوراس وذاع صيته هناك في السكوت على خروقات حقوق الإنسان التي كانت تقوم بها سلطات هندوراس. وخلال خمس سنوات خدمها في هندوراس كان نيغروبونت يقدم المساعدة للسلطات الديكتاتورية وممارساتها الوحشية ضد المعارضين والثوار، وساهم في تدعيم السلطة الديكتاتورية على الشعب وتصفية الكثير من المعارضين جسدية.
والجدير بالذكر أن نيغروبونت كان قد حل سفيرة هناك بدلا من سفير سابق هو جاك بينس الذي حذر إدارة ريغان من أخطار دعم سياسة التصفية التي تقوم بها سلطات هندوراس وطالب بالضغط لوقفها، لكن ريغان أقاله ووضع بدلا منه نيغروبونت.
ويقول ريك تشيديستر أحد موظفي السفارة الأميركية في عهد نيغروبونت، إنه كان يأمرهم بعدم ذكر أي معلومات عن التعذيب والتصفيات التي كان رئيس هندوراس يقوم بها في جميع تقاريرهم المرسلة لوزارة الخارجية في عام 1982، حتى أن هندوراس بدت في تلك التقارير و كأنها دولة الخروج من ناحية تمتع المواطنين بحقوقهم؟. بل إن نيغروبونت نشر بنفسه مقالا في مجلة "الإيكونوميست"نفي فيها وجود أي حالة تعذيب أو تصفية، وكانت تقاريره التي ترسل إلى لجنة العلاقات الخارجية التابعة للكونغرس تصور الوضع والنظام في هندوراس في أحسن أحوال حقوق الإنسان وقد جاء في أحدها:" لا وجود للمعتقلين السياسيين في هندوراس التي لا تسمح حكومتها بأي مارسات قتل أو تعذيب ". ومع ذلك كانت صحيفة "بالتيمو صن" لوحدها في عام 1982 هي التي نشرت نقلا عن الصحافة الهندوراسية 318 قصة قتل وخطف مارستها السلطة العسكرية في هندوراس. وفي عام 1995 نشرت صحيفة "صن" فضائح عن دور السي آي إي في تدريب الوحدات الهندوراسية (الكتيبة 319)، وكيف قامت هذه الوحدات باستخدام الصدمات الكهربائية والخنق ضد المعتقلين أثناء الإستجواب وكيف كانت تدفنهم دون وضع أي علامة تشير الى هوية الجثث. في العام نفسه إضطرت لجنة تحقيق وطنية هندوراسية شكلت للتحقيق في تلك الأحداث إلى الإعتراف بوجود 179 مدنية مفقودة.
وتبين أن واشنطن كانت تقدم مئات الملايين من الدولارات للسلطة العسكرية من أجل قمع المعارضة اليسارية، وظهر في تقارير وزارة الخارجية أن السفير نيغروبونت كان يثني على قائد الجيش (ألفاريز) وتصرفاته السليمة، وهو المعروف بقيادته لوحدات (319) التي كانت تنفذ عمليات القتل والتعذيب. وفي العام 1996 أرادت إدارة کلينتون الإستفادة من خبرات نيغروبونت فأرسلته الى بناما کرئيس للوفد الأميركي حول القواعد العسكرية فيها.
لكن مركز الأبحاث البانامي المختص بحقوق الإنسان إعترض على نيغروبونت لأن ماضيه حافل بالإساءة لحقوق الإنسان، وكان على إطلاع بدور السي آي إي في أحداث هندوراس وممارسات القتل والتعذيب. وفي العام 1997 ذكر مراسل لصحيفة صن في إجتماع لمركز السياسة الدولية أن نيغروبونت صاحب دور مركزي في ممارسات خلق
حقوق الإنسان في هندوراس وكان مطلعا على كل شيء يجري أثناء وجوده سفيرة فيها. ولهذا السبب قالت السيدة وايلدمان المحررة في صحيفة "نيو ريبوبليك": ليس لدي نيغروبونت أي إحساس أخلاقي التعيينه مندوبا في الأمم المتحدة.
وفي يومنا هذا مازال نيغروبونت لا يشعر بأي ندم أو أسف على دوره في هندوراس، معتبرة أن يديه كانتا مقيدتين بوقائع الوضع السياسي الذي ساد في هندوراس في ذلك الوقت .. وقال لشبكة "سي أن أن": إن بعض تلك الأنظمة في أميركا اللاتينية ربما لا تبدو سائغة المذاق بحسب رغبة الأميركيين لأنها من الممكن أن تكون ديكتاتورية أو تميل الى الدكتاتورية لكن الأحداث التي كانت تغلي فيها تجعل من المستحيل عليك دعم الديموقراطية في تلك البلدان
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
31 مارس 2024
تعليقات (0)