المنشورات

شبكة "رجا ورد" حصاد وفير لموسم الزرع في الوقت المناسب

تعتبر شبكة " رجا محمود ورد" من أكبر الشبكات التجسسية وأهمها لدى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، باعتباره كان المسؤول الأمني الثاني في منطقة "الشريط الحدودي" المحتل. وقد تمكنت أجهزة الأمن اللبنانية من إستقدامه إلى المناطق المحررة وكشف شبكة تجسس يبلغ عدد أعضائها 77 شخصأ. هذا، وقد انتمي رجا ورد الى ميليشيا اللواء العميل أنطوان لحد عام 1988. واستمر بالخدمة في تلك الميليشيا الى العام 1994. وقد حظي برتبة ملازم أول، ثم طلب تسريحه في ذلك العام لينتقل إلى ما يسمى " الإدارة المدنية" لمدة أشهر وبعدها إلى المخابرات الإسرائيلية جهاز ال
5. 4 كمسؤول عن إدارة شؤون الطائفة الدرزية أمنية، وجمع معلومات وتجنيد عملاء ...
قي رجا ورد إلى رتبة نقيب، وكان مركزه حاصبيا - بلدته - ومسؤول عنه مباشره من اللبنانيين العميل نضال توفيق جمال من المحيدثة قضاء راشيا الوادي ومن سكان حاصبيا، والذي تمكن من السفر إلى الولايات المتحدة. وفور استلامه المهمة الجديدة عمل ورد على جمع المعلومات الأمنية عن المناطق المحررة، وتجنيد الأشخاص لصالح المخابرات الإسرائيلية. ولم يكتف بذلك، بل وسع دائرة نشاطه نحو تقريب السيارات من فلسطين المحتلة الى الشريط المحتل. وهذا، وبعد أن شعر رجا ورد - كما يقول - بأن مرض العمالة بدأ يتغلغل أكثر فأكثر بين الناس، وكثرت شبكات العملاء، وأحسست بأن عملي لم يعد مجدية، قررت ترك المنطقة. وقد نفذت هذا القرار بتاريخ 6 حزيران 1998. فسلمت نفسي للجيش اللبناني وكشفت أمر هذه الشبكة المسماة " شبكة ال 77 " (وهذا ما جاء في مقابلته مع إحدى الصحف اللبنانية بمناسبة ذكرى تحرير الجنوب والبقاع الغربي). وغداة تمكن أجهزة الأمن اللبنانية والسورية من إكتشاف هذه الشبكة التي نظمتها المخابرات الإسرائيلية، وكانت توكل إليها مهمات خطيرة تتراوح بين التجسس والتخريب، قال أحد مسؤولي المخابرات الإسرائيلية سابقة "جدعون عيزرا" بأن جهاز الموساد مني بهزيمة كبيرة، لأن إحدى أهم شبكاته قد فككت وقضي عليها. ويستدل من وقائع التحقيق مع أعضاء شبكة ال 77 " أن الإسرائيليين كانوا يعولون عليها كثيرة، لأن نشاطها يشمل لبنان وسوريا، ومهمتها جمع المعلومات عن الجيش اللبناني والسوري وحزب الله، ورصد تحركات رجال المقاومة لكشف العبوات. لكن يد القضاء كانت أقوى من قبضة أعضاء هذه الشبكة، ومن هم وراءها من الإسرائيليين.
والحقيقة، أن "شبكة ال 77" هذه لم تكن الشبكة الأولى التي أكتشف امرها، ولن تكون الأخيرة. وإن عمليات فشل "الموساد"
واختراقاته وفضائحه، ليست بالعدد القليل، إلى الحد الذي أصبح فيه "يستمرئ الهزيمة " في هذا الميدان ويبلعها، ثم يعمل بكل طاقاته على
تحويلها إلى " إنتصار"، بينما يكون مقتنعا - بينه وبين نفسه - أنه مهزوم داخليا. .
وهذا ما يصح فيه قول "أحمد نبعة" والذي اخترق جهاز "الموساد" السنوات دون أن يكتشف أمره من قبل هذا الجهاز، وكان مكلفا من قبل مخابرات الجيش اللبناني بعملية الإختراق، ونجح، فجند العملاء ثم حصدهم عن هذا الجهاز كما يلي: " ما أفرحني هو تحقيق النتيجة المرجوة، وما أفرحني أكثر هو أنني استطعت أن أكشف للعالم كله أن جهاز " الموساد" يشبه البالون، وإن إبرة واحدة تثقبه، وهو وهم، کالجيش الإسرائيلي الذي قيل عنه أنه أسطورة لا تقهر. وقد اخترقت الإستخبارات الإسرائيلية ولا تزال تخترق كما إخترقت أجهزة الإنذار المبكر على الحدود. وما إسرائيل (إلا دولة صنعت من كرتون؟
أما عن كيفية هروب رجا ورد من منطقة "الشريط المحتل" الى بيروت، فقد تطرقت اليها مجلة "البلاد" على الشكل التالي: كيف هرب "ورد" من حاصبيا؟ في الساعة الحادية عشر والنصف من يوم 1998
/ 6/ 5 جهز العميل رجا محمود ورد سيارته الأميركية الصنع من نوع "كرايزلر" ووضع بداخلها جهاز "موتورولا مع البطارية وشاحنا للبطارية وجهاز خليوي مع بطارية وشاحنا لها، وخريطة عسكرية إسرائيلية مبينا فيها المراكز العسكرية الثابتة لميليشيا الحد ومواقع الجيش الإسرائيلي في " الشريط المحتل" وهذه الأجهزة كلها مسلمة له من قبل المخابرات الإسرائيلية - جهاز 5
4. طلب ورد من زوجته الصعود معه في السيارة وانطلق بها نحو المناطق المحررة. ولدى وصوله إلى حاجز ميليشيا الحد في كفرحونة وقبيل المرور عليه واجتيازه طلب من زوجته فاتن سعيد سابا النوم على المقعد الخلفي ووضع عليها شرشفة، ولم يتوقف على الحاجز بل أعطي إشارة بأن لديه" مصدر أمني " والإشارة متفق عليها ويمنع عليهم توقف السيارة ومشاهدة من بداخلها ولذلك إستطاع تجاوز الحاجز الى حاجز جزين الذي يوجد عليه عناصر تابعة لجهاز أمن ميليشيا لحد وجهاز 5
4، فأوقف سيارته عند آخر حاجز واقترب من المسؤول الأمني عليه سمير عون وأعلمه بأنه يوجد معه "مصدر أمني " ريتوجب عليه إيصاله إلى محطة محروقات سرحال الواقعة ما بين حاجز باتر التابع للجيش اللبناني رحاجز ميليشيا الحد وأن هذه المحطة هي عبارة عن إستراحة للعملاء، وطلب من العميل سمير عون عدم السماح لأي سيارة بمغادرة "الشريط المحتل " بغية عدم مشاهدة المصدر لغاية عودته. وانطلق بالسيارة لغاية حاجز الجيش اللبناني في باتر، وسلم نفسه لعناصره ومنذ ذلك الحين بدأت فصول شبكة ال 77 عميلا تتكشف وأخذت الإعترافات تتوالى. وهذا نص مقابلته مع جريدة "المستقبل".
إنخرط طوعة في صفوف ميليشيا الحد وكسب ثقة العدو، فخلف نضال جمال في تولي مسؤولية جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الى 5
4 في حاصبيا المتفرع من الموساد والمختص بتقصي المعلومات عن نشاط المقاومة في شمالي إسرائيل.
أحدثت المهمة الأولى ل رجا ورد على رأس هذا الجهاز تغير جذرية في حياته كمتعامل، حيث تقرب من الحزب القومي السوري الإجتماعي بهدف جمع المعلومات عنه، وما لبث أن انقلب على مستخدميه بتعاطفه معه واقتناعه لاحقا بعقيدته الحزبية. وبدأ رحلة إختراق شبكات العدو التجسسية وأجهزته الأمنية، خصوصا بعد أن شهد مدى إحتقار العدو للعرب واستخدامه الميليشيا كأكياس رمل.
رفض ورد وصفه بالعميل المزدوج، فهو عمل لجهة واحدة عن قناعة وخدم وطنه ولم يقم بشيء يجعله نادما، فهو لم يجند أحدة ويتحدى من يدعي أن التعامل مع العدو هو غير إرادي.
وأعلن ورد أنه بصدد إعداد کتاب يتناول تجربته ويكشف المزيد من الأسرار.
"المستقبل" التقت به في مكتب النائب السابق أسعد حردان وأجرت معه هذا الحوار
* من هو رجا ورد؟ - أنا شاب جنوبي، عايشت فترة طويلة من الأحداث اللبنانية وتوجهت العام 88 إلى بلدي حاصبيا حيث تزوجت مرتين ورزقت بصبيين وثلاث بنات.
* كيف التحقت بميليشيا العميل لحد؟
- دفعتني الأوضاع المادية المتردية، كمعظم الشبان وفي ظل غياب الدولة، للإنخراط في صفوف ما يسمى بميليشيا لحد، وكنت حينها أبلغ من العمر 16 عاما، ولا أنتمي إلى حزب معين وإنما قريب من الخط اليساري. ما هي المهمات التي قمت بها في الميليشيا؟
- إنتميت إلى الميليشيا كعنصر عادي وتابعت في الوقت نفسه دراستي ونلت شهادة الفلسفة في ثانوية حاصبيا الرسمية. وفي هذه الفترة حاول اليهود إستغلالي كوني متعلما وبإمكانهم الإعتماد على في تنسيق العلاقات مع مصادرهم الأمنية، فالحقوي بما يسمى الجهاز 504، وهو فرع من الموساد الإسرائيلي ومهمته جمع المعلومات عن "شمال إسرائيل"، وقد دخلت إلى الجهاز بواسطة رئيسه وهو صديق لي يدعي نضال جمال الذي فر إلى أميركا مع عائلته وقد خلفته بعد ذلك. ووثق بي العدو وازدادت هذه الثقة عندما علموا بأن خالتي قد تزوجت عام 48 من فلسطين المحتلة حيث إنخرطت الطائفة الدرزية بما يسمى جيش الدفاع الإسرائيلي، كما علموا أن إبن خالتي هو عقيد في وزارة الدفاع الإسرائيلية وجمعوي به، وحاولوا تزويدي بجرعات من العقلية اليهودية معتمدين على صغر سني. · كيف جرى الإتصال بالحزب السوري القومي الاجتماعي أثناء عملك بالجهاز؟ - فور إلتحاقي بالجهاز 9. 4، كلفت بمراقبة القوميين السوريين في منطقة حاصبيا لما كانوا يشكلون حينها من خطر على العدو إثر عمليات عدة قاموا بها ومنها العملية الإنتحارية التي نفذها سناء محيدلي وخالد الأزرق. فباشرت المهمة وكلي ولاء لهذا الجهاز.
وبدأت بمراقبة أحد المنتمين لهذا الحزب وهو قريبي وتكررت لقاءاتي به فأحسست بصلابة موقف القوميين السوريين فتناقشت معه بأمور عدة واكتشفت فداحة وخطورة ما أقوم به وحاولت تصويب عملي. وفي أحد الأيام، طلبت من قريي أن يوصلني بإحدى الأجهزة المركزية للحزب فأخبرهم بحقيقة أمري ولعب قريبي دور الوسيط بيننا في تبادل الرسائل والمعلومات. وفي هذه الأثناء، أعلمت العدو بأن قريي ينتمي فعلا إلى الحزب القومي لكنه لا يقوم بأي نشاط، وخوفا من إفتضاح أمري، طلبت منهم مراقبته بواسطة أشخاص آخرين "فقد أكون مخطئا وأنا لا أثق بأحد ولو كان قريي". وقد استمريت بالعمل مع الحزب القومي وما زلت حتى هذه اللحظة علما بأني غير منتسب اليه. العودة متى تقررت عودتك إلى المناطق المحررة؟
بدأت أشعر بأن مرض العمالة بدأ يتغلغل أكثر فأكثر بين الناس وكثرت شبكات العملاء ولم يعد باستطاعتي تزويد الحزب بالمعلومات المطلوبة كافة. وفي 4 حزيران 1998، جاعلي الجواب من الجهاز المركزي في الحزب بضرورة ترك المنطقة وبأسرع وقت ممكن. وبعد التنسيق مع الحزب والأجهزة الأمنية الأخرى تركت في صباح 6 حزيران مستغلا إنشغال الضباط الإسرائيليين بإحدى الإحتفالات اليهودية تاركا ورائي عائلتي المؤلفة من أبي وأمي العجوزين وأولادي الثلاثة إضافة إلى أملاكي ومعرض السيارات الذي أملکه. وقد وصلت بأمان، وكشفت العديد من أفراد شبكات التجسس ووصل عددهم الى 77 مصدر تقريبا، وقد فوجئت لدى عودي بأن الحزب قد أجرى دراسة موسعة عني وعن أشخاص كثر، وفوجئت بأن إسرائيل غبية وتلاشت فكرة الأسطورة التي تحيط نفسها بها، فقد كانت أجهزها " مخروقة" مئة في المئة وكنا في جهاز
5. 4 "مفضوحين" في تحركاتنا ومهامنا. * كيف يتعامل العدو مع مصادره الأمنية؟ - كانوا ينظرون اليهم نظرة إحتقار ويعاملوهم كالحيوانات ولا يثقون بهم. أما من ناحيتي، فكانوا يثقون بي وآسف على القول باهم يعتبرون الدرزي هو غير عربي. وكنت في الوقت عينه كريمة معهم لكسب ثقتهم أكثر فأكثر فأدعوهم لتناول الطعام وأزورهم مرارا لكني كنت أشعر "بالقرف" تجاههم والإشمئزاز منهم، وأدركت خلال تعاملي معهم بأنهم يحتقرون العرب لدرجة لا توصف ويشعرونني بذلك خلال أسلوهم، علما أنهم كانوا يحاولون إظهار عكس ذلك لي من خلال دعواقم المتكررة لزيارقم بسياري الخاصة وقد كنت من بين عشرين شخصا يسمح لهم بذلك.
إحتقار العرب وأثناء زيارتي للضابط "دوررن" تناولنا مجزرة قانا وقلت له لا يجوز أن تقصف إسرائيل بهذا الشكل فهناك أطفال فتدخل مرافق لأحد المسؤولين من دون أن يعلم بأي عربي کوي أتقن اللغة العبرية وأجابني " من هو هذا الطفل العربي الحقير فلنقتله وهو صغير أفضل من أن يكبر ". وهكذا كانوا يعاملون العناصر في ميليشيا لحد فيعتبروهم مجرد " أكياس رمل ". وأذكر أن قائد الميليشيا أنطوان لحد أصدر بحقي مذكرة توقيف بسبب خلافي مع مسؤول الشاباك (جهاز الأمن الداخلي في حاصبيا علم الدين بدوي، فاتصلت بمسؤول جهاز ال 004 الشيخ يعقوب وأبلغته بالأمر وما إن وصلت الى الشرطة العسكرية في مرجعيون حتى وجدت سيارة تابعة للجهاز بانتظاري وأبلغت بأن المذكرة ألغيت ثم توجهت الى جدار فاطمة حيث كان بانتظاري الشيخ يعقوب فقال لي " لماذا غضبت فالجنرال إبن ستين أندخله المدرسة فهو حمار وما ترد عليه". وفي هذه الفترة، قرر نضال جمال السفر، فسلموبي المركز الذي كان يشغله ورقيت إلى رتبة نقيب وأعطيت لقب 70 للتخاطب معي على جهاز "موتورولا" حيث زودوي به. وقد سلمت كل الأجهزة اللاسلكية التي كانت بحوزي والوثائق التي استطعت قريبها إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية.
تخطي الإمتحان كيف تخطيت إمتحان " كشف الكذب "؟ - إلتحقت بالجهاز 5. 4 مباشرة فلم أصعد السلم درجة درجة وإنما قفزت قفزة واحدة وتعرفت خلال هذه الفترة على أشخاص يعملون في أجهزة الأمن العام والجيش اللبناني وقوى الأمن ويتعاملون مع العدو وقد ألقي القبض عليهم. وفي أحد الأيام، طلب مني الضابط الإسرائيلي دوران ملاقاته على الجدار واصطحبني إلى صفد وأخبري بأنه سيتم إخضاعي لامتحان على آلة لكشف الكذب واصفا اياها بالة الصدق مراعاة لشعوري فلم أشعر بالخوف خصوصا وأني واثق من نفسي ومن قدر على تخطي أشياء هي من إختراع البشر، كما أنه لم يكن لدي من مشكلة في افتضاح أمري وزجي في معتقل الخيام فقد كنت مقتنعة بالخط الذي أسلكه. وفور وصولي، كان طبيب بروفسور بانتظاري أدخلني إلى غرفة زجاجية فيما انتظري دررون
خارجة. وأوصلني بالة وسألني سؤالين:.هل قمت بعمل تخريي ضد إسرائيل؟
- کلا. .هل تتعامل مع جهاز آخر غير جهاز ال 504؟
- نعم.
كيف؟ - عندي عناصر أمن من الأمن العام والجيش اللبناني أتعامل معهم وهم ليسوا من جهاز ال 5
4 الذي أتعاطى معه. عندها نظر الي وابتسم ثم خرج، فطلب مني دورون الإنتظار قليلا ريثما تأتي النتيجة، ثم قال لي: مبروك لقد أصبحت واحدة منا، وربت على كتفي قائلا: أنت شخص ذكي. وهكذا واصلت العمل معهم وتعرضت الأمور كثيرة ونجوت من الموت مرات عدة، كما احترقت سياري أثناء قيادي لها، فاتصلت بالحزب وسألتهم " أين أنتم " فكان الجواب إن من يمشي في هذا الخط سيرى الحلو والمر". ولم أكن أعلم أنهم يؤمنون لي التغطية، وعلمت لاحقا بأي التقيت بالكثير ممن يعملون لمصلحة الحزب ولم أعرف حقيقتهم وكانوا يؤمنون الحماية لي.
لم أجد أحد
ماهي طبيعة عملك في جهاز ال 009؟ - إن مهمة هذا الجهاز هو جمع المعلومات الأمنية وكانت مهمتي الأساسية نقل " المصادر " الأمنية وجمعهم بالضباط الإسرائيليين، ومن ثم إيصالهم إلى خارج المناطق المحتلة وتزويدهم بكل ما يطلبونه کشراء الدفاتر والأقلام المجهزة لهم لدسها مع غيرها يكون العدو قد زودهم بها للقيام ببعض المهمات. كما أن هذه المصادر كانت تتواصل معي عند الضرورة لإيصال رسالة للعدو، علما أنها تتلقى رسائل سرية من العدو عبر موجات الأف. أم" في ساعات محددة يتم الاتفاق حولها مسبقا ولا يمكن لأحد، حتى ولو سمعها، أن يفك رموزها، ولكل مصدر شيفرة خاصة به، ويعمد بعد ذلك إلى كتابة رسالة بحبر سري ويرسلها إلى عناوين مختلفة في ألمانيا وأميركا وغيرها من الدول. ويقوم العدو بإيداع أموال وتحويلها إلى حساب المصادر لتجنب ترددهم إلى المنطقة وخوف من إفتضاح أمرهم، كما كنت مكلفة بالتقرب إلى الداخل إلى المنطقة وإيصال رسالة فقط له فيما إذا كان يرغب في التعامل معنا، لكني لم أكن أضغط على أحد فلا عمل بالقوة مع الإسرائيليين وإنما بإرادته والكثير ممن رفضوا ذلك لم يتعرض أحد منهم لأي سوء وأتحدى أي شخص يقول بأنه أجبر على العمل معهم. وهناك شخص قصدي لهذه الغاية فوصلته بالعدو ولم أمانع خوفا من إفتضاح أمري. واستلمت معبر جزين حيث كانت مهمتي صعبة جدا وهي مراقبة الأمنيين الموجودين على المعبر والذين يعملون لمصلحة الأجهزة الأمنية اللبنانية، لكني لم آخذ المهمة على محمل الجد خصوصا وأني كنت أراهم يموتون تباعة. وكان الجهاز 504 يوظف كل طاقاته لجمع معلومات حول المقاومة والسوريين وطريقة تفكيرهم، وأؤكد بأني لم أقم بأي عمل يؤذي وطني أو المواطنين فكانت مهمتي التقرب منهم وليس العكس. وعندما تركت المنطقة كانت صدمة العدو كبيرة وتحدثوا عن الأمر في الكنيست الإسرائيلي. فكنت أكبر خسارة يتلقاها الموساد الإسرائيلي بتفكيك شبكة مؤلفة من 77 جاسوسا. وقد أبعدوا أهلي وأخذوا أمي (18 عاما) وأبي (82 عاما) من المترل ولم يسمحوا لهما بأخذ أغراضهما وأوصلوهما الى معبر زمريا وطردوهما، ومشيا مسافة 6 كلم حتى وصلا إلى حاجز للجيش اللبناني. وعلى الرغم من أنني كنت حينها مرتاحة مادية، والآن لا أحصل ال 500 دولار، فأنا مسرور ما زلت مستمرة في عملي المقاوم واستطعت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية إقناع مسؤول جهاز الشاباك في شبعا بالعودة فجاء مع زوجته وابنه وكشف شبكة التجسس، كما أقنعت آخرين وغيرهم ممن بقي في الداخل وعمل لمصلحتنا. لست عمية مزدوجة هل تعتبر نفسك عميلا مزدوجا و - أنا لست عمية مزدوجة، وإنما كنت أعمل لجهة واحدة بقناعة. أما العميل المزدوج فهو الذي يعمل لجهتين ويفيد الإثنين معا. ولو كنت كذلك لما كشفت شبكة التجسس. وأترك على عاتقكم إيجاد تسمية لي، فأنا أكره كلمة عميل وأفضل الموت على سماعها. وأفتخر بما فعلته والمهم ما أنتجته وليس ما خسرته.
وما تقول للعملاء الفارين؟ - أوجه رسالة للذين فروا إلى إسرائيل وأسألهم ماذا أعطاهم العدو وما هي هايتهم وفاية أولادهم فأين كرامتهم فهم يعيشون مع الخبث اليهودي حول المستوطنات، وأناشدهم أن يعودوا حتى ولو كان مصيرهم الإعدام وليشكروا ربهم لأهم في أرضهم. وأخيرة، أقول بأننا بصدد إعداد کتاب يعرف العالم على حقارة اليهود ويتناول تجربتي معهم وقد باشرنا به وسنعلن عنه قريبا في مؤتمر صحافي، كما أوجه الشكر للنائب السابق أسعد حردان على جهوده ورعايته لي في مراحل مختلفة.
المراجع
(1) جريدة "المستقبل".الجمعة 20 أيار 2001، ص 34. (2) مجلة "البلاد". الأعداد 399 و 400 و 401 و 402.
العدد 399. السبت 22 آب 1998. ص 12_17. - العدد 400. السبت 29 آب 1998. ص 14_19. - العدد 401. السبت 5 أيلول 1998. ص 14_19. - العدد 402. السبت 13 أيلول 1998. ص 14_18. (3) أنظر كتاب على الموسوي " شبكات الوهن / عملاء إسرائيل في قبضة القضاء ". الجزء الأول. دار الهادي. بيروت الطبعة الأولى. أيار 2000 ص 200.







مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید