المنشورات

فضيحة العالم النووي الإسرائيلي

العميد إسحق ياکوف
إن جهاز الموساد عبارة عن مستنقع من الفضائح التي تفوح رائحة كل منها من وقت الى آخر، ومن بؤرة إلى أخرى.
فبعد قضية العالم النووي الإسرائيلي مردخاي فانونو، الذي تمكن من الهروب إلى خارج الدولة العبرية رغم كل إجراءات الأمن المشددة، باعتباره أحد الخبراء العاملين لسنوات طويلة في مفاعل ديمونا النووي، حاملا معه من الأسرار والخرائط والوثائق ما يشكل تهديدا بالغ الخطورة للدولة الصهيونية وجميع أجهزتها الأمنية مجتمعة، أطلت على الرأي العام العالمي في النصف الثاني من نيسان سنة 2001، فضيحة تجسس جديدة، بطلها هذه المرة ضابط إسرائيلي رفيع، برتبة عميد، أعتقل بتهمة تسريب أسرار نووية، وهو العالم النوري إسحق ياكوف (أو يعقوب). فمن هو هذا العالم؟ وما هي أسرار قضية تجسسه_ الفضيحة؟. اعترفت اسرائيل في الثاني والعشرين من نيسان 2001، للمرة الأولى، بفضيحة التجسس التي كشفت عنها صحيفة "ماندي تايمز " اللندنية قبل أيام قليلة من الإعتراف الإسرائيلي، الذي يشير الى أن الضابط الإسرائيلي المتورط في هذه القضية ليس سوى أحد القادة السابقين لوحدة تطوير الوسائل القتالية في الجيش الإسرائيلي العميد إسحق ياكوف
أو يعقوب). وتجمع وسائل الإعلام على أن هذا أرفع ضابط إسرائيلي رتبة توجه إليه قم بالتجسس لمصلحة جهة أجنبية. وتذكر هذه القضية بفضيحة مماثلة في مطلع الستينات تم فيها إقام مسؤول وحدة التاريخ في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية (إسرائيل بير) بالتجسس لمصلحة الإتحاد السوفياتي. وفيما تثير بعض الجهات ذات الصلة بأسحق ياکوف شكوكا حول الإقامات بالتجسس وترى أن هذه مجرد "هزة عصا" من جانب أجهزة الأمن الإسرائيلية ضد رجل أعمال ناجح، كشفت المحكمة الإسرائيلية عن أن أسحق ياکوف متهم بتهم تقع جميعة تحت بند التجسس في القانون الإسرائيلي. وأشارت مصادر إسرائيلية الى أنه برغم الحظر الجزئي الذي لا زال مفروضة على نشر أي معلومات عن هذه القضية، فإنه وصلت في السنوات الأخيرة إلى الجهات الأمنية الإسرائيلية معلومات تفيد بأن ياکوف ينوي تسليم جهات غير مخولة معلومات سرية وصلت إليه في إطار خدمته العسكرية. وإن ممثلين مخولين من الأجهزة الأمنية حذروا ياکوف في إجتماعات أجروها معه من أنه يحظر عليه تسليم هذه المعلومات لأي جهة. وجاء في لائحة الإقام الموجهة ضده أنه برغم ذلك قام ياکوف في السنوات الأخيرة، ومن دون تفويض، وبقصد الإضرار بأمن الدولة العبرية بتسليم معلومات سرية "جوهرية" وصلت إليه في إطار خدمته العسكرية إلى جهات غير مخولة بالإطلاع عليها. وتشير لائحة الإمام الى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تنظر بخطورة بالغة إلى أفعال ياکوف، وإنها قدمت لائحة الإقام ضده إلى المحمكة المركزية في تل أبيب، وتحتوي على ثلاثة بنود إمام تتعلق جميعة بتسليم معلومات سرية من دون تفويض وبقصد الإضرار بأمن الدولة اليهودية. وتجنبت جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية الحديث عما إذا كان لياكوف أي دور في تطوير الأسلحة النووية الإسرائيلية كما جاء في صحيفة "صاندي تايمز". ولكن من المعلومات الإسرائيلية يتبين أن ياکوف الذي يحمل جنسيات عديدة إضافة إلى الجنسية الإسرائيلية هو في الأصل مهندس ميكانيكي. وقد ولد إسحق ياکوف (أو يعقوب) في تل أبيب عام 1929، وبعد إنتهاء دراسته عام 1944 التحق بقوات البلماخ ". وبعد حرب 1948 تعلم الهندسة، قسم الميكانيك في معهد التخنيون في حيفا. وعمل في الجيش مساعدة لعاموس جوريف مؤسس وحدة تطوير الوسائل القتالية في هيئة الأركان العامة. وبعد ذلك عمل ياکوف مسؤولا عن المصانع الحربية التابعة لسلاح التسليح. وغادر إسرائيل للدراسة لمدة ثلاث سنوات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة الأميركية ليعود منها عام 1963 فينال رتبة عقيد ويغدو رئيسا لوحدة تطوير الأسلحة في الجيش الإسرائيلي. وفي عام 1998 تم تعيينه نائبا لكبير علماء المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. ومن هذا المنصب كان بوسعه الإطلال على ما يجري في مفاعل ديمونا.
وفي عام 1971 أوكلت إليه مهمة تأسيس وحدة الأبحاث والتطوير في الجيش الإسرائيلي وتم ترفيعه إلى رتبة عميد. وكان في هذا المنصب الى ما قبل أسبوع من نشوب حرب تشرين. وبعدها ترك الخدمة العسكرية ليتولى منصب كبير العلماء في وزارة الصناعة والتجارة.
هذا، ويقيم إسحق ياکوف منذ سنوات طويلة في الولايات المتحدة بعد أن غدا رئيسا لشركة برمجة أميركية. وتعمل هذه الشركة على تطوير برامج والقيام بأبحاث في كل من إسرائيل وروسيا.
ومن الجائز أن هذا الأمر بالذات هو ما أثار الشبهات حوله. وخاصة أن صحيفة " صاندي تايمز" أشارت إلى أن الشبهات إنطلقت أولا من حقيقة أن العميد إسحق ياکوف يعيش مع إمرأة روسية باتت تطل على معلومات سرية. وقد ظهرت هذه المرأة في 22 نيسان 2001 في إسرائيل أثناء قيام محكمة إسرائيلية بالنظر في أمر رفع السرية عن معطيات هذه القضية. وقالت صحيفة "صاندي تايمز" أنه من غير المعروف منتي تعرف إسحق ياکوف على هذه المرأة الروسية ومن هي. وأوضحت أنه سبق وأعلن طلاقه من زوجته الإسرائيلية قبل سنوات.
وذكرت صحيفة "صاندي تايمز" أن إعتقال ياکوف تم بأمر من وحدة الأمن في وزارة الدفاع الإسرائيلية يوم 28 آذار 2001، وأنه منذ ذلك الوقت يخضع للتحقيق على أيدي الشاباك. وركزت الصحيفة البريطانية على دور ياکوف في التطوير النووي الإسرائيلي سواء أثناء خدمته في الجيش الإسرائيلي أو في منصب كبير علماء وزارة الصناعة والتجارة.
واقتبست الصحيفة عن مقربين من ياکوف قولهم أن التحقيق مع هذا " العجوز الساذج" يشير الى حالة مرضية إسرائيلية تتعاطي بخوف مع كل القضايا الأمنية. وقارنت الصحيفة بين إعتقال العميد إسحق ياکوف وإعتقال مردخاي فانونو عام 1989 ... إنه "جنون الإرتياب الإسرائيلي " فعلا إزاء قضية حساسة تطال سمعة الموساد والأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية برمتها. وفي تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي بتاريخ 22 نيسان 2001، قال وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز ردا على سؤال وجه إليه بأربع صياغات مختلفة "ليس لدي ما أقوله في هذا الشأن ... ولست مستعدة للتفوه بكلمة واحدة". 
كما نفى النائب السابق لقائد الجيش الإسرائيلي والعضو حاليا في مجلس الوزراء المصقر ماتان فيلناي علمه بهذه القضية وقال:"آمل ألا يكون الأمر خطيرة، إلا أنني حقيقة لا أعرف شيئا ".
وأوضح أنه لا يعرف ياکوف الذي خدم في الجيش قبل سنوات كثيرة، ولكنه قال:. "ربما كان في المسألة ضرر وقع حتى ولو كان ذلك قبل سنوات كثيرة " (1).
هوامش (قضية إسحق يابكوف)
(1) راجع صحيفة "صاندي تايمز" البريطانية في 22 نيسان 2001. كذلك: جريدة "السفير" اللبنانية في عددها 8882. الإثنين في 23 نيسان سنة 2001 ص. 9. وأيضا: جريدة " المستقبل". الإثنين 23 نيسان 2001.









مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید