المنشورات
صدمة الموساد باكتشاف شبكة التجسس المالية والإقتصادية في لبنان
ليس من السهل أن يرتاح جهاز مخابراتي كالموساد وهو يرى إفيار شبكاته الواحدة تلو الأخرى، في الوقت الذي كان يظن فيه أن هذه الشبكات التجسسية تتمتع بساتر حصين يصعب كشفها. لكنه يفاجأ بأن إفيارها وفرطها يشبه تماما إنفراط حبات العنب من العنقود بسرعة لم يكن يتصورها من قبل، مثلما هو الحال مع شبكة التجسس التي اعتقل أفرادها من ذوي المواقع الإجتماعية والمهنية والثقافية والسياسية المرموقة في لبنان، والتي كان يعول عليها جهاز الموساد ريوليها إهتماما خاصا قلما حظيت به شبكة أخرى هذا الشكل وهذا المستوى ... وقد تناولتها مختلف وسائل الإعلام في لبنان، في الوقت الذي فوجي فيه كثير من أصدقائهم ومعارفهم وجيرانهم في محل إقامتهم، بتورطهم في قضايا تجسس لصالح العدو الصهيوني منذ سنة 1993.
وبالرغم من هزيمة العدو الصهيوني لأول مرة في تاريخه على هذه الصورة وانسحابه من جنوب لبنان والبقاع الغربي، في ملحمة تحريرية نادرة في أيار سنة 2000، فقد استمر أفراد هذه الشبكة في عملهم التجسسي ضد شعبهم ووطنهم وأمتهم، إلى أن تمكنت مخابرات الجيش اللبناني بالتعاون مع جهاز الأمن في (حزب الله من إصطيادهم، واعتقالهم ومحاكمتهم، وذلك من خلال مراقبة فتاة، تدعي هنادي رمضان، كانت تتردد الى منطقة (الحزام الأمني) قبل التحرير، إلى أن تم إلقاء القبض عليها واعترفت بأن العميل رضوان خليل الحاج هو الذي جندها للعمل مع المخابرات الإسرائيلية، ثم كرت "حبات المسبحة" وانفرط العقد الذي كان يتألف من عماد حسين الرز (أحد مدراء مستشفى الشرق الأوسط في بيروت) ومحمد عبد العزيز أبو ملحم (نائب مدير أحد المصارف) ورضوان خليل الحاج (تاجر معروف) وحسن هاشم (أحد مسؤولي حركة "أمل" سابقا مطرود من صفوفها)، بالإضافة إلى هنادي رمضان. فما هي أسرار هذه الشبكة؟ وكيف تم القاء القبض على أعضائها؟ وماذا كانت النتيجة؟
إن قصة شبكة التجسس الإسرائيلية قد بدأت قبل أربعة أشهر باعتقال فتاة لبنانية تدعى هنادي رمضان، كانت مديرية المخابرات قد رصدها لاشتباهها بقيامها بنشاطات لصالح المخابرات الإسرائيلية قادت التحقيقات مع هنادي رمضان إلى كشف هوية العميل رضوان خليل الحاج، الذي طوع في الأصل هنادي المذكورة للعمل ضمن الشبكة.
وأحيلت هنادي مع الملف إلى النيابة العامة العسكرية، وبنتيجة التحقيقات المكثفة مع رضوان الحاج، کشف الأخير عن بقية أفراد الشبكة، وهما عماد حسين الرز ومحمد عبد العزيز أبي ملحم، وجرى تعقب الشبكة في لبنان وفي بعض الدول الأوروبية التي كان أفراد الشبكة يسافرون اليها للقاء الضباط الإسرائيليين، وكان آخر لقاء العماد الرز في السفارة الإسرائيلية في روما في 10 شباط 2002. ويعتبر عماد الرز، الرئيس الفعلي للشبكة، وقد دل على ذلك أن المخابرات الإسرائيلية قد جهزته ببطاقة هاتف خليوي تسمح له بإجراء الإتصالات الدولية عبر الشبكة الإسرائيلية. وقد تقاضى أفراد العصابة الذين عملوا منذ العام 1993 مع المخابرات الإسرائيلية إلى حين توقيفهم، عشرات آلاف الدولارات كبدل للمعلومات التي كانوا ينقلوها. ويبدو من الموقع الإجتماعي والمهني والثقافي لأفراد الشبكة وأعمارهم ونضجهم، بأنها كانت تمثل أهمية خاصة للموساد، بحيث تعطي الفرص المناسبة للقيام بعمليات إختراق لمختلف القطاعات السياسية والإجتماعية والإقتصادية، كما تعطيهم حرية الحركة داخل لبنان وخارجه، والقيام بأسفار متكررة دون لفت النظر الى حركتهم. فعماد الرز هو مدير في مستشفى الشرق الأوسط ومحمد أبي ملحم هو نائب مدير أحد المصارف، فيما رضوان الحاج تاجر معروف.
أما على صعيد نشاط الشبكة، فلم يقتصر كما عودتنا المخابرات الإسرائيلية على الإستعلام الأمني المحدود، بل غطى نشاط الشبكة قطاعات واسعة، منها إنتشار الجيشين اللبناني والسوري، وبذل الجهود اللازمة لاختراق حزب الله والمنظمات الإسلامية، إلى جانب التركيز على المصارف وحركة تبييض الأموال، والتي شكلت أولوية بعد أحداث 11 أيلول، كما أنها شملت الرصد السياسي وجمع المعلومات عن النواب والوزراء والفعاليات السياسية والإجتماعية، ولم تغفل بالتأكيد عن موضوع الأسرى الإسرائيليين ومعلومات عن أمكنة دفن بعض الجنود الإسرائيليين. وفي رأي بعض المصادر الأمنية، أن الكشف عن الشبكة يدحض كل أفكار التبسيط التي حاولت أن تسوقها بعض الفئات، عن أن الحديث عن وجود عملاء لإسرائيل في لبنان هو هراء، ويأتي في سياق الذرائع التي تستعملها الأجهزة الأمنية ضد بعض الأشخاص لأسباب سياسية، وحجتهم في ذلك أن إسرائيل قد فقدت كل إهتماماها بما يجري في لبنان منذ إنسحابا منه في 20 أيار العام 2000. وكشفت المصادر أن هنادي رمضان التي كانت أوقفت من قبل الأجهزة الأمنية وأطلق سراحها لساعات قليلة قد جرى توقيفها مجددا، ولم تفصح المصادر عن أسباب توقيفها مرة أخرى ولا عن أسباب إطلاقها.
وعلمت "الديار" من المصادر ذاها أن حسن هاشم إعترف أمام المحقق أنه قام بإتصالات مع مسؤولين إسرائيليين في الخارج، وبالتحديد في بعض السفارات الإسرائيلية في الخارج. وأوضحت أنه إعترف بقبض مبالغ مالية تصل الى حدود 100 الف دولار. وأشارت المصادر إلى أن الموقوفين الأربعة الذي جرى توقيفهم قبل هاشم لم يأتوا على ذكر الأخير باستثناء محمد عبد العزيز أبي ملحم الذي إعترف بتورط هاشم في إجراء إتصالات مع الإسرائيليين.
وبالفعل، طرحت قضية توقيف هذه الشبكة التجسسية الهامة المصلحة العدو الإسرائيلي سلسلة تساؤلات حول ما يخططه هذا العدو ضد الساحة اللبنانية، رغم كل ما حصل طيلة سنوات المواجهة مع الإحتلال الإسرائيلي بالإضافة إلى الضغوط والخروقات التي مارسها خلال فترة السنتين بعد التحرير. وفي اعتقاد مصادر سياسية بارزة أن كشف شبكة التجسس على مستوى كبير من الأهمية، ليس لأن العدو استطاع تجنيد هؤلاء الناس لخدمته مقابل بضعة عشرات الآلاف من الدولارات، بل لأن كشف الشبكة يعطي مصداقية كبرى للقوى الأمنية بعدما أثبتت أنها قادرة على منع حصول إختراقات للساحة الداخلية، وتشير هذه المصادر إلى أن أهمية الكشف عن الشبكة لا تلغي خطورة العمل الذي قامت به خلال فترة تعاملها مع العدو الإسرائيلي، خصوصا أنها كانت مكلفة بجمع معلومات إقتصادية - مالية إضافة الى المعلومات السياسية والأمنية، مما يؤشر إلى أن إسرائيل لا تزال تسعى بكل ما لديها من إمكانيات الإختراق الساحة الأهداف متعددة أبرزها التالي:
- محاولة جمع المعلومات عن السياسيين والقوى المختلفة بما يمكنها من إختراق من يمكن إختراقه كما حصل مع حسن هاشم، والإغتيال كما حصل مع الوزير السابق ايلي حبيقة. - جمع المعلومات عن التحركات الأمنية والعسكرية للجيشين اللبناني والسوري إنطلاقا من أصدقاء شبكة التجسس بما في ذلك من يمكن أن يكون متورطا من غير الذين جرى توقيفهم. - الأخطر في كل ذلك جمع المعلومات عن الاقتصاد اللبناني بما يوفر ذلك من مادة للعدو الإسرائيلي کي يسعى ويعمل لخلق حالة من عدم الإستقرار الاقتصادي المالي وصولا إلى إنهيار البلد في حال تمكنه من ذلك.
وفي تقدير المصادر فإن إسرائيل تحاول في الوقت ذاته وعندما تستطيع ذلك خلق إرباكات في كل الإتجاهات والدليل على ذلك الإعترافات
الشبكة التجسس الأخيرة.
وتضيف المصادر أن ما حصل يؤكد أن إسرائيل ما تزال تعمل الإختراق الساحة، وليس هناك من رادع لهذا الإختراق إلا بتقوية ودعم النظام الأمني والذي تلعب فيه أجهزة المخابرات الدور الرئيسي.
وعلقت مصادر سياسية موالية أن كشف هذه الشبكة الخطيرة يفرض ضرورة تحصين الوضع الأمني.
وترى هذه المصادر أن دور الأجهزة الأمنية سيتعاظم لأن إنتهاء الإحتلال والمواجهة في الجنوب سيدفع إسرائيل إلى تكثيف عملياتها في الداخل، وهذا ما يشكل خطرا متصاعدة في ظل النوايا الإسرائيلية ضد الدولة والمقاومة، بحيث يتحول الى عمل ميداني إرهابي.
هذا، وقد وزعت قيادة الجيش - مديرية التوجيه بيانا عن هذه الشبكة جاء فيه:" تمكنت مديرية المخابرات في الجيش بعد سلسلة تحريات وتحقيقات من كشف وتوقيف شبكة تجسس لصالح العدو الإسرائيلي تضم عماد حسين الرز 43 سنة (مدير في أحد مستشفيات بيروت). ومحمد عبد العزيز أبي ملحم (45 سنة، شغل في السابق نائبا المدير أحد المصارف)، ورضوان خليل الحج (38 سنة _تاجر).
وقد إعترف أفراد الشبكة بالعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية منذ العام 1993 وحتى تاريخه، وزودوا العدو بمعلومات عن تحركات ومراكز الجيش اللبناني والعربي السوري ونشاطات المقاومة وبعض الشخصيات السياسية اللبنانية، وعن مؤسسات إقتصادية ومصرفية وسياحية وحركتها الإقتصادية، وكانوا يسلمون المعلومات لضباط من المخابرات الإسرائيلية يلتقوهم بناء على تخطيط مسبق في عدد من السفارات الإسرائيلية في بعض العواصم الأوروبية كما قام أفراد الشبكة بتجنيد أشخاص للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية وتأمين لقاءات لهم خارج لبنان مع الضباط الإسرائيليين. وقد تقاضوا في مقابل هذه الأعمال مبالغ مالية ضخمة. وأحيل الموقوفون الى القضاء المختص ".
وعلمت "السفير" من مصادر مطلعة على مجريات التحقيق أن أفراد هذه الشبكة "عملاء مميزون" كان ضباط "الموساد" يستقبلوهم في السفارات الإسرائيلية الموجودة في عدد من العواصم الأوروبية مثل برلين، أوسلو، روما، وفينا بخلاف ما كانوا يفعلون مع أفراد شبكات التجسس الأخرى حيث كانوا يلتقون بهم في الفنادق والمطاعم، مما يدل على خطورة المعلومات التي كانوا مكلفين بجمعها.
وتركزت مهمة هذه الشبكة على المؤسسات المصرفية والإقتصادية والمنتجعات السياحية البارزة ومعرفة مدى علاقتها بحزب الله وما إذا
كانت تمده بالمال، وذلك في وقت كان يتعرض فيه لبنان لضغوط كبيرة من الولايات المتحدة الأميركية في إطار "حربها" على "الإرهاب" وما إستتبعها من صدور للقرار الدولي المتعلق بمكافحة الإرهاب والذي عرف بالرقم 1373.
وكلف الموقوفون الثلاثة بمعرفة الدعم المادي الذي تقدمه بعض المؤسسات التجارية والإقتصادية الكبرى في منطقة الضاحية الجنوبية لحزب الله، وحقيقة وضعها المالي وقدرتها على تأمين الدعم للحزب بشكل خاص وللإقتصاد اللبناني بشكل عام.
وشمل نشاط الرز وأي ملحم والحاج تزويد الضباط الإسرائيليين بالمعلومات الأمنية عن مواقع الجيشين اللبناني والسوري والمقاومة في غير منطقة لبنانية، وعن تحركات عدد من النواب والشخصيات السياسية والحزبية البارزة وفي طليعتهم أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله إضافة إلى محاولة جمع معلومات عن الطيار الإسرائيلي رون آراد الذي سقطت طائرته الحربية خلال إغارقا على جنوب لبنان في الثمانينيات.
وكان هؤلاء الثلاثة يحددون معلوماتهم حول المراكز الحساسية على صور جوية مكبرة تعرض عليهم من قبل الضباط الإسرائيليين الذين
كانوا يكافوهم بالأموال الطائلة في كل رحلة خارجية بحيث تراوح قيمة المكافأة الواحدة بين خمسين ألف دولار ومئة ألف دولار أميركي.
وتضيف المعلومات الأمنية التي حصلت " السفير عليها أن الموقوفين الثلاثة لا يعرفون بعضهم بعضا مما يعني أنهم كانوا يشكلون شبكة غير مترابطة، ولكنها كانت تؤدي الدور نفسه وتنفذ التعليمات نفسها التي كلفها بها ضابط الإرتباط الإسرائيلي المعروف باسم "رينية".
وقدتم توقيف الرز وأبي ملحم والحاج في لبنان عن طريق فتاة كانت رأس الخيط في الكشف عن الشبكة ورصدها على مدى أربعة أشهر.
الموقوفون الثلاثة عملوا تسع سنوات في التجسس من دون إثارة الشبهات نظرا لمكانتهم الإجتماعية التي كانت تتيح لهم تغطية أسباب سفرهم من حين إلى آخر إلى الخارج، وكذلك تجنيد بعض الأشخاص للعمل والذين تتواصل التحقيقات والتحريات لكشفهم وتوقيفهم ...
كما تناول العميد المتقاعد نزار عبد القادر هذا الموضوع في جريدة "الديار" مشيرة إلى خطورته على مختلف الأصعدة، حيث تؤكد شبكة التجسس التي ضبطتها مديرية المخابرات في الجيش سواء من نوعية الأشخاص الذين طوعتهم إسرائيل للعمل لصالحها أو من نوعية المهمات الإستعلامية التي كلفتهم بها على عمق إهتمامات إسرائيل بالأوضاع اللبنانية السياسية والأمنية والإقتصادية. ويمكن وصف العملية بأها تصب في خانة العمليات التجسسية المتقدمة، إن كان لجهة تنظيم الشبكة أو إختيار أفرادها وتنوع مهنهم وموقعهم الإجتماعي بحيث يمكنهم من التستر ومن حرية الحركة في داخل لبنان وخارجه لجمع أكبر قدر من المعلومات، دون التعرض لانكشاف أمرهم.
وتأتي هذه الشبكة الجديدة لتعيد رسم صورة عن عمق الإهتمامات الإسرائيلية بالساحة اللبنانية، وخصوصا في أعقاب هجمات 11 أيلول على واشنطن ونيويورك، والتي فتحت الشهية الإستخباراتية لدى جهاز الموساد الإسرائيلي ليتوسع في جهده لجمع المعلومات عن كل أوجه النشاط السياسي والاقتصادي والأمني وصولا إلى محاولات لحرق النظام المصرفي وإختراق التنظيمات الإسلامية الأصولية.
في الواقع، لا يشعر المواطن بأهمية الأمن طالما بقيت الأوضاع مستقرة، وطالما غاب عن ناظريه خطر التهديد لحياته أو لمصالحه، وفي غياب إدراك حقيقة التهديد الإسرائيلي المستمر لا بل المتصاعد ضد لبنان تبقى الساحة مفتوحة للمزايدة سواء في موضوع الحرص على الحريات أو في موضوع عصر النفقات الباهظة وغير المجدية" التي تستعرفها الأجهزة الأمنية
في إطار الحديث عن أهمية "نعمة الأمن والتي بدا لوهلة، إن اللبنانيين قد نسوا أو تناسوا كل المأسي التي واجهوها عندما غابت الدولة وأجهزها عن الإضطلاع بدورها الأساسي في تحقيق الأمن حيث سادت ولسنوات طويلة شريعة الغاب وفتحت حدود الوطن لطوابير الإحتلال والتخريب الإسرائيلية.
وحتى لا ننسى جميعنا ضرورة وحيوية نجاح الدولة في تحقيق الأمن عبر صيانته بالطريقة الوقائية وعلى غرار ضبط شبكة التجسس التي أعلن عنها .. أن أهمية وخطورة هذه الشبكة تستدعي تسليط الضوء على أفرادها ونشاطها المتنوع كخطوة على طريق زيادة الوعي العام من أجل تحصين الساحة الداخلية ومواجهة المخطط الإسرائيلي الموجه ضد لبنان.
كيف توصلت مديرية المخابرات الى كشف الشبكة؟
في معلومات من مصدر أمني رفيع ل" الديار" بأن قصة الشبكة قد بدأت قبل أربعة أشهر باعتقال فتاة لبنانية تدعى هنادي رمضان كانت مديرية المخابرات قد وضعتها على لائحة أهدافها لقيامها بنشاطات مشبوهة.
أوقفت هنادي رمضان بعد توقر الدلائل على ضلوعها بالعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية وجرى التحقيق معها بتهمة التعامل مع المخابرات الإسرائيلية، حيث إعترفت بالتهمة وأقرت بأن المدعو رضوان خليل الحاج قد طوعها للعمل معه لجمع المعلومات لصالح إسرائيل. ونتيجة إعتراف هنادي نظم لها ملف تحقيق قضائي وأرسلت للنيابة العامة العسكرية.
وفي التحقيق المكثف الذي تابعته مديرية المخابرات مع المدعو رضوان خليل الحاج إعترف بوجود شبكة أساسية مؤلفة منه ومن عماد حسين الرز ومحمد عبد العزيز أبي ملحم، وانطلاقا من هذه المعلومات المثيرة استطاعت مديرية المخابرات من تعقب نشاط أفراد الشبكة داخل لبنان وفي عدد من الدول الأوروبية.
وكان آخر هذه الإتصالات التي أجرتها الشبكة مع الموساد الإسرائيلي في 10 شباط 2002 في السفارة الإسرائيلية في روما، حيث تقرر بعد ذلك توقيف أفراد الشبكة خوفا من إطلاقم من قبضة العدالة خصوصا بعدما إستنفدت جميع الوسائل لضبط عناصر جديدة تابعة للشبكة حيث كانت تحوم الشبهات على بعض الأشخاص الآخرين، حيث أكدت عمليات الرصد أن بعض هؤلاء الأشخاص المشبوهين قد رفضوا التعاون مع أفراد الشبكة عندما حاولوا تطويعهم للعمل معهم تحت ذرائع متنوعة
تنظيم الشبكة وأفرادها
وفق معلومات المصدر الأمني ضمت الشبكة ثلاثة عناصر أساسية بالإضافة إلى هنادي رمضان وهم: عماد حسين الرز 45 سنة، مدير مستشفى الشرق الأوسط في بيروت ومحمد عبد العزيز أي ملحم -45 سنة وكان مساعدا لمدير أحد فروع المصارف، ورضوان خليل الحاج - 38 سنة تاجر، ويبدو من الموقع الإجتماعي والمهني والثقافة التي يتمتع بها أفراد الشبكة وأعمارهم مدى الأهمية التي كانت تحتلها بالنسبة للموساد الإسرائيلي. فالموقع الإجتماعي والمهني يسهل لأفراد الشبكة عملية الإختراق لمختلف القطاعات الإجتماعية والمهنية، كما يسمح لهم موقعهم وثقافتهم وأعمارهم بحرية الحركة، داخل لبنان وبالقيام بأسفار عديدة دون إمكانية لفت النظر الى حركتهم. ووصف المصدر الأمني الرفيع بأن عماد حسين الرز العضو الأبرز في الشبكة وبأنه كان يقوم بوظيفة رئيس وموجه الشبكة دون أن يعني ذلك أنه يحجب أعضاءها الآخرين من السفر و الإتصال بمدير الشبكة الإسرائيلي. وظهرت أهمية موقع عماد الرز من خلال تجهيزه بکارت هاتف خليوي إسرائيلي من النوع الذي يسمح بإجراء إتصالات دولية عبر الشبكة الإسرائيلية. ويضيف المصدر الأمني أن التحقيقات قد أثبتت قيام أفراد الشبكة بأسفار عديدة الى عدة دول أوروبية للإجتماع بضباط إسرائيليين داخل السفارة الإسرائيلية في هذه الدولة، وكان آخرها سفر الرز الى روما في
10 شباط 2002. نشاط الشبكة ومهامها
بية أفراد الشبكة وقدرهم على التحرك وجمع المعلومات أعطيت للشبكة مجموعة من المهمات الإستعلامية الخطيرة الواسعة بحيث أنها لم تقتصر على الموضوع الأمني بمعناه الضيق، على غرار المهمات التي أعطيت لمجموعة من الشبكات جرى كشفها سابقا والتي كانت تقتصر مهماتها على جمع المعلومات عن أهداف محدودة، تتخذ في غالب الأحيان الطابع الأمني الميداني أو التخريي أو التحضير لعملية إغتيال.
لقد تركزت مهمات الشبكة على المواضيع الآتية: 1- في الشأن الأمني: جمع المعلومات عن إنتشار وحدات الجيشين اللبناني والسوري في مختلف المناطق، وقد شدد الجانب الإسرائيلي على ضرورة جمع المعلومات عن عملية إعادة إنتشار القوات السورية بعد إنسحاها من بيروت ومناطق جبل لبنان.
2 - محاولة إختراق تنظيم حزب الله والمنظمات الإسلامية الأخرى، وجمع المعلومات عن إنتشار حزب الله في الجنوب ومواقع قياداته ومعلومات عن القياديين، ويبدر أن أفراد الشبكة قد نجحوا في الإتصال مع بعض القيادات السياسية في الحزب وخصوصا النواب منهم. 3_ الرصد السياسي: كلفت الشبكة بالقيام بعمليات جمع معلومات سياسية ورصد أنشطة القيادات والفعاليات وقد زودت بالفعل الموساد الإسرائيلي بمعلومات قيمة وأساسية عن عدد كبير من النواب والوزراء وقد رصدت لسنوات طويلة نشاطات عدد كبير من النواب والوزراء والفعاليات.
رصد النشاط الإقتصادي: كلفت الشبكة برصد النشاط الإقتصادي في لبنان وخصوصا الوضع المصرفي والمالي وعمليات تبييض الأموال وحسابات بعض الأشخاص والمنظمات وخصوصا حركة تبييض الأموال وذهبت المخابرات الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك في اهتمامها بالوضع الإقتصادي من خلال الطلب إلى الشبكة لجمع معلومات عن القطاع السياحي وحركة الأجانب والعرب باتجاهه بعد أحداث 11 أيلول.
- البحث عن المعلومات الخاصة بالأسرى الإسرائيليين، وعن أماكن دفن بعض الإسرائيليين الذين قتلوا أو ماتوا في الأسر ومنهم رون أراد. وشكل المال الحافز الأساسي لهذا النشاط الكبير الذي أنيط بأفراد الشبكة حيث قبض كل منهم خلال السنوات التي امتدت من العام 1993 الى حين ضبط الشبكة عشرات آلاف الدولارات كل سنة.
ويعتبر المصدر الأمني الرفيع أن تنظيم هذه الشبكة المثقف وانتقاء أفرادها بدقة وقدرتهم على التخفي لسنوات الى جانب المهمات الواسعة التي كلفوا ها تؤشر إلى الأهمية التي تعلقها الأجهزة الإسرائيلية على إختراق المجتمع اللبناني بكل مؤسساته، وهي تشكل تهديدا خطيرة المستقبل لبنان وهذا ما يستدعي اليقظة وتكثيف النشاط المضاد الذي تضطلع به مديرية المخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى.
يعيد ضبط الشبكة هاجس الأمن والتهديد الإسرائيلي إلى الواجهة خصوصا بعدما تبين أن النوايا الإسرائيلية تتعدى مفهوم التهديد بمعناه الضيق والذي يتوقف عند حدود المواجهة في الجنوب ليشمل كل المصالح الحيوية اللبنانية. إنها ولا شك، "كارثة" أصابت الموساد في الصميم، والحبل على الجرار.
الجرار.
المراجع
1 - جريدة "الديار". العدد 4810 الخميس 28 شباط 2002 ص. 1
- والعدد 4813 الأحد في 3 آذار 2002. 2 - جريدة "السفير" العدد 9134 الأربعاء 27 شباط 2002 ص. 19| 3 - جريدة "النهار" الأربعاء 27 شباط
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
2 أبريل 2024
تعليقات (0)