المنشورات
الإختراق السوفياتي للإستخبارات الإسرائيلية
أو الخطر الأحمر"
"الخطر الأحمر"
شكلت عمليات الإختراق السوفياتي لأجهزة الإستخبارات الإسرائيلية حالة نموذجية من نوعها في عالم التجسس. وكانت بالنسبة لقادة الموساد، ولقادة الأجهزة الأمنية الأخرى، بمثابة ضربات "المنجل" على رقابهم، و " المطرقة" على أدمغتهم. وبتعبير أكثر دقة، فإن الموساد أصيب " بالسيدا الأمنية" أو " بالإيدز الأمني" قبل أن تعرف ظاهرة الإيدز وتنتشر، بالشكل الذي عرفت فيه وانتشرت فيه
بالغرب.
وبالفعل، يعتبر الإختراق السوفياي للمجتمع الإسرائيلي عامة، وللأجهزة الأمنية الإسرائيلية، خاصة، وللموساد على الأخص، من أكثر الضربات إيلاما هذا الجهاز الذي يدعي قادته دومة بأنه مره عن الخطأ، كما عن الإختراق والهزات الداخلية، مع العلم أن هذا الجهاز،وأكثر من أي جهاز إستخباري آخر، مصاب بادران وأورام خبيثة، تجعل عافيته وسلامة صحته على المحك.
على هذا الأساس، ليس بمقدور رؤساء الموساد، على إختلاف ألوانهم وامزجتهم وطموحهم، أن يخفوا فضائح هذا الجهاز على مر تاريخه. إذ من المؤكد أن أي رئيس للمخابرات الإسرائيلية لم ينج من فضيحة أو أكثر، إن لم تود بحياته الشخصية، فبحياته السياسية والعسكرية، ودفعته إما إلى الاستقالة أو الإقالة ... وطبيعي أن يكون طعمها في كلتا الحالتين، مر.
ويعترف أحد رؤساء الموساد الأسبق، إيسر هارئيل، أنه "ليس هناك أمهر من الروس في إلقاء الشباك" (1) العنكبوتية وإصطياد الضحية. وبنوع من "المباهاة" بالقدرات الخارقة لجهاز الموساد في الميدان الإستخباري، يشير هارئيل بقوله: ومما لا شك فيه، أن المحاولات السوفياتية تلك، لم تغب عن أعين جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الذي كان يراقبها، ويراقب جميع خطواتها بعين الصقر " (2).
بيد أن التناقض الذي وقع فيه إيسر هارئيل في هذا الإطار، وشكل دحضة واضحة لمزاعم القدرة الإستخبارية الإسرائيلية، يتمثل في إعترافه أن معظم إكتشاف العملاء السوفيات وغيرهم تم بطريق الصدفة، فضلا عن أن "العنصر اليهودي" قد شكل جل حالات الاختراق هذه؛ وليس معنى ذلك سوى الإسفين الكبير في نعش "المسلمات" الصهيونيه واليهوديه، وبالتالي معظم المزاعم والأباطيل التي تتبجج کا على مرأى من دول العالم ومسمعها، مدعية أن "اليهودي" لا يمكن أن "يخون" اليهودي الآخر، ولا دولته ولا ديانته!!!.
والأهم من كل ذلك، أنه لم يكن معظم العملاء الأجانب الذين أكتشفت علاقتهم بالسوفيات أو بإستخبارات الدول الشرقية والعربية وغيرها من النوع العادي والبسيط، بل كان معظمهم من العلماء ورجال الفكر والسياسة، أو من أركان العسكرية الإسرائيلية وهيئاما القيادية. بمعنى أن هذا التغلغل لم يقتصر على الجسم الإسرائيلي نفسه، سياسية وعسكرية، حيث استقر أحيانا في جمجمة أصحاب القرار ...
أما عن الطريقة التي اعتمدها السوفيات " لإقتناص" العملاء في دولة الإحتلال الصهيوني، خصوصا العلماء منهم، يؤكد إيسر هارئيل أفا كانت فعلا "طريقة ذكية وماكرة، فقبل أي إتصال مع أحد العلماء، كان جهاز الاستخبارات السوفياي يجمع عنه جميع المعلومات الممكنة، عن عمله وعائلته وماضيه وعلاقاته وإرتباطاته، ونقاط ضعفه، ومن ثم يتوجه إليه أعضاء البعثة العلمية السوفياتية) وهم مزودون بتلك الكمية الهائلة من المعلومات " (3).وعبر هذا الأسلوب، يجد العالم نفسه أمام أشخاص يعرفون عنه كل شيئ، في الوقت الذي نسي هو بذاته بعض التفاصيل، فيذكره هؤلاء الأشخاص بها. عندها يدرك أنه في قبضة أناس يتحكمون، ليس برقبته فقط، بل وبعقله وبدماغه أيضا ... فيبدو أمامهم قزمة بالرغم من علو كعبه وهمته ومنصبه وبحر معلوماته، فيذعن صاغرة للإستفادة من علوم هؤلاء ومعلوماقم - الكنز ...
إنطلاقا من هذا الواقع، يجدر بنا أن نتطرق الى بعض العينات التي تمثل نوعا من الحقائق والوقائع الدامغة في هذا الإطار.
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
2 أبريل 2024
تعليقات (0)