المنشورات
فضيحة الجاسوس الهندي "سواروب" تمر العالم.
ليس من المستغرب أن تستحوذ الهند على اهتمام الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب كما على الاهتمام الإسرائيلي بشؤوها الكبيرة والصغيرة على السواء، مثلما كان الاهتمام البريطاني بها لعشرات السنين، حتى غدت "درة التاج البريطاني" ذاته.
ومما لا شك فيه، أن قضايا الجاسوسية والمخابرات هي العامل الأبرز دائما _ بالإضافة إلى العلاقات الأخرى ذات الطابع العلني - وذلك من أجل الوصول إلى ما لا تستطيع العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية ... أن تصل إليه، لكي يصبح هذا "الملك" بالتالي ورقة إبتزاز تستخدم في الوقت المناسب ضد الشخص المناسب أو الجهة المناسبة. ومن هنا كانت الشبكة الجاسوسية التي شكلها "راما سواروب" لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل وألمانيا، من أقوى الشبكات التي هزت المجتمع الهندي ... والعالم فمن هو " راما سواروب"؟ وكيف انكشف أمره؟
كانت فضائح التجسس الثلاث التي اكتشفت في الهند خلال العامين الماضيين بمثابة لطمة عنيفة هزت المجتمع الهندي خصوصا وان المتورطين فيها كانوا وزراء ورجال دولة وجيش وصحفيين وأساتذة جامعات وأعضاء برلمان.
وكانت أولها فضيحة الأخوة لارکينز التي تورط فيها ثمانية من كبار رجال الجيش واكتشفت في أواخر 1983 و كانوا يحمدون المخابرات الأميركية بالمعلومات العسكرية عن طريق السفارة الأميركية في دلهي. وكان رجال المخابرات الأميركية آنذاك رفائيل مارياني ويعرف بإسم جوکي ورينولد فردريك ستالاتش ويعرف بإسم بن هاري ويذري ويعرف باسم جون ثم الرائد بال كينلي باتان ويعرف بإسم بد ..
ثم كانت الفضيحة الثانية التي حوكم فيها كومار ناريه ومانيکلال في تشرين الثاني (نوفمبر) 1980. أما بطل الفضيحة الثالثة _ أحدث وأكبر الفضائح - فهو راما سواروب الذي كان يدير شبكة كاملة من بين أعضاء البرلمان والوزراء والصحفيين ورجال الجيش و كبار رجال الدولة في حكومة راجيف غاندي. واستقال على أثر هذه الفضيحة ثلاثة من وزراء الهند هم سنغ ديو وزير الأغذية والتموين و شاندرا کار وزير التنمية الريفية ورئيس تحرير صحيفة هندوستان سابقا والدكتور سانجيفي رار وزير الألكترونيات.
ولكن كانت وقائع التجسس قد أصبحت أمرا عادية في الآونة الأخيرة، إلا أن المعلومات التي تكشفها التحقيقات في هذه القضايا من شأنها تبصير المواطن المسلم في كل مكان بالأساليب التي تتبعها المخابرات الأجنبية في السيطرة على بعض بلدان العالم الثالث، وتوجيه الأحداث فيها والتدخل في صنع قراراها السياسية. فهي حقا وقائع وأساليب طريفة جديرة بالقراءة والتسجيل.
في 28 تشرين الأول (أكتوبر) 1980 قبضت السلطات الهندية على راما سواروب البالغ من العمر 25 عاما. ثم جاءت إعترافاته في 218 صفحة نشرت في الهند حديثا وفيها كثير من المعلومات المثيرة والمفيدة في آن معا.
أعطى سواروب خلال إعترافاته أسماء عشرات من قادة حزب المؤتمر الحاكم والأحزاب السياسية الأخرى وأعضاء البرلمان ممن كانوا يشكلون
حلقات إتصال تجسسية خلال الأعوام القليلة الماضية. وكان من بين هذه الأسماء الصحفي الهندي اللامع خشونت سنغ واتال ماري وأجبائي الزعيم المعارض، و كانتي ديساي إبن موراجي ديساي رئيس وزراء الهند في الفترة من
1980/ 77. وعن طريق كانتي ديساي إستطاع سواروب معرفة ما تم في المباحثات التي جرت بين بريجنيف وديساي رئيس وزراء الهند ثم قام بإبلاغ هذه الأسرار الى دبلوماسيين أميركيين.
باکستان مشوهة"
ومن بين مئات الأوراق والمستندات الهامة التي استولت عليها الشرطة من مكتبه ملف يحمل رقم 1 - PT وفيه وثيقة بعنوان "باکستان مشوهة" كتبها المحامي الشهير لكھي الذي كان محامي الدفاع عن قتلة أنديرا غاندي، ويدافع الآن أيضا عن سواروب. كذلك وجدت الشرطة من بين المستندات خريطة عسكرية سرية لباكستان.
وثيقة أخرى وجدت في مكتب سواروب عبارة عن تحليل تجاري أعده جاي شيکهار الأستاذ بجامعة فرو حول تجارة الهند مع الإتحاد السوفياتي بالعملة المحلية الهندية. يقول هذا التحليل إن إلغاء هذا النظام سيفيد الهند، ويضرب مثلا بما كان من معاهدة مماثلة بين مصر والإتحاد السوفياتي وكانت النتيجة تدهور الإقتصاد المصري. وقد تبين للسلطات الهندية أيضا أن المخابرات الأميركية كانت تمول مجلة " Research Journal" التي كان يصدرها شنکھار حول دول عدم الانحياز.
وأهم ما في قصة سواروب الجزء الخاص بعلاقاته مع "إسرائيل" وأميركا حيث إعترف بأنه كان عميلا لهاتين الدولتين. وكانت بداية عمله التجسسي في عام 1954 حين اتصل بدبلوماسي إسرائيلي إسمه كابسي كان يعمل في القنصلية الإسرائيلية في بومباي. وبدأ يتقاضى منه 200 روبية في الشهر وكانت مبلغ كبيرة آنذاك _ علاوة على نفقات تعريفه على أعضاء البرلمان والصحفيين وترتيب مواعيد ولقاءات بينه وبينهم في دلهي.
وإستمر سواروب في تسريب المعلومات إلى القنصل الإسرائيلي في بومباي، وكان من بين المهام الموكلة اليه إجراء اتصالات معينة بفتح قنصلية إسرائيلية في نيودلهي. ومن بين أنشطته تنظيم مقابلات في بومباي بين القنصل الإسرائيلي ووزير الدولة للشؤون الخارجية الهندي في حكومة حزب جناتا
1980/ 77. وكان سواروب نشيطا في تغذية الدبلوماسيين الإسرائيليين في الهند بالمعلومات اللازمة وتمويل زيارات أعضاء البرلمان الهندي ل"إسرائيل".
التعاون مع "إسرائيل" .. رسمي!
وكان مما واجه به سواروب سلطات التحقيق أن لديه أدلة دامغة في شكل مراسلات سرية تؤكد دعوة المخابرات العسكرية الهندية لرئيس الأركان الإسرائيلي ورئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية عام 1963 عقب الحرب الهندية الصينية، ويؤكد أن المخابرات العسكرية الهندية أنزلتهما في الغرفتين رقم 208 و 209 في فندق أمبريال بدهي بينما كان ينزل هو في الغرفة رقم 210. ويزعم أنه كان آنذاك يعمل للمخابرات العسكرية الهندية، وأن الحكومة الهندية احتاجت إلى المساعدة الإسرائيلية نظرا لضعف مستوى الأسلحة الروسية المستخدمة في الهند.
ولعل هذه المعلومات تؤكد ما نشر حول العلاقات الهندية - الإسرائيلية والتي كانت وطيدة منذ زمن بعيد واستمرت في كل عصر على ما هي عليه من قوة خلال حكومات فرو وأنديرا غاندي وموراجي ديساي، وبالتأكيد في
حكومة راجيف غاندي أيضا. ففي حكومة جناتا 77_1980 قام سواروب بترتيب لقاء عام 1978 بين رئيس الوزراء ديساي ووزير الدفاع الإسرائيلي موشي دايان. ومنذ ذلك الحين تولى سواروب مهمة نقل الرسائل السرية بين دلهي وتل أبيب مرات عديدة، حتى أنه ذكر أسماء كبار رجال المخابرات الذين كان ينقل اليهم المعلومات في الهند. وكان الرقم السري لسواروب في المخابرات الأميركية هو "72".
وكان يستخدم هذا الرقم حين اتصال هاتفيا بالمسؤول عنه في السفارة الأميركية، وكان يسأله هل يأي ليتناول معه القهوة أي الساعة الحادية عشرة صباحا، أم الشاي أي الساعة الثالثة بعد الظهر. وكانت لقاءاته برجال المخابرات الأميركية تتم في الغرفة رقم 32؛ وهي المكان الآمن المخصص للمخابرات الأميركية في مجمع السفارة الأميركية بنيودلهي. وقد قام سواروب بتدريب سكرتيرته الخاصة السيدة أنيتا سيتي على تبادل الرسائل مع رجال المخابرات الأميركية. وقد اشتري سواروب لهذا الغرض كيسي نقود نسائيين متماثلين وكانت أنيتا تتبادل کيسها مع كيس کريس سكرتيرة هانتر رجل المخابرات الأميركية حين تلتقي كل منهما بالأخرى في المحلات التجارية الملحقة بسينما أرشانا في نيودلهي.
ولعل هذه المعلومات تؤكد ما نشر حول العلاقات الهندية - الإسرائيلية والتي كانت وطيدة منذ زمن بعيد واستمرت في كل عصر على ما هي عليه من قوة خلال حكومات فرو وأنديرا غاندي وموراجي ديساي، وبالتأكيد في حكومة راجيف غاندي أيضا. ففي حكومة جناتا 77_1980 قام سواروب بترتيب لقاء عام 1978 بين رئيس الوزراء ديساي ووزير الدفاع الإسرائيلي موشي دايان. ومنذ ذلك الحين تولى سواروب مهمة نقل الرسائل السرية بين دلهي وتل أبيب مرات عديدة، حتى أنه ذكر أسماء كبار رجال المخابرات الذين كان ينقل اليهم المعلومات في الهند. وكان الرقم السري لسواروب في المخابرات الأميركية هو "72".
وكان يستخدم هذا الرقم حين اتصاله هاتفية بالمسؤول عنه في السفارة الأميركية، وكان يسأله هل يأتي ليتناول معه القهوة أي الساعة الحادية عشرة صباحا، أم الشاي أي الساعة الثالثة بعد الظهر. وكانت لقاءاته برجال المخابرات الأميركية تتم في الغرفة رقم 32، وهي المكان الأمن المخصص للمخابرات الأميركية في مجمع السفارة الأميركية بنيودلهي. وقد قام سواروب بتدريب سكرتيرته الخاصة السيدة أنيتا سيتي على تبادل الرسائل مع رجال المخابرات الأميركية. وقد اشترى سواروب لهذا الغرض كيسي نقود نسائيين متماثلين وكانت أنيتا تتبادل کيسها مع كيس کريس سكرتيرة هانتر رجل المخابرات الأميركية حين تلتقي كل منهما بالأخرى في المحلات التجارية الملحقة بسينما أرشانا في نيودلهي.
بداية التعامل أما علاقة سواروب بالمخابرات الأميركية فتعود إلى الخمسينات حيث كان يصدر مجلة بإسم "الشباب" youth وتعرف على هندي إسمه کولاندي الذي عرفه على كينغ الأميركي الذي بدأ يعطيه راتب شهري قدره 400 روبية لقاء جمع المعلومات. ومنذ ذلك الحين وهو على صلة بالمخابرات الأميركية التي كان لها رجال عديدون في الهند تناوبوا مهامهم كدبلوماسيين داخل السفارة.
فبعد رحيل كينغ كان المشرف على سواروب دبلوماسي آخر إسمه فليك الذي كان مهتما بمعرفة التطورات السياسية في الولايات الهندية المختلفة والعلاقات بين الحكومة المركزية وحكومات الولايات. ثم جاء بعده تودمان الذي استخدم سواروب في متابعة المشادات التي تحدث داخل البرلمان بين العضوين کرشنا مينون ومالويا. كما إستخدمه في إثارة موضوعات معينة داخل البرلمان الهندي. بعد ذلك كان باکستر هو المشرف على سواروب وكان مهتمة بحزب سواتانترا الذي بدأ في الظهور آنذاك كقوة يحسب لها حساب تحت قيادة زعيمه مسافي. وعلى هذا استخدم سواروب في التأثير على هذا الحزب وتمويل قادته عن طريقه. وكان يقوم بتزويد أعضاء البرلمان المنتمين الحزب سواتانترا بمعلومات عن موضوعات وجوانب مختلفة من السياسة الخارجية الهندية لغرض الإستمرار في اختبار لوبي الحزب الشيوعي الهندي في البرلمان. البرلمان.
وتم تعيين سواروب عام 1974 مندوبة لشركة الشرق الأقصى التجارية Far Eastern Trade Services التي تتخذ من تايوان مقرا لها ليكون هذا المنصب غطاء لأنشطته التجسسية. وتعتبر هذه الشركة غطاء الأنشطة المخابرات الغربية. وبدأ سواروب يتقاضى راتبا قدره مائة دولار؛ إرتفع فيما بعد إلى خمسمائة دولار. ثم بدأ يعمل أيضا مع لجنة المساعدة المهنية الرجال الجيش المتقاعدين. Vocational Assistance Commission For
Retired Servicemen وهي هيئة معادية للشيوعية مقرها تايوان، وكذلك مع رابطة الشعوب الآسيوية المعادية للشيوعية والتي تعرف بإسم Asian
People ' s Anti - Communist League ومقرها تايوان أيضا. وقد إعتادت هذه الرابطة دعوة كبار رجال الجيش الهندي المتقاعدين الى تايوان.
وبعد رحيل باكستر من الهند جاء شنيدر ليتولى الإشراف على شؤون المخابرات الأميركية فعهد الى سواروب بمهام سياسية محددة. وفي عام 1979 عهد إليه متعهده الجديد جيبني بتنظيم حملة دعائية ضخمة ضد روسيا ولصالح أميركا في محاولة للتأثير على الحكومة الهندية والرأي العام الهندي. وقد وافق له على مبلغ خمسة آلاف دولار مبدئية. وتم تخطيط وتنفيذ هذه الحملة بإشراف مسؤول كبير في المخابرات الأميركية جاء الى الهند خصيصا لهذا الغرض. وقد التقى هذا المسؤول بسواروب في متل سفير ألمانيا الغربية في دلهي ووافق على زيادة المبلغ المخصص لهذه الحملة إلى عشرة آلاف دولار، منها ألفا دولار السواروب. وقد دفعت السفارة الأميركية كل هذه المبالغ وكانت مهمته ترتيب لقاءات بين أعضاء البرلمان من مختلف الأحزاب والدبلوماسيين الأميركيين والأمان الغربيين. وكان الإحتفال بيوم تايوان الوطني مناسبة اتصالات منظمة ضخمة بالنسبة له.
تورط ألماني:
ومن بين من أشرف على شؤون المخابرات الأميركية في الهند مؤخرا جيمس مور وهاري ويذربي، الذي كان من أبرز الشخصيات في فضيحة تجسس الأخوة لارکينز، وطلبت الحكومة الهندية منه مغادرة البلاد في
كانون الأول (ديسمبر) 1983. ولم يقتصر الأمر على المخابرات الأميركية، بل امتد إلى المخابرات الألمانية أيضا، إذ كان من بين المتورطين في فضيحة سواروب، القنصل الألماني روف برايتنشتاين و فيشر السكرتير الأول السياسي، وقد طردا من الهند أيضا. ويعمل روف الآن في بون بينما يعمل فيشر في سفارة المانيا الغربية في الفاتيكان. وتكشف اعترافات الجاسوس الهندي سواروب عن أن المخابرات الأميركية والإسرائيلية والألمانية الغربية قد عملت مجتمعة في تنسيق تام لتغطية وتنفيذ أنشطة تجسسية وتخريبية في الهند.
البرلمان غطس دون أن يدري:
وعن طريق شبكة سواروب وإتصالاته بأعضاء البرلمان الهندي إستطاع إثارة أسئلة حول شؤون الدفاع والتجارة والصفقات والمعاملات التجارية والشؤون الخارجية والطاقة النووية مع دول معينة خصوصا الصين وباكستان وروسيا. وهذه الطريقة تمكنت المخابرات الأميركية من معرفة معلومات رسمية لم تكن تستطيع الحصول عليها بغير هذا الأسلوب. وتعلق المخابرات الهندية على هذا بأنه أسلوب من أساليب المخابرات الغربية التي تمارس أنشطتها في دول كثيرة غير تايوان. وكان تمويل حملات الدعاية الإنتخابية باب من أبواب تعريف المرشحين للبرلمان بالدبلوماسيين الغربيين خصوصا الألمان. ثم كان سواروب يعمل كحلقة وصل بين أعضاء البرلمان ومراكز التجسس الغربية في تايوان.
ومن بين العمليات التي نفذها سواروب الحصول على مائة توقيع من أعضاء البرلمان من حزب المؤتمر الحاكم في أيام انديرا غاندي، يطالبون بالإعتراف بتايوان. وفوجئت أنديرا بمذكرة هذا الطلب وعليها هذه التوقيعات. كذلك إستطاع نشر مقالات معادية للشيوعية وها معلومات زودته بها المخابرات الأميركية. كان ذلك عن طريق إتصالاته مع الصحفيين وعن طريق الرسائل المنشورة في الصحف تحت أبواب رسائل إلى رئيس التحرير وهذه الاعترافات بالطبع أدت إلى بدء السلطات الهندية التحقيق مع الصحف والمجلات التي ازدادت نسبة توزيعها مؤخرا بسبب عدائها للشيوعية.
وفي إطار أنشطة سواروب ضد الشيوعية والتي نفذها بتخطيط وتمويل أميركيين، كانت تلك القضية التي رفعها في إحدى محاكم دهي ضد قبول الهند لأربعة دبلوماسيين سوفيات اعتبروا فيما مضى أشخاصة غير مرغوب فيهم بناء على اشتراكهم في أنشطة تجسس في الدول التي كانوا يعملون بها. وقد أسس في آذار (مارس) 1980 معهد الدراسات الإستراتيجية بنيودلهي الوثيق الصلة بمنظمات مماثلة في هلسنكي وفرانكفورت.
وعلاوة على تزويد المخابرات الأميركية بمعلومات عن رجال الجيش والحكومة وزعماء الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة؛ قام سواروب بتزويدها معلومات عن المسلمين في الهند وإمتدت نشاطاته إلى نيبال كذلك. كما نشر عدة كتب ضد الشيوعية أمدته بها المخابرات الأميركية منها كتاب "مائة الف عين للمخابرات الروسية " Eyes of the KGB
100 ,
000 للكاتب جوب يارين - إسم وهمي.
ولم تكن سفارات "إسرائيل" وأميركا وألمانيا الغربية هي مصدر التمويل الوحيد لأنشطة سواروب؛ بل كانت هناك مؤسسات ومنظمات ومعاهد أوروبية تقوم بإرسال أموالها اليه، مثل المؤسسة الأوروبية للبحث الإجتماعي European Foundation of Sociological Research الموجودة في مدينة فرانكفورت. ومكتب صحفي بإسم Reportage Bureau في مدينة هلسنكي ومن أجل هذا أسس سواروب مرکزة باسم مركز الشرق والغرب East - West Center ؛ وعن طريقه كان يزود مسؤول المخابرات في السفارة الأميركية بقصاصات من الصحف لإرسالها الى هذه المنظمات في الخارج، وكان يعطيه إيصالا بإستلام هذه القصاصات ليرسلها إلى المنظمات والمعاهد المذكورة. ولقاء هذا العمل تقاضي سواروب ثلاثين ألف دولار في عام 1984 وحده. وكان مرتبه في المخابرات الأميركية 1900 دولار ومن تايوان 800 دولار ومن ألمانيا الغربية 18 ألف دولار ومن فنلندا 12 ألف دولار.
وهناك عنصر آخر في قضية سواروب هو مساعده المسلم جاويد صديقي الذي قبضت عليه السلطات الهندية مع سواروب ولا يزال موقوفا. يقول صديقي أن القبض عليه مجرد حركة من الحكومة لتشويه الأقلية المسلمة في الهند. ويؤكد ذلك بأن الحكومة لم تقبض على السيدة أنيتا سيتي مديرة مكتب سواروب مع أنها حسب اعترافات مديرها كانت تقوم بتبليغ رسائل التجسس الى المخابرات الأميركية.
عميل للمخابرات الهندية أيضا:
وأطرف جانب في فضيحة سواروب هو أنه اعترف بعمله أيضا للمخابرات الهندية العامة والعسكرية على مدى العشرين عاما الماضية. وإنه أمدها بمعلومات غاية في الأهمية في الفترة بين 1992 و 1970. وأنه كان يعمل للمخابرات العامة الهندية حتي آب (أغسطس) 1980. أي أنه ظل عميلا ذا وجهين عشرين عاما دون أن يكتشفه أي من الأطراف التي يتعامل معها، ويبدو أن موقف سواروب قوي للغاية حيث يساوم الحكومة الهندية لتفرج عنه؛ ويهدد بكشف فضائح عديدة متورطة فيها حكومة الهند خصوصا فيما يتعلق بمعاملاتها مع "إسرائيل" إذا لم يفرج عنه. ويقوي وجود هذه الفضائح إمتناع الحكومة الهندية عن التعليق أو نفي ما زعمه سواروب.
هذه الأساليب تتحرك المخابرات الغربية والشرقية في دول العالم الثالث التحكم قبضتها عليها وما يحدث في الهند الآن قد يحدث في أي بلد عربي أو إسلامي .. لكن لا سبيل إلى مراقبة هذه الأنشطة أو فتح الأعين عليها إلا بالوعي الإسلامي الذي قد يشكل تحصينة أخلاقيا إزاء الأساليب اللاأخلاقية التي تتبعها عادة المخابرات في نشاطاتها التخريبية.
والجدير بالذكر، أنه توجد في الهند طائفة يهودية يقدر عددها با 19 ألف نسمة، يتمركزون في بومي وضواحيها، إذ أن قلة عددهم لم تصل الى حد اعتبارهم أقلية طائفية. وقد سهلت عملية اندماجهم، ولم تنجح جميع المحاولات الخارجية لتجميعهم في إطار مجموعة متجانسة. ويشيع الإسرائيليون أن سكان أقليم منيبور الهندي هم من اليهود. وقد توجه إلى هناك كل من الحاخام شالوش والياهو أبيجيل هدف مقابلة هؤلاء السكان التهويدهم وهجيرهم الى "إسرائيل".
من جهة أخرى، لم يكن هناك علاقات دبلوماسية بين الهند و"إسرائيل"، بل كان يوجد "مثلية تجارية إسرائيلية" في بومي، وتعتبر هذه الممثلية مقرة المحطة "الموساد" _ الفرعية _ في الهند، وقد كانت هذه المحطة تشرف على بعض (مجندي الموساد) في باكستان المجاورة. وتقوم "الموساد" بجهود كبيرة
التحقيق عدة أهداف في الهند: 1 - العمل على إقامة علاقات دبلوماسية مع الهند، لما لها من تأثير سياسي ودبلوماسي في العالم - وفي مجموعة دول عدم الانحياز بشكل خاص - ومن هنا كان تكليف "راما سواروب" عميل "الموساد" - والذي ألقي القبض عليه _ السعي لفتح قنصلية إسرائيلية في نيودلهي. وكان هذا العميل - رجل أعمال هندي _ قد نظم زيارة سرية لموشيه دايان إلى الهند عام 1978 للإجتماع مع رئيس حكومة الإئتلاف وأحد قياديي حزب "الجنتا" اليميني المعروف بميوله الغربية (موراجي دي ساي) - كما ذكرنا من قبل - والذي حكم الهند من سنة 1977 حتى سنة 1979. وكان "سواروب" هذا قد تم تجنيده سنة 1959، من قبل القنصل الإسرائيلي في بومي. وكان "راما سواروب" قد اعتقل في شهر تشرين الأول/ أكتوبر سنة 1980 بتهمة التجسس، وكان يوصف بأنه "رجل اللوبي الإسرائيلي" والذي عمل تحت غطاء (رابطة شعوب آسيا المناهضة للشيوعية) والتي تتخذ من تايوان مقرا لها.
وقد اضطرت فضيحة إلقاء القبض على "سواروب" وزيرين لتقديم استقالتهما _لعلاقتهما به وكان سواروب قد سلم معلومات سرية (أمنية وسياسية) إلى عدة دول منها الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا الغربية و"إسرائيل" وتايوان. 2 - العمل على زعزعة وضع الهند الداخلي والمساهمة في إثارة القلاقل
والاضطرابات - من خلال مساعدة بعض الأطراف الإنفصالية، وتغذية الفتن الطائفية - ومن هنا تبرز أهمية تواجد "الموساد" في سيريلانكا كمحطة يدار منها التخريب ضد الهند، ويبرز أيضا في هذا المجال متفجرة مدارس
الهندي والتي هي من صنع الموساد -. . 3 - إن هناك نشاط إستخبارية مضادة في الهند، تشترك فيه "الموساد" وذلك
للتعرف على الوضع الدفاعية في الهند ومنشآتها. وبرز ذلك في اعتقال شبكة تجسس "کومار ناريه" - كما تقدم - باعتباره رجل أعمال يعمل في شركة الصناعة آلات النسيج - وفيها رجل أعمال فرنسي أيضا ? وواضح هنا تورط الإستخبارات الأميركية (سي آي إي) في هذه الشبكة بالإضافة إلى خمس دول من حلف الأطلسي. وقد نشطت هذه الشبكة مدة أربع سنوات قبل اعتقالها، حيث كان متورطة فيها أكثر من (60) مسؤولا حكومية وعسكرية منهم ثلاثة مسؤولين في وزارة الدفاع الهندية.
4 - تحاول "الموساد وإسرائيل" مد خيوطها في الهند بكافة الأشكال والوسائل
والأساليب. فلقد دعت قاضي المحكمة العليا في الهند "رام طملالي"
الحضور المؤتمر اليهودي العالمي ال 20 في القدس. 5 - كما تحاول" الموساد" بكافة الوسائل أيضا التأثير على سياسة (غاندي -
الفلسطينية). إذ أن ترتيب أي نوع من العلاقات مع الهند يعتبر من مهام الموساد. ولقد ذكرت الأنباء أن "إسرائيل" طلبت إذنا من الهند للسماح الطائراتها بالانطلاق لضرب المفاعل النووي الباكستان، وذلك لعدم تمكين أية دولة إسلامية أو عربية من بناء أي مفاعل نووي حتى لا يشكل ذلك أي خطر (عربي أو إسلامي) على دولة الإحتلال الصهيوني. ولقد استغلت "إسرائيل" العلاقات الحرجة بين كل من الدولتين المتجاورتين (الهند والباكستان)، لكن الهند رفضت ذلك بشدة.
هذا وإذا علمنا بأن الهند كانت منذ قيام الكيان الصهيوني، "هدفا إسرائيلي" مهما، فإننا لا نستغرب بعدئذ تلك المعلومات التي تفيد بأن دافيد بن غوريون كان يضع صورة "المهاتما غاندي" في صدر مكتبه ... وطبعا ليس حبا هذه الشخصية المميزة، بل لهدف أبعد بكثير من هذه الصورة و من صاحبها أيضا ... إنه، ولا شك، أسلوب المكر والخديعة اليهودي الصهيوني في " الإيقاع بالفخ" واصطياد الطريدة ..
المراجع
(1) راجع مجلة "العالم". العدد 149. السبت في 20 كانون الأول سنة 1989، ص 80 (2) د. وجيه الحاج سالم وأنور خلف " الوجه الحقيقي للموساد". مرجع سبق
ذكره. ص 373 - 370. (3) مجلة "شؤون فلسطينية". العدد 68 - 69. تموز - آب 1977. (4) جريدة "هآرتس" الإسرائيلية. في 19 آب 1980 و 1980
/ 1 /
22. (2) جريدة "يديعوت أحرنوت" في 1984
/ 1/ 29. (6) جريدة "القبس" الكويتية في 1980
/ 1/ 23. (7) وأيضا كتاب the children of Israel
black well 1411, The bene Israel of Bombay oxford Basi
Shifra Strizo wer.
وفي هذا الكتاب تفاصيل كثيرة عن تاريخ اليهود في الهند، كما ذكر الباحثان وجيه سالم وأنور خلف.
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
2 أبريل 2024
تعليقات (0)