المنشورات

التيجانية

لغة: يقال (1) تجّانية لا تيجانية، بتشديد الجيم دون ياء كما يقال أيضا: تجينية: اسم لطريقة صوفية كبرى حمل رجالها السيف والقلم فى الجهاد، لإعلاء كلمة الله على الأرض. منشىء الطريقة وراعيها هو السيد أبو العباس أحمد بن محمد بن المختار بن سالم التجانى (1150 - 1330هـ/ الموافق 1737 - 1815م).

ولد فى "عين ماضى (2) " بالجزائر .. قرية على مسيرة اثنين وسبعين كيلو مترا غربى " الأغواط"، وثمانية وعشرين، شرقى "تهمت ". وهو من أولاد سيدى الشيخ محمد، مات أبواه بطاعون 1166هـ- 1753م. وقد تلقى (3) علومه الأولى فى مسقط رأسه وأتمها فى فاس سنة 1171هـ- 1758م، ثم نزل أرض السودان حيث أقام فى مدينة الأبيض خمس سنوات، ثم رحل إلى تلمسان، ثم إلى مكة والمدينة سنة 1186هـ- 1773م، ثم رحل إلى القاهرة بعد ذلك، ثم عاد إلى تونس ثم تلمسان ثم فاس حيث التقى بالشيخ الإدريسى سنة 1191هـ- 1778م. وفى "فاس" بالذات لقيه تلميذه المؤرخ العالم المعروف: على حرازم بن العربى المغربى الفاسى، وهو مؤلف أهم كتب التجانية: جواهر المعانى وبلوغ الأمانى، (4) حيث رحل معه إلى "وجدة"، ثم قفل إلى "فاس" فى صحبته، وهناك لقّنه العهد وودّعه وقال له فيما قال: (الزم العهد والمحبة حتى يأتى الفتح إن شاء الله تعالى) (5).

ويحكى لنا مؤرخه (6) أنه ارتحل فترة ناحية الصحراء سنة 1196هـ- 1782م، حيث نزل بقرية القطب أبى صمغون، وهى أشبه بواحة، ثم رحل إلى "توات"،، ثم عاد إلى أبى صمغون وفيها وقع له الفتح، كما يروى خليفته على حرازم. فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى تلقين الخلق بعد أن كان فارا منهم (7). ويذكر لنا تلميذه (8) المؤرخ أن النبى - صلى الله عليه وسلم - أمره بأن يترك ويطرح جميع ما أخذ من الطرق، وأن يلزم طريقه هو (دون خلوة ودون اعتزال، من غير ضيق ولا حرج) وكان ذلك سنة 1200 من الهجرة الشريفة. ومن ذلك الوقت كانت تحج إليه الوفود من جميع الأمصار ويحكى لنا أيضا أنه عايشه وعاشره ما بقى من أيام حياته حتى وفاته فى فاس سنة 1230هـ- 1815م، حيث دفن بزاويته فيها.

ورغم أن دعاة الطريقة قد وجدوا تربة صالحة لازدهارها فى مصر وجزيرة العرب، وبعض جهات آسيا، إلا أنهم توسعوا حقا فى أفريقيا الفرنسية، كما انتشرت الطريقة على أوسع نطاق على يد الحاج عمر الفُوتى القائد الثائر الذى جاهد بسيفه الاستعمار حيث حلَّت سيادة التجانية محل القادرية (9).

وأهم (10) مصنفات التجانية:
1 - جواهر المعانى وبلوغ الأمانى فى فيض الشيخ التجانى المعروف بالكُنَاش، وقد طبع لأول مرة سنة 1345هـ بالقاهرة، وهو أهم مرجع عن التجانى الكبير كتبه وسجله تلميذه على حرازم الذى أصبح خليفة للطائفة من بعده، والمؤرخ الأكبر للتجانية.
2 - معجم ضخم عن أعيان التجانية عنوانه: كشف الحجاب عمّن تلقى مع التجانى من الأصحاب، تأليف وتقديم أبى العباس أحمد العباس سكيرج، وقد طبع فى فاس 1325هـ.

وباستقراء ما كتب عن التجانى الكبير فى جواهر المعانى بالذات نراه يحدثنا عن المقام الصوفى الكبير ووحدة الشهود. ويرى أن هذا المقام هو (كمال التوحيد والتفريد والتجريد) (ومقام التمكن فى اليقين) و (شهود الحب من الله)، (ولهذا كان العبد مجذوبا لحضرة ربه والانفراد به عن كل ما سواه، والوقوف دائما ببابه والعكوف أبدا على جَنَابه .. لا يقرّ له مع غيره قرار، ولاَ لَهُ عمّا سواه دار، ولا لهج له إلا بالله فى حركاته وسكناته ويقظاته ووسناته وسائر تقلباته) (وقد امتزجت حقيقته بالتولُّه بربه والّلهج به وحبه، واطمأن به إيقانا ومعرفة وإيمانا، لا معول إلا عليه ولا استناد إلا إليه) (11).

ونرى فى تراث التجانى الكبير ضرورة الدعوة إلى الوصل الكامل بين الشريعة والحقيقة دون أى انفصال أو خلاف أو شقاق، لأن الحقيقة كما يقول (لا سند لها بغير الشريعة، والشريعة أيضا لا صدق لها إلا بالتحقق بالحقيقة، ويقين الحقيقة) (12).

ومن أعلام التجانية الفارس البطل عمر الفوتى (1788م- 1864م) (13) الذى كان من مخططاته إنشاء رابطة للعبادة، ومقارٍّ للتدريبات على الجهاد والحرب فى سبيل إعلاء كلمة الله، وقد دخل الإسلام على يديه مئات الآلاف من الوثنيين الأفارقة بعد انتصاره فى كثير من غزواته وفتوحاته ومن أشهر كتبه: (رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم) وقد كان كشيخه الكبير شاعرا له تأملاته فى الحضرة الإلهية والمحمدية

والإنسان الكامل (14). ونرى من رعاة التجانية فى القرن العشرين الشيخ الحافظ التجانى فى مصر، والشيخ محمد مجذوب المدّثر فى السودان.

أ. د/ عبد القادر محمود









مصادر و المراجع :

١- موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة

المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر

عدد الأجزاء: 1

أعده للشاملة/ عويسيان التميمي البصري

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید