المنشورات

الصحابة

اصطلاحا: هم هؤلاء الأعلام الذين عرفوا من أحوال النبى صلى الله عليه وسلم ما جعلهم يهرعون إليه ويضعون مقاليدهم بين يديه ينغمسون فى فيضه الذى بهر منهم الأبصار وأزال عنهم الأكدار، وصيرهم أهلا لمجالسته ومحادثته ومرافقته ومخالطته، حتى آثروه على أنفسهم وأموالهم وأزواجهم وأولادهم، وبلغ من محبتهم له وإيثارهم الموت فى سبيله أن هان عليهم اقتحام المنية كراهة أن يجدوه فى موقف مؤذ أو كربة يغض من قدره.
ولما للصحابة من الفضل العظيم فإن الله تعالى ذكرهم فيما أنزل من الكتب؛ حتى لا يذهب ذكرهم ولا تمحى من رؤوس القبائل والشعوب مآثرهم فقال: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الإنجيل كزرع أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} الفتح:29.
وقال تعالى {والسابقون السابقون أولئك المقربون فى جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين} الواقعة:10 - 14.
ثم قال تعالى: فى سورة الواقعة أيضا {إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين} الواقعة:35 - 40.
ويتضح من الآيات السابقة، وما يجرى فى فلكها، أن الصحابة درجات بعضها فوق بعض، فالسابقون الأولون الذين أسلموا وجوههم إلى الله، ولبوا مناديه إلى الإيمان، وكل من على سطح هذه المعمورة مخالف لهم هم كبار الصحابة الذين اصطنعهم سيدهم بنفسه، ورباهم تحت سمعه وبصره عبر ثلاث عشرة سنة قضاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مكة، وقال فيهم ورحى الحرب دائرة فى بدر (اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد فى الأرض) (1)، وقال أيضا (الله الله فى أصحابى، فلو أن أحدكم تصدق بمثل أحد ذهبا ما ساوى مده ولا نصيفه) رواه البخارى (3).
يلى هؤلاء السابقين من المهاجرين، السابقون من الأنصار وهم الذين بايعوا النبى صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة على أن يمنعوه من الأسود والأحمر، والإنس والجن.
يقول تعالى {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجرى تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} التوبة:100.
وما سوى الصحابة الكبار طبقات بعضها أفضل من بعض، فالذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا أفضل من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، يقول تعالى {لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير} الحديد:10.
وواضح من الآية السابقة وما يشبهها أن الله تعالى قد جعل لأصحاب النبى صلى الله عليه وسلم مقياسا تقاس به أقدارهم وميزانا توزن به منازلهم ومراتبهم، فالسابقون الأولون من المهاجرين هم الكبار الذين لا يسمو إليهم غيرهم، ومن عداهم من الصحابة الكرام متفاوتون تبعا لأعمالهم فى نصرة الإسلام، وجهادهم تحت ألويته وراياته، فأفضلهم الذين شهدوا بدرا ودافعوا عن النبى صلى الله عليه وسلم ودينه فيها.
ويليهم من شهد أحدا والخندق، وهكذا حتى غروة تبوك.
وهناك عدة ثوابت تعم الصحابة، منها:
1 - الصحابة كلهم عدول، لا يجوز تجريحهم ولا تعديل البعض منهم دون البعض.
2 - الصحابة كالنجوم يهدون الحائر، ويرشدون الضال، وفيهم يقول النبى صلى الله عليه وسلم (أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) (3).
3 - الصحابة لم يذكرهم الله تعالى فى كتابه إلا وأثنى عليهم وأجزل الأجر والمثوبة لهم، ولم يفرق بين فرد منهم وفرد ولا بين طائفة وطائفة.
وفيهم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (خيرالقرون قرنى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) (رواه البخارى) (4).
أ. د/عبدالعزيز غنيم عبدالقادر











مصادر و المراجع :

١- موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة

المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر

عدد الأجزاء: 1

أعده للشاملة/ عويسيان التميمي البصري

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید