المنشورات

أتبع الفرس لجامها، والناقة زمامها، والدلو رشاءها.

ويقال أيضاً: أتبع المهرة لجامها الخ. وتقول اتبعت زيداً إذا سبقك فلحته، واتبعته كذا إذا جعلت ذلك تابعا له: والفرس معروف، يقع على الذكر والأنثى والمهر ولد الفرس، وقيل أوّل ما ينتج منه ومن غيره؛ والأنثى مهرة. قال عنترة:
لمّا تذكري مهري وما أطعمته ... فيكون جلدك مثل جلد الأجرب!
وقال حميدة بنت النعمان بن بشير:
وما أنا إلاّ مهرة عربية ... سليلة أفراس تجللها بغل
والناقة معروفة، جمعها ناق ونوق وانوق ويهمز واونق واينق على القلب وانواق والزمام بكسر الزاي: ما يشد به جمعه أزمة والدلو معروف مؤنث وقد يذكر جمعه أدل ودلاء ودلي والرشاء بكسر الراء والمد: الحبل وهمزته مقلوبة عن واو جمعه ارشية وقال زهير:
فشج به الأماعز وهي تهوي ... هوي الدلو أسلمها الرشاء
أي شج هذا الحمار المذكور يعني علا بها أي بالأتان الاماعز وهي الأمكنة الغليظة وهي تهوي أي تسرع إسراع الدلو أسلمها الرشاء أي انقطع عنها حبلها فهوت إلى قعر البئر ولا أسرع منها حينئذ ومعنى جملة المثل ظاهر وهي عند التفصيل ثلاثة أمثال ومقصدها واحد تضرب عند الأمر باستكمال المعروف وإتمام الصنع. وسببه إنَّ ضرار بن عمرو أغار على حي عمرو بن ثعلبة وعمرو غير حاضر. فلما حضر تبعه فلحقه قبل أن يصل إلى أرضه فقال له: " رد علي أهلي ومالي! " فردهما عليه فقال له: " رد علي قياني! " فرد عليه القينة الرابعة وحبس ابنتها سلمى. فقال له حينئذ: " يا أبا قبيضة اتبع الفرس! " الخ. وفي معنى الجملة الأخيرة قول الحماسي قيس بن الخطيم:
إذا ما شربت أربعا خط مأرزي ... واتبعت دلوي في السماح رشاءها
يقول إذا شربت من الراح أربعا: يعني أربع اكؤس خط مأرزي أي جررت ردائي خيلاء واتبعت دلوي في السماح رشاءها أي تخلقت بالسماحة والفضل فأعطيت البذل وأوسعت الطول. وهم يفتخرون بالسماح حال السكر لأن ذلك من مكارم الأخلاق التي يحركها الثمل والنشوة كما قال طرفة:
لا تعز الخمر إن طافوا بها ... بسباء الشول والكوم البكر
فإذا ما شربوها وانتشروا ... وهبوا كل آمون وطمر
ثم راحوا عبق المسك بهم ... يلحفون الأرض هداب الأزر
والآمون كصبور التي يؤمن عثارها من النوق والطمر الوثاب من الخيل. يقول: إذا سكروا جادوا بالنجائب من الإبل والعتاق من الخيل. وقوله يلحفون الأرض هداب الأزر أي يجرون هداب الأزر على الأرض. هو كصدر بيت أبن الخطيم. وابلغ من هذا في الافتخار واشمل للوصف بالسماح حالتي السكر والصحو معا قول عنترة:
فإذا انتشيت فإنني مستهلك ... مالي وعرضي وافر لم يكلم
وإذا صحوت فما اقصر عن ندى ... وكما علمت شمائلي وتكرمي
وكقول امرئ القيس يمدح أخاه سعد بن الضباب:
وتعرف فيه من أبيه شمائلا ... ومن خاله من يزيد ومن حجر
سماحة ذا وبر ذا ووفاء ذا ... ونائل ذا إذا صحا وإذا سكر
وهذا من الشعر الذي يوضع على كرائم الإحداق وترصع به نفائس الأطواق غير أن فيه ثلبا خفيفا هو توالي القبض! ومن ذا الذي يسلم من الاعتراض عند العرض؟ وقول طرفة " لا تعز الخمر إن طافوا بها " يريد: لا يعجزون عن شرائها لغلائها إنَّ جاءوا مريدين لها بل يبذلون فيها الشول والكوم البكر أي التي بكرت بالنتاج وهي احب أموالهم وهو كقول عنترة:
بذ يداه بالقداح إذا شتا ... هتاك غايات التجار ملوم
وتقدم تفسيره. وهذا الوصف مدح عندهم لكن ما دام باقيا على سنن الاقتصاد والعدل وقد يمتدحون بإنفاق المال في النوائب واقتناء المحامد وترك أنفاقه في الشهوات كقول زهير في حصن بن حذيفة:
أخ ثقة لا تتلف الخمر ماله ... ولكنه قد يتلف المال نائله
ومحتمل لأن يكون نفيا للوصف الخاص وهو الإتلاف في الخمر أو الفعل من اصله وهو الأنفاق فيها المؤدي إلى ذلك.













مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید