المنشورات

نوادر شتى

وسمع أبو يعقوب الخريميّ منصور بن عمار صاحب المجالس، يقول في دعائه:
اللهم اغفر لأعظمنا ذنبا، وأقسانا قلبا، وأقربنا بالخطيئة عهدا، وأشدّنا على الدنيا حرصا! فقال له: امرأتي طالق إن كنت دعوت إلا لإبليس! الأصمعي قال: حدّثنا بعض شيوخنا عن ابن طاوس قال: أقبلت إلى عبد اللَّه بن الحسن. فأدخلني بيتا قد نجّد بالرهاوى والميساني، وكل فرشة شريفة؛ قال: فبسطت نطعا وجلست عليه، وابناه محمد وإبراهيم صبيّان يلعبان، فلما نظرا إليّ قال أحدهما لصاحبه: «ميم» . فقال الآخر: «جيم» . فقلت أنا: «نون، واو، نون» فاستغربا ضحكا، وخرجا إلى أبيهما.
أبو زيد قال: سكر حائك من الزّطّ، فحلف بالطلاق ليغنّيه أبو علي الأشرس، فمضى معه جماعة إلى أبي علي، فأخبروه، وقالوا: سكر فابتلي، وحلف بالطلاق لتغنّينّه، فأقبل على الحائك فقال: «يا مردسبز، يا مردخش، يا مردتر، إياك أن تعود!» .
قال أبو زيد: تفسيره: يا سمين أخضر، يا سمين طيب، يا سمين رطب.
وكان شيخ من البخلاء يأتي ابن المقفع، فألح عليه يسأله الغداء عنده، وفي كل ذلك يقول له: أترى أنك تراني أتكلف لك شيئا؟ لا واللَّه، لا أقدم لك إلا ما عندي! فأجابه يوما، فلما أتاه إذا ليس عنده ولا في منزله إلا كسرة يابسة وملح جريش؛ ووقف سائل بالباب، فقال له: بورك فيك! فألحّ عليه بالسؤال، فقال له: لئن خرجت إليك لأدقّنّ ساقيك! فقال ابن المقفع للسائل: أنت واللَّه لو علمت من صدق وعيده ما علمت من صدق موعوده، لم ترادّه كلمة ولا وقفت طرفة عين! مرّ برقبة بن مصقلة رجل زاهد غليظ الرقبة، فقال: هذا رجل زاهد والعلامات فيه بخلاف ذلك. فقال له رجل: أكلّمه بذلك أصلحك اللَّه! لئلا يكون غيبة؟ قال:
كلمه حتى يكون نميمة! قال شريك بن عبد اللَّه القاضي: سبع من العجائب: عمياء منتقبة «1» ، وسوداء مختضبة، وخصيّ له امرأة، ومخنث يؤمّ قوما، وشيعيّ أشعريّ، ونخعيّ مرجي، وعربيّ أشقر، ثم قال شريك: من المحال عربيّ أشقر.
قالوا: كانت في أبي عمرو وضرار بن عمرو ثلاثة من المحال: كان كوفيا معتزلا، وكان من بني عبد اللَّه بن غطفان ويرى رأي الشعوبية، ومحال أن يكون عربي شعوبيا، ومات وهو ابن سبعين سنة ...
وقيل لشريح القاضي: أيهما أطيب: اللوزينق أو الجوزينق «2» ؟ فقال: لا أحكم على غائب! وسأل رجل عمر بن قيس عن الحصاة من حصى المسجد يجدها الإنسان في ثوبه أو خفه أو جبهته! فقال له: ارم بها. فقال الرجل: زعموا أنها تصيح حتى تردّ إلى المسجد. قال: دعها تصبح حتى ينشقّ حلقها! قال الرجل: أولها حلق؟ قال: فمن أين تصيح؟
وسئل عامر الشعبي عن المسجد الخراب أيجامع فيه؟ قال: نعم ويخرأ فيه؟
الأصمعي قال: ولي رجل قضاء الأهواز، فأبطأت عليه أرزاقه وليس عنده ما يضحّي به ولا ما ينفق؛ فشكا ذلك إلى امرأته، وأخبرها ما هو فيه من الضيق، وأنه لا يقدر على أضحية؛ فقالت له: لا تغتم، فإنّ عندي ديكا عظيما قد سمّنته، فإذا كان يوم الأضحى ذبحناه. فبلغ جيرانه الخبر، فأهدوا له ثلاثين كبشا وهو في المصلى لا يعلم؛ فلما صار إلى منزله ورأى ما فيه من الأضاحي، قال لامرأته: من أين هذا؟
قالت: أهدى لنا فلان، وفلان، وفلان ... حتى سمت له جماعة. فقال لها: يا هذه، تحفّظي بديكنا هذا، فلهو أكرم على اللَّه من إسحاق بن إبراهيم؛ إنه فدى ذلك بكبش واحد، وفدى ديكنا هذا بثلاثين كبشا!










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید