هو الجنين في الحشى يقام ... فالطفل فالصبي فالغلام
وبعد ذاك يافعٌ ثم فتى ... ثم طريرٌ ثم شارخٌ أتى
وبعده عنطنطٌ صمل ... وبعد ذاك أشمطٌ فكهل
وبعد ذاك الشيخ ثم الهرم ... وبعده الهم الذي يختم
قال: فهل لك من جرأة، أن تذكر ما يختص بالمرأة؟ قال: كيف لا، وأنا ابن جلا؟ وأنشد:
أما الذي على النساء يقصر ... فكاعبٌ فناهدٌ فمعصر
فعاركٌ فعانسٌ فشهله ... وبعد ذاك نصفٌ أو كهله
وبعد ذلك العجوز تذكر ... والحيزبون بعدها لا تنكر
قال: إن عرفت قيود الإشارة، فلك البشارة، بأحسن شارة فترنح عطفاه، ثم فغرفاه. وأنشد:
يقال قد أومأ بالرأس الفتى ... وقد أشار بيدٍ حين أتى
أومض بالجفن إلينا، وغمز ... بحاجب، وبالشفاء قد رمز
وهكذا ألمع بالثوب وقد ... ألاح بالكم، فقيد ما ورد
قال: وهل تبلغنا الوطر من ترتيب المطر؟ قال لبيك! فخذ ما يلقى إليك. وأنشد:
أول قطر الغيث حين ينثر ... طل، وبعده الرذاذ يقطر
وبعد ذاك النضح ثم الهطل ... وبعدهن الوابل المنهل
قال: قد سلخت على الليل النهار، فهل تعرف ترتيب الأنهار؟ فأنشد:
أصغر نهرٍ جدولٌ ينحدر ... وبعده السري ثم الجعفر
ثم ربيعاً ذكروا فطبعا ... ثم الخليج فوق ذاك يدعى
قال: إن كنت تعرف ترتيب الجبال، فقل ولا تبال. فأنشد:
أصغر نجد الأرض يدعى النبكة ... وفوقه الرابية المنتكبة
أكمةٌ فزبيةٌ فنجوة ... ريعٌ فقف هضبةٌ كالفجوة
قرن فدك ثم ضلعٌ فائق ... نيقٌ فطورٌ باذخٌ فشاهق
قال: قد ملأت الكأس إلى الأصبار، فهل تعرف قيود الغبار؟ فأنشد:
أدع غبار الحرب باسم القسطل ... والعثير اخصص بغبار الأرجل
والنقع ما بحافرٍ يهاج ... وما تثير الريح فالعجاج
قال: إن عرفت أنواع الخيوط، فأنت مركز الخطوط. فزمجر كالأسد، وقال: أعوذ بالله من شر حاسدٍ إذا حسد، ثم أنشد:
للخرز السلك كسمط الجوهر ... يذكر، والنصاح خيط الإبر
والزيج للبناء، والسباق ... لرجل طيرٍ جارحٍ يساق
كذا لخلف الناقة الصرار ... يشد كي لا يرضع الحوار
وهكذا رتيمة التذكر ... تعقد خوف غفلةٍ في الخنصر
قال: فلما فرغ الفتى من النضال، وشفى الداء العضال. حدق القوم إلى الشيخ بالأبصار، وقالوا: شهد الله أنك نابغة الأعصار، وداهية البوادي والأمصار. وقد حق علينا أن نفرغ عليك قطراً، كلما كتبنا من أبياتك سطراً. فأملها علينا شطراً فشطراً. قال: إن لي كاتباً أجرى من الطمرة، وأحظ من مرامر بن مرة. ثم أشار إلي وقال: اكتب يا أبا عبادة واندفق في الإملاء كالمزادة. فلما فرغنا أفاض عليه الأمير حلة يمانية، وأتاه القوم بنقد ثمانية. ثم جاؤوني بدريهماتٍ وقالوا: صلة الكاتب ثانية المراتب، فلا تكن بعاتب. ولما قضى اللبانة، ثنى عن القوم عنانه. ثم ودعنا وسار، وكان آخر عهدي به في تلك الأقطار.
مصادر و المراجع :
١- مجمع البحرين لليازجي
المؤلف: ناصيف بن
عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط، الشهير باليازجى، نصراني الديانة (المتوفى: 1287هـ)
الناشر: المطبعة
الأدبية، بيروت
الطبعة: الرابعة،
1302 هـ - 1885 م
تعليقات (0)