لأول الأسبوع قيل أوهد ... في قدم الدهر وأهون الغد
ثم جبار بعده دبار ... مؤنس عروبة شيار
قال: لا تربت يداك، ولا طربت عداك إن كنت تعرف ألقاب الشهور، فأنت العلم المشهور. فاكتام واشرأب ثم جثم واستستب. وأنشد:
مؤتمر وناجر خوان ... من لقب الأشهر والصوان
زباء بائد أصم واغل ... وبعد ذاك باطل وعاذل
ورنة وتيرك الختام ... وقيل غير ذاك والسلام
قال: لله درك ما أبعد غورك، وأقرب نورك فاختم بذكر الأشهر الحرم، إن كنت ممن أتم فاكرم. فقال: اللهم اجعلنا ممن حسن ختامه، وانجلى قتامه. ثم أنشد:
ثلاثة من الشهور سرد ... وواحد عقيب ذاك فرد
ذو قعدة وحجة محرم ... ورجب وهي الشهور الحرم
قال: فلما رأى القوم اتساع روايته، وارتفاع رايته. علموا أنه صل أصلال فنظروا إليه بعين الإجلال. ولما رأى إقبالهم عليه، وارتياحهم إليه. قال: يا جهابذة اليلامع، وهرابدة المعامع. علم الله أني لست بجعد الكف، كما يزعم هذا الهجف. ولكن قد أناخ الدهر علي بكلكله، وأخنى علي الهرم بأفكله. فلم يبق لي عافطة ولا نافطة. وصرت أسغب من السيدان، بعدما كنت أقري الهيدان والزيدان. ولو استطعت أن أقوم بأمري، لأطلقت هذا الفتى من أسري. ولكنني ما زلت أعلل نفسي بالمنى، وأمنية بالغنى. لعل الله يقيض لي فتحاً قريباً أو يكتب لي بمثلكم نصيباً. قال: استعذب القوم كلامه، واستعذروا غلامه. وقالوا: قد كتب ربك على نفسه الرحمة، لكن ما كل سوداء تمرة ولا كل بيضاء شحمة. فإن الناس قد لؤموا وجشعوا، حتى لو سئلوا التراب أو شكوا أن يملوا ويمنعوا. فإن شئت أن تجاورنا غابر هذه الشيبة، وتكتفي ذل السؤال وغصة الخيبة. وإلا فخذ هذه النحلة، واعتمد الرحلة. قال: حبذا جواركم لولا ضفف خلفت، وموعد أخلفت. فوصلوه كل واحد بدينار، وارحلوه ناقة ذات سفار. قال سهيل: وكنت قد تنسمت ريح خزامه، وظلفت نفسي عن التزامه. لما شق العصا خرجت في أثره، حتى صرت بمرمى بصره. فقال: أنت من المولدين في هذا الزمان، لا تعرف لغة يعرب بن قحطان، فعد إلى أن يصادفنا ترجمان. ثم انسدر يعدو كالظليم وغادرني كالسليم. فعدت وأنا أعجب من فنونه، في جده ومجونه.
مصادر و المراجع :
١- مجمع البحرين لليازجي
المؤلف: ناصيف بن
عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط، الشهير باليازجى، نصراني الديانة (المتوفى: 1287هـ)
الناشر: المطبعة
الأدبية، بيروت
الطبعة: الرابعة،
1302 هـ - 1885 م
تعليقات (0)