واذكروا أن الزمان ريح قلب والدنيا برق خلب. والحياة سحاب جهام، والحمام ليث حمام. فلا تغتروا برهرهة الآل ولا يذهلكم الحال، عن المآل. وإذا جردتم أنفسكم للاعتكاف وتجردتم للطواف. فقولوا: لبيك يا من يدعو إلى دار السلام، ولك الحمد الذي لا ينفد ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام. اللهم يا مجيب السؤال ورحيب النوال، ومنجح الآمال ومصلح الأعمال. تقبل جدنا وجهدنا، واغفر سهونا وعمدنا. ولا ترض العج والثج ممن حج منا أو دج. واطبع قلوبنا على محبتك المخلصة، وطاعتك المخلصة. واعصمنا بألطافك وقواك، ولا تكلنا إلى أمداد سواك. اللهم يا جزيل الثواب، وقابل كل أواب. ولا تقصنا عن وجهك الميمون، يوم لا ينفع مال ولا بنون. وآتنا كتبنا بأيماننا وكر أعمالنا بإيماننا. ولا تحاسبنا حساباً عسيراً، ولا تجعلنا ممن يضحكون قليلاً ويبكون كثيراً. اللهم يا سابغ الآلاء ونابغ الإيلاء. هب لنا قلوباً طاهرة، وعيوناً ساهرة. وأنفساً عفيفة وألسناً حصيفة. وأخلاقاً سليمة ونيات مستقيمة. ويسر لنا توبة صادقة، وندامة حاذقة. وسيرة هادية، وعيشة راضية. وعاقبة حميدة وخاتمة سعيدة. وأفض علينا نعمتك، ورحمتك. ولطفك، وعطفك. وهداك ونداك. واجعل حجنا مبروراً، وذنبنا مغفوراً. وأحصنا مع أصحاب اليمين، في فردوسك الأمين، برحمتك يا أرحم الراحمين. قال: فلما فرغ من دعائه، انثنى إلى ورائه. فحال القوم دون مسربه، لعذوبة مشربه. وقالوا له: بورك فيك، ما أحلى نفثات فيك! فهيهات أن تبرح من بيننا، قبل بيننا. قال: إني إلى ما تريدون أقرب من حبل الوريد، وأجرى من خيل البريد. ثم انقاد إلى مربضه وعاد إلى معرضه. فتأشب القوم عليه كدوح البريص، وبذلوا ي صحبته جهد الحريص. وأقام يطرفهم بالملح المستعذبة، والنوادر المستغربة. ويجلو عليهم الخطب المنبهة والزواجر المنهنهه. ويقدمهم بالأدعية، وهم يجاوبونه كالمستفقهة.
حتى انقضت أيام الشعث وقضوا شعائر التفث. فشرقوا وغرب وتفرقوا تحت كل كوكب.
مصادر و المراجع :
١- مجمع البحرين لليازجي
المؤلف: ناصيف بن
عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط، الشهير باليازجى، نصراني الديانة (المتوفى: 1287هـ)
الناشر: المطبعة
الأدبية، بيروت
الطبعة: الرابعة،
1302 هـ - 1885 م
تعليقات (0)