المنشورات

مقامة الرضوان

يا أبا القاسم أجلٌ مكتوبْ. وأملٌ مكذوبْ. وعملٌ خيرُهُ يقطرُ وشرهُ يسيلْ. وما أكثرَ خطأهُ وصوابهُ قليلْ. أنتَ بينَ أمرينِ لذَّةِ ساعةٍ بعدَها قرعُ السنِّ والسقوطُ في اليدْ. ومشقّة ساعةٍ يتلُوهَا الرضوانُ وغبطةُ الأبدْ. فما عُذركَ في أنْ ترقلَ كلَّ هذا الإرقالِ إلى الشقاءِ وطولِ الحرمانْ. وأنْ تغذَّ كلَّ هذا الإغذاذِ إلى النارِ وغضبِ الرحمنْ. وأينَ علتكَ في أن تشرُدَ شرادَ الظليمْ. عن رضوانِ الله ودارِ النعيمْ. هيهاتَ لا عذرَ ولا علّة إلا أنَّ عاجلاً حَداك حبُّه على إيثارهْ. ودعاكَ داعي الشهوةِ إلى اختيارهِ. ألا إنَّ تمامَ الشقْوةْ أن تقعُد أسيرَ الشهوةْ.
أيها العاقل ُلا يعجبنّك هذا الماءُ والرَّونقْ. فإنهُ صفوٌ مخبوٌ تحتهُ الرَّنق. ولا يغرَّنكَ هذا الرواءُ المونق. فوراءهُ البلاءُ الموبقْ. سبحانَ الله. أيَّ جوهرةٍ كريمةٍ أوليتْ. وبأيّ لؤلؤةٍ يتيمةٍ حليّتْ. وهي عقلكَ ليَعقلك. وحجُركْ ليحجرك. ونهيُتك لتنهاكَ وأنتَ كالخلو العاطلْ. لفرط تسرعكَ إلى الباطلْ.













مصادر و المراجع :

١- مقامات الزمخشري

المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ)

الناشر: المطبعة العباسية، شارع كلوت بك - مصر

الطبعة: الأولى، 1312 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید