وإفادَةَ تقديمهِ وتأخيرِهْ ودلالةِ إيضاحِهِ وتصرِيحهْ. ودقّةِ تعريضه وتَلِويحِهِ وطُلاوَةِ مبَاديِهِ ومقَاطِعِهِ وفصولِهِ ووصولِه وما تِناصَرَ فيهِ من فروعِ البيان وأصولِهْ. إرْتَدَّ فَهمُكَ وغرَارُ كَهَام ومِدّرَارُهُ جهامْ. حَيرَةً في أسلوبِهِ الذي يكادُ يسلُب بُحسنِهِ العاقِلَ فِطنَتَهُ وهوَ يزيدُهُ فِطنَهْ. وافتنانِهِ الذي يكادُ يفتنُ الناظرَ فيهِ وهوَ يميطُ عنهُ الفتنَهْ. لم يمشِ إليكَ وعدُهُ المرَغّبْ إلا واطِئاً عِقبَهُ وَعِيدُهُ المُرهّبْ قدْ شُفِعَ هذَا بذَاكَ إرَادَة تنشيطِكَ لِكسبِ ما يُزْلِفْ. وتَثبيطِكَ عنِ اكتِسابِ ما يُتلِفْ مَعَ اقْتصاصِ ما أجْرَى إليهِ عُصاةُ القُرُونْ وما جَرَى عليْهِم منْ فظائِعِ الشؤُونْ ومَا رَكبَ أعْدَاءُ اللهِ منْ أوْليائِهْ. غَيْرَ مُكْترِثينَ لِعُتُوِّهمْ بكبرِيِائِهْ. رَدَعوهُمْ عنِ المناكيرْ فَقَطّعُوهُمْ بالمنَاشيرْ وَدَعَوهُمْ إلى أعْمالِ الأبْرَارْ فعرَضُوهُمْ على السّيفِ وحَرَّقُوهُمْ بالنارْ ثمَّ اصْطَبِرُوا لِوَجْهِ اللهِ وثبتُوا ومَا اسْتكانُوا لهُمْ ولا أخْبَتُوا حَتّى اشترَوُا النعيمَ الخالِدَ في جَنّاتِ عَدْنْ بِبؤْسٍ وَطنّوا عليهِ أنْفُسَهُمْ طَرْفةَ عَيْنْ لِيُريَكَ سُوءَ مُنْقَلَبِ المُعْتَديِنْ وَيُبَصِّرَكَ حُسْنَ عَوَاقبِ المُهتدينْ فحادثْ لسانَكَ بدراستِهِ حتى تَرِقَّ عذَبَتُهْ وَمَرِّنْهُ على تلاوَتَهِ حتى لا تَطُوعَ لغَيْرِهِ أسلَتُهْ وَتَعَمّدهُ بِمَتْلُوِّهِ مِنَ اللسُنِ ما سَاعَدَتْكَ عليهِ المُكْنَهْ وتَرَفَعْ لهُ بمَخارِجِ الحُرُوفِ عنِ ارْتِضاخِ اللكْنَةْ وَاقْرَأْهُ مُرَتّلاً كالتّرْتيلِ في بعْضِ الأسْنانْ والتّفْليِجِ في نَوْرِ الأُقحُوَانْ وَاجْتَنَبْ ما لا يُؤْمَنُ في الهِذّ والهَذْرَمَهْ. مِنَ اللّحْنِ وَالحَضْرَمَه وْاجْتَهِدْ أنْ لا تَقْرَأ إلا وضَمِيرُكَ مُقاوِدٌ للِسانِكْ وَتَبَينُكَ مُساوِقٌ لِبَيانِكْ لا تَمُرَّ على جُمْلَةٍ إلا عاقِداً بمِعْناها تأملَكَ وتَفَكُّرَكْ عاكِفاً على مُؤَادَّها تَفَهُمَكَ وتَبَصُرَكْ. مُجِيلاً في حقيقتِها بَصيرَتَكَ ونظرَكْ. مُمْتاحاً منها مَواعِظَكَ وَعِبَرَكْ وإلا كانَتْ قِراءتُكَ رَاعِدَةَ صَلِفَةً لَيْسَ لهَا دَرَرْ وَصَدَفَةً فارِغةً ما في جَوْفِها دُرَرْ. وَأكْرِمْ نَجيّكَ هذَا فإنّهُ كَرِيمٌ يَسْتوْجِب غايةَ الإكرَامْ وعظيمٌ يَسْتدْعِي قُصارَى الإعظامْ. فلا تَمَسّ لَهُ إلا على طُهْرِكَ مَسْطُورَاً وَاحْتَطْ أنْ لا تَفْرُقَ بين أنْ يكونَ مَكشوفاً أوْ مستوراً واحفَظْ فيهِ حَقَّ مَنْ إلَيْهِ انتِمَاؤُهْ وَإلى اسْمِهِ إضافَتُهُ تَبَاركَتْ أسْماؤُهء.
مصادر و المراجع :
١- مقامات الزمخشري
المؤلف: أبو القاسم
محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ)
الناشر: المطبعة
العباسية، شارع كلوت بك - مصر
الطبعة: الأولى،
1312 هـ
تعليقات (0)