المنشورات

المقامة الفستقية

لمولانا شيخ الحديث جلال الدين الأسيوطي رحمه الله ونفع به المسلمين: مشتملة على ذكر ثمانية قلوب من النقل ومنافعها:

الفستق، واللوز الأخضر والجوز والبندق والقسطل وحب الزلم وحب الصنوبر. قال مولانا شيخ الحديث جلال الدين الأسيوطي رحمه الله تعالى ورضي عنه: مرت من النقول طائفة، على النقول عائفة، تروم الإفصاح عن منافعها والإيضاح عن طبايعها، فأجابها من أجاب من الألباء الأنجاب، أن استمعوا ما ألقي إليكم وعوا ما أملي عليكم:
الفستق
حار ورطب في الثانية، أشد حرارة من الجوز واللوز متناهية، يفتح السدد، وينقي الكبد والمعد، لأنجزتها التي ترقى إلى أعلى قامع، ولعلل الصدر والرئة نافع، وينقي منافذ الغذاء ويزيل مل فيها من ثقل وأذى، ويذهب المغص والغثيان، ويقوي فم المعدة وقلب الإنسان، ويعد في المفرحات والترياقات، وقشره إذا نقع في الماء وشرب نفع العطش والقيء والإطلاقات ويطيب النكهات لما فيه من العطريات، ودهنه يضر بالمعدة وذلك من الخاصيات وفيه يقول الشاعر:
من الفستق الشامي كل مصونة ... تصان عن الأحداق في بطن تابوت
زبرجدة ملفوفة في حريرة ... مضمنة درا مغشى بياقوت
وقال آخر
تفكرت في معنى الثمار فلم أجد ... بها ثمرا يبدو بحسن مجرد
سوى الفستق الرطب الجني فإنه ... زهي بمعان زينت بتجدد
غلالة مرجان على جسم فضة ... واحشا ياقوت وقلب زبرجد
وقال آخر
وفستقة شبهتها إذ رأيتها ... وقد عاينتها مقلتي بنعيم
زبرجة خضراء وسط حريرة ... بحقة عاج في غلاف أديم
وقال آخر
وفستق قد حكى جلبابه شققا ... وقلبه كواد العاشق الكلف
تراه ملتحفا ثوب الحيا خجلا ... طور وطورا تراه غير ملتحف
يحكي فصوص يواقيت مفصلة ... زرقا وصفرا لها غلف من الصدف
كان أكله من طيب مطعمه ... مواصل لحبيب دائم الصلف

وأما اللوز
في رطب في وسط الدرجة الأولى، يصلح بلة المعدة ويقذف ما فيها رطوبة وفصولا، ويجلو الأعضاء الباطنة وينقيها، ويغدو الأمعاء ويلز ق ما فيها، ويدر البول ويسكن حرقة المبال، ويفتح السدد من الكبد والطحال، ويلين الحلق وينفع اليابس من السعال، ويسمن ويقوي البصر المضطرب، وينفع من القوانج ومن عضة الكلب الكلب، وهو جيد للصدر والرئة والمثانة الخشنة، وإذا أكل بالسكر زاد المني ودفقه.

وأما اللوز المقلي
أنفع للمعدة بالدباغ، وإذا أكل اللوز والجوز بالسكر غذيا كثيرا وأخصبا البدن وزاد في المخ والدماغ.

وأما اللوز الأخضر
فإنه يدبغ اللثة والفم ويسكن ما فيهما من الحرارة والدم.
وفيه يقول الشاعر
انظر إلى اللوز إذ وافاك أخضره ... يا من محاسنه تاهت على التيه
انظر إليه بعين الزهو مستمعاً ... قولي لتنظر فيه حسن تشبيهي
كأنه حب در صانه صدف ... من الزبرجد جل الله منشيه
وقال آخر
رأيت في اللوز معنى ... مثاله ليس يوجد
كأنه حب در ... عليه قفل زبرجد
وقال آخر
ومهد إلينا لوزة قد تضمنت ... لمبصرها فلبن فيها تلاصقا
3 وكأنهما خلان فإذا بخلوة ... على غفلة في جلسة فتعانقا

وأما الجوز
فشديد الحرارة والإسخان، وكثير الأضرار بالإنسان، وله في المعدة الباردة نفع، ومن منافعه أن يسهل الديدان وحب القرع، وهو دواء لجميع السموم، وتسكينه للمغص معلوم، وأكثر نفعه للمعالج في الطلاء من خارج، على القوبا والملتوي من الأعصاب، والثدي الوارم وعضة البشر والكلاب.
وفيه يقول الشاعر
تأمل الجوز في أطباق لترى ... راووق حسن عليه غير مخطوط
كأنه اكر من صندل خرطت ... فيها بدا يع من نقش وتخطيط
وقال آخر
يا رب جوز اخضر ... مفصص مقشر
كأنما أرباعه ... مضغه علك الكندر

وأما البندق
فأغلظ وأغذى من الجوز، وفي الحرارة دون اللوز، ولفظه فارسي، واسمه العربي الجلوز، وهو إلى الحرارة واليبوسة قليلة، وفيه خواص ومنافع جليلة، منها انه يزيد أكله في الدماغ، وينفع من السموم ولدغ العقرب اللداغ، ويقوي المعا المدعو بالصايم.
وينفي الضرر عنه بالخاصية ويلايم، وينفع من السعال المزمن والنفث الحادث من الرئة والصدر. وذكر ابن البيطار: أن قوماً يعلقونه في أعضا دهم من لدغ العقارب، وذلك نفع جليل القدر، ويقشر من قشره ليكون أسرع انهناما وانحداراً، واقل من النفخ والقراقر ضرراً، فإن في القشر الباطن قبضاً شديداً، وبه يعقل البطن ويكثر للنفخ توليداً، وإذا قلاه من أراده أكله أعانه على إنضاج النزلة.

وأما الشاهبلوط
وهو القسطل فبارد ذو بياس نافخ مصدع للرأس، وغذاؤه ليس محموداً للناس، قابض بطيء الإنهضام، فانه خلط بالسكر قلل ما به يضام، وفيه تقوية للأعضاء، ومنع للنزف وجلاء، ومن الحج وقروح الأمعاء، ونفع من رطوبة المعدة ونفث الدماء، ولحمه جيد للسموم، وتغزيره للبول معلوم.

وأما حب الزلم
محار في الثانية رطب في الأولى، يزيد في المني كثيراً مأكولاً، وطعمه ومذاقه ما ألذه وأطيبه، وإذا مضغ ووضع على كلف الوجه أذهبه.

وأما حب الصنوبر
فحار في الثانية رطب في الأولى، وقيل يابس في الثانية نزولاً، شديد الإسخان، صالح للمشايخ دون الشبان، للرعشة والفالج والربو نافع، وللرطوبات العفنة والبلاغم قالع، ينقي الكلى والمثانة من الحصى والرمل ويشفيها، ويقوي المثانة على إمساك البول الذي فيها، ويزيد في الباه ويكثر الرياح، ويسخن الكلى لمن كان له بالإسخان نجاح، وينفع ما عرض في البلدان من الاسترخاء ويجفف الرطوبات الفاسدة المتولدة في الأعضاء، وهو بطيء الهضم فليحذر فيه الإكثار، ولا ينبغي للمحرومين أن يقربوه ولاسيما في الزمن الحار. تمت والحمد لله تعالى وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأحزابه، وغفر الله تعالى لمؤلفها، وكاتبها وقارئها وسامعها آمين.











مصادر و المراجع :

١- مقامات السيوطي

المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)

الناشر: مطبعة الجوائب - قسطنطينية

الطبعة: الأولى، 1298 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید