فقال : كُلُّ امرِئٍ أعْرَفُ بوسْمِ قِدْحِهِ . وسيَتَفرّى الليلُ عنْ صُبْحِهِ . فتَناجَتِ الجَماعَةُ فيما يُسْبَرُ بهِ قُلَيْبُهُ . ويُعْمَدُ فيهِ تقْليبُهُ . فقال أحدُهُمْ : ذَرُوهُ في حِصّتي . لأرْميَهُ بحَجَرِ قِصّتي . فإنّها عُضْلَةُ العُقَدِ . ومِحَكُّ المُنْتَقَدِ . فقلّدوهُ في هذا الأمْرِ الزّعامَةَ . تقْليدَ الخوارِجِ أبا نَعامَةَ . فأقْبَلَ على الكهْلِ وقالَ : اعْلَمْ أني أُوالي . هذا الوالي . وأُرَقّحُ حالي . بالبَيانِ الحالي . وكُنْتُ أستَعينُ على تقْويمِ أوَدي . في بلَدي . بسَعَةِ ذاتِ يَدي . معَ قِلّةِ عدَدي . فلمّا ثَقُلَ حاذي . ونفِدَ رَذاذي . أمّمْتُهُ منْ أرْجائي . برَجائي . ودعوْتُهُ لإعادَةِ رُوائي وإرْوائي . فهَشّ للوِفادَةِ وراحَ . وغَدا بالإفادَةِ وراحَ . فلمّا استأذَنْتُهُ في المَراحِ . إلى المُراحِ . على كاهِلِ المِراحِ . قال : قدْ أزْمَعْتُ أنْ لا أزوّدَكَ بَتاتاً . ولا أجْمعَ لكَ شَتاتاً . أو تُنْشِئَ لي أمامَ ارتِحالِكَ . رِسالَةً تودِعُها شرْحَ حالِكَ . حُروفُ إحْدى كلِمتَيْها يعُمّها النَّقْطُ . وحُروفُ الأخْرى لمْ يُعْجَمْنَ قطّ . وقدِ استأنَيْتُ بَياني حَوْلاً . فَما أحارَ قوْلاً . ونَبَهْتُ فِكْري سَنَةً . فما ازْدادَ إلا سِنَةً . واستَعَنْتُ بقاطِبَةِ الكُتّابِ . فكلٌ منْهُمْ قطّبَ وتابَ . فإنْ كُنتَ صدَعْتَ عنْ وصْفِكَ باليَقينِ . فأتِ بآيَةٍ إنْ كُنتَ منَ الصّادِقين . فقال لهُ : لقَدِ استَسْعَيْتَ يَعْبوباً . واستَسْقَيْتَ أُسْكوباً . وأعطَيْتَ القوْسَ بارِيَها . أسْكَنْتَ الدّارَ ثانِيَها . ثمّ فكّرَ ريثَما اسْتَجَمّ قريحَتَهُ . واستَدَرّ لَقْحَتَهُ . وقالَ : ألْقِ دَواتَكَ واقْرُبْ . وخُذْ أداتَكَ واكتُبْ : ا اسْتَجَمّ قريحَتَهُ . واستَدَرّ لَقْحَتَهُ . وقالَ : ألْقِ دَواتَكَ واقْرُبْ . وخُذْ أداتَكَ واكتُبْ : الكرَمُ ثبّتَ اللهُ جيْشَ سُعودِكَ يَزينُ . واللّؤمُ غَضّ الدّهرُ جَفْنَ حَسودِكَ يَشينُ . والأرْوَعُ يُثيبُ . والمُعْوِرُ يَخيبُ . والحُلاحِلُ يُضيفُ . والماحِلُ يُخيفُ . والسّمْحُ يُغْذي . والمَحْكُ يُقذي .
والعطاء ينجي والمطال يشجي ، والدعاء يفي والمدح ينقي والحُرُّ يَجْزي . والإلْطاطُ يُخْزي . واطّراحُ ذي الحُرْمَةِ غَيٌ . ومَحْرَمَةُ بَني الآمالِ بغْيٌ . وما ضنّ إلا غَبينٌ . ولا غُبِنَ إلا ضَنينٌ . ولا خزَنَ إلا شَقيٌ . ولا قبَضَ راحَهُ تقيٌ . وما فتئ وعدُك يَفي . وآراؤكَ تَشْفي . وهِلالُكَ يُضي . وحِلْمُك يُغْضي . وآلاؤكَ تُغْني . وأعداؤكَ تُثْني . وحُسامُك يُفْني . وسؤدَدُكَ يُقْني . ومُواصِلُكَ يجْتَني . ومادِحُك يقْتَني . وسماحُكَ يُغيثُ . وسماؤكَ تَغيثُ . ودرُّكَ يَفيضُ . وردُّكَ يَغيضُ . ومؤمِّلُكَ شيْخٌ حَكاهُ فَيْءٌ . ولمْ يبْقَ لهُ شيءٌ . أمّكَ بظَنٍ حِرصُهُ يثِبُ . ومدَحَكَ بنُخَبٍ . مُهورُها تجِبُ . ومَرامُهُ يخِفُّ . وأواصِرُهُ تشِفُّ . وإطْراؤهُ يُجْتَذَبُ . وملامُهُ يُجتَنَبُ . وورَاءهُ ضَفَفٌ . مَسّهُمْ شظَفٌ . وحصّهُمْ جنَفٌ . وعمّهُمْ قشَفٌ . وهوَ في دمْعٍ يُجيبُ . وولَهٍ يُذيبُ . وهَمٍّ تَضيّفَ . وكمَدٍ نيّفَ . لمأمولٍ خيّبَ . وإهْمالٍ شيّبَ . وعدوٍّ نَيّبَ . وهُدُوٍّ تغيّبَ . ولمْ يزِغْ ودُّهُ فيغْضَبَ . ولا خَبُثَ عودُهُ فيُقْضَبَ . ولا نفَثَ صدْرُهُ فيُنْفَضَ . ولا نشَزَ وصْلُهُ فيُبْغَضَ . وما يقْتَضي كرَمُكَ نبْذَ حُرَمِهِ . فبيِّضْ أمَلَهُ بتَخْفيفِ ألَمِهِ . ينُثّ حمدَكَ بينَ عالَمِهِ . بقيتَ لإماطَةِ شجَبٍ . وإعْطاءِ نشَبٍ . ومُداواةِ شجَنٍ . ومُراعاةِ يفَنٍ . موصولاً بخَفْضٍ . وسُرورٍ غَضٍّ . ما غُشِيَ معْهَدُ غنيٍّ . أو خُشِيَ وهْمُ غبيٍّ . والسّلامُ . فلمّا فرَغَ منْ إمْلاءِ رِسالَتِهِ . وجلّى في هَيْجاء البَلاغَةِ عنْ بَسالَتِهِ . أرضَتْهُ الجماعَةُ فِعْلاً وقوْلاً . وأوْسَعَتْهُ حَفاوَةً وطَوْلاً . ثمّ سُئِلَ منْ أيّ الشّعوبِ نِجارُهُ . وفي أيّ الشِّعابِ وِجارُهُ ؟ فقال :
غسّانُ أُسرَتيَ الصّميمَهْ . . . وسُروجُ تُرْبَتي القَديمَهْ
فالبَيتُ مثلُ الشّمْسِ إشْ . . . راقاً ومنزِلَةً جسيمَهْ
والرّبْعُ كالفِرْدَوْسِ مطْ . . . يَبَةً ومَنْزَهَةً وقيمَهْ
واهاً لعيْشٍ كانَ لي . . . فيها ولذّآتٍ عَميمَهْ
أيّامَ أسْحَبُ مُطْرَفي . . . في روضِها ماضي العَزيمَهْ
أخْتالُ في بُردِ الشّبا . . . بِ وأجْتَلي النِّعَمَ الوَسيمَهْ
لا أتّقي نُوَبَ الزّما . . . نِ ولا حَوادِثَهُ المُليمَهْ
فلوَ انّ كرْباً مُتْلِفٌ . . . لَتَلِفْتُ منْ كُرَبي المُقيمَهْ
أو يُفْتَدَى عيْشٌ مضى . . . لفدَتْهُ مُهجَتيَ الكَريمَهْ
فالموْتُ خيرٌ للفتى . . . منْ عيشِهِ عيْشَ البَهيمَهْ
تقْتادُهُ بُرَةُ الصَّغا . . . رِ إلى العظيمَةِ والهضيمَهْ
ويرَى السّباعَ تَنوشُها . . . أيْدي الضّباعِ المُستَضيمَهْ
والذّئبُ للأيّامِ لوْ . . . لا شُؤمُها لمْ تنْبُ شيمَهْ
ولوِ استَقامَتْ كانتِ ال . . . أحوالُ فيها مُستَقيمَهْ
ثمّ إنّ خبَرَه نَما إلى الوالي . فمَلأ فاهُ باللآلي . وسامَهُ أن ينضَويَ إلى أحشائِهِ . ويَليَ ديوانَ إنْشائِهِ . فأحْسَبَهُ الحِباءُ . وظلَفَهُ عنِ الوِلايَةِ الإباءُ . قال الراوي : وكُنتُ عرَفْتُ عُودَ شجَرَتِه . قبلَ إيناعِ ثمرَتِهِ . وكِدْتُ أنبّهُ على عُلوّ قدْرِهِ . قبلَ استِنارَةِ بدْرِهِ . فأوْحى إليّ بإيماضِ جفْنِهِ . أن لا أجرِّدَ عضْبَهُ منْ جفْنِهِ . فلمّا خرَجَ بَطينَ الخُرْجِ . وفصَلَ فائِزاً بالفُلْجِ . شيّعْتُهُ قاضِياً حقّ الرّعايَةِ . ولاحِياً لهُ على رفْضِ الوِلايَةِ . فأعْرَضَ مُتَبَسّماً . وأنْشَدَ مترنّماً : لَجَوْبُ البِلادِ معَ المَتْرَبَهْ . . . أحَبُّ إليّ منَ المرْتَبَهْ
لأنّ الوُلاةَ لهُمْ نَبوَةٌ . . . ومعْتَبَةٌ يا لَها مَعْتَبَهْ
ومافيهمِ مَنْ يرُبُّ الصّنيعَ . . . ولا مَنْ يُشيِّدُ ما رتّبَهْ
فلا يخدَعنْكَ لَموعُ السّرابِ . . . ولا تأتِ أمْراً إذا ما اشْتبَهْ
فكَمْ حالِمٍ سرّهُ حُلْمُهُ . . . وأدرَكَهُ الرّوْعُ لمّا انْتبَهْ
مصادر و المراجع :
١- مقامات الحريري
المؤلف: القاسم
بن علي بن محمد بن عثمان، أبو محمد الحريري البصري (المتوفى: 516 هـ)
دار النشر: دار
الكتاب اللبناني - بيروت - 1981
الطبعة: الأولى
تعليقات (0)