المنشورات

حَدّثْ حديثَ الركبِ واصْدقِ [الطويل]

قالها يصف ذهاباً إلى الصيد.
ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الرَّبْعُ وَانْطِقِ ... وَحدِّثْ حديثَ الركبِ إن شئتَ وَاصْدقِ (1)
وَحدِّثْ بأنْ زَالَتْ بلَيْلٍ حُمولُهمْ ... كنَخلٍ من الأعرَاض غيرِ مُنَبِّقِ (2)
جَعَلنَ حَوَايَا وَاقْتَعَدنَ قَعَائِداً ... وَحَفّفنَ من حَوْكِ العِرَاقِ المنمَّقِ (3)
وَفَوْقَ الحَوَايَا غِزْلَة ٌ وَجَآذِرٌ ... تضَمّخنَ من مِسكٍ ذكيّ وَزَنبَقِ (4)
فأتْبعتُهُمْ طَرْفي وَقد حالَ دُونُهُمْ ... غوَارِبُ رَملٍ ذي آلاءٍ وَشِبرِقِ (5)
عَلى إثْر حَيٍّ عَامِدِينَ لِنِيّةٍ ... فحَلّوا العَقِيقَ أوْ ثَنِيّةَ مُطرِقِ (6)
فعَزّيتُ نَفسي حِينَ بَانُوَا بجَسْرَة ٍ ... أَمونٍ كبُنيَانِ اليَهودِيّ خَيفَقِ (7)
إذا زُجِرَتْ ألفَيْتُهَا مُشْمَعِلّة ً ... تُنيفُ بعَذقٍ من غِرَاسِ ابن مُعنِقِ (1)
تَرُوحُ إذا رَاحَتْ رَوَاحَ جَهَامَةٍ ... بإثْرِ جَهَامٍ رَائِحٍ مُتَفَرِّقِ (2)
كَأنّ بهَا هِرّاً جَنِيباً تَجُرُّهُ ... بُكلّ طَرِيقٍ صَادَفَتْهُ وَمَأزِقِ (3)
كَأني وَرَحْلي وَالقِرَابَ وَنُمْرُقي ... عَلى يَرْفَئيَّ ذي زَوَائِدَ نِقْنِقِ (4)
تَرَوّحَ من أرْضٍ لأرْضٍ نَطِيّة ٍ ... لذِكرَة ِ قَيضٍ حوْلَ بَيضٍ مُفلَّقِ (5)
يَجُولُ بِآفاقِ البِلادِ مُغَرِّباً ... وَتُسحِقُهُ رِيحُ الصَّبا كلَّ مُسحَقِ (6)
وَبَيتٍ يَفُوحِ المِسْكُ في حَجَرَاتِهِ ... بَعيدٍ مِنَ الآفَاتِ غَيرش مُرَوَّقِ (7)
دَخَلتُ على بَيضَاءَ جُمٍّ عِظَامُهَا ... تعفّي بذَيلِ الدِّرْعِ إذا جئتُ مَوْدِقي (8)
وَقَد رَكَدَتْ وَسْطَ السماءِ نجومُهَا ... رُكودَ نَوَادي الرَّبربِ المُتَوَرِّقِ (9)
وَقد أغتدي قبلَ العُطاسِ بِهَيْكَلٍ ... شديدِ مَشَكّ الجنبِ فعَمِ المُنَطِّقِ (10)
بَعَثْنَا رَبِيئاً قَبلَ ذَلكَ مُخْمِلاً ... كذِئبِ الغَضَا يمشي الضَّراءَ وَيتّقي (11)

فَظَلَّ كمِثلِ الخشْفِ يَرْفَعُ رَأسَهُ ... وَسَائِرُهُ مِثلُ التُّرَابِ المُدَقِّقِ (1)
وَجَاءَ خَفِيّاً يَسْفِنُ الأرْضَ بطنُه ... ترَى التُّرْبَ منهُ لاصِقاً كلَّ مَلصَقِ (2)
فَقَالَ: ألَا هَذَا صُوَارٌ وَعَانَة ٌ ... وَخَيطُ نَعَامٍ يَرْتَعي مُتَفَرِّقِ (3)
فَقُمْنَا بأشلاءِ اللِّجَام وَلم نَقُدْ ... إلى غُصْنِ بَانٍ نَاصِرٍ لم يُحرَّقِ (4)
نُزَاوِلُهُ حَتى حَمَلْنَا غُلامَنَا ... عَلى ظَهْرِ سَاطٍ كالصَّليفِ المُعَرَّقِ (5)
كَأنّ غُلامي إذْ عَلا حَالَ مَتْنِهِ ... عَلى ظَهْرِ بَازٍ في السّماءِ مُحَلِّقِ (6)
رَأى أرْنَباً فانقَضّ يَهْوِي أمَامَهُ ... إلَيْهَا وَجَلاّهَا بِطَرْفٍ مُلَقلَقِ (7)
فقُلتُ لَهُ: صَوِّبْ وَلا تَجْهَدَنّهُ ... فَيُذرِكَ من أعْلى القَطاةِ ِ فتزَلَقِ (8)
وَأدبَرْنَ كالجَزْعِ المُفَصَّلِ بَيْنَهُ ... بجِيدِ الغُلام ذِي القميصِ المُطوَّقِ (9)
وَأدرَكَهُنّ ثَانِياً مِنْ عِنَانِهِ ... كَغَيثِ العَشيّ الأقهَبِ المُتَوَدِّقِ (10)
فَصَادَ لَنا عَيراً وَثَوْراً وَخَاضِباً ... عِدَاءً وَلمْ يَنضَحْ بماءٍ فيعرَقِ (11)
وَظَلّ غُلامي يُضْجِعُ الرُّمحَ حَوْله ... لِكُلّ مَهَاة ٍ أوْ لأحْقَبَ سَهْوَقِ (1)
وَقَامَ طُوَالَ الشَّخصِ إذْ يخضِبُونَهُ ... قِيَامَ العَزِيزِ الفَارِسيِّ المُنَطَّقِ (2)
فَقُلنَا: ألا قَد كانَ صَيْدٌ لِقَانِصٍ، ... فخَبّوا عَلَينا كُلَّ ثَوْبٍ مُزَوَّقِ (3)
وَظَلّ صِحَابي يَشْتَوُون بنَعْمَة ٍ ... يَصُفّونَ غاراً باللَّكيكِ المُوَشَّقِ (4)
ورُحْنَا كَأنّا من جُؤَاثي عَشِيّةً ... نُعَالي النِّعَاجَ بَينَ عِدلٍ وَمُشنَقِ (5)
ورُحنَا بِكَابنِ المَاءِ يُجنَبُ وَسطَنا ... تُصَوَّبُ فيهِ العَينُ طَوْراً وَتَرْتَقيْ (6)
وَأصْبَحَ زُهْلُولاً يُزِلُّ غُلامَنَا ... كَقِدحِ النَّضيّ باليَدَينِ المُفَوَّقِ (7)
كَأنّ دِمَاءَ الهَادِيَاتِ بِنَحْرهِ ... عُصَارَة ُ حِنّاءٍ بِشَيْبٍ مُفَرَّقِ (8)













مصادر و المراجع :

١- ديوان امرِئ القيس

المؤلف: امْرُؤُ القَيْس بن حجر بن الحارث الكندي، من بني آكل المرار (المتوفى: 545 م)

اعتنى به: عبد الرحمن المصطاوي

الناشر: دار المعرفة - بيروت

الطبعة: الثانية، 1425 هـ - 2004 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید