المنشورات

لِيَبْكِ على النعمان [الطويل]

وقال يرثي النعمان بن المنذر وتوفيّ في أوّل القرن السابع الميلادي:
ألا تَسْألانِ المَرْءَ ماذا يُحَاوِلُ ... أنَحْبٌ فيُقضَى أمْ ضَلالٌ وباطِلُ
حبائِلُهُ مبثُوثَة ٌ بِسَبيلِهِ ... ويَفْنى إذا ما أخطأتْهُ الحَبَائِلُ (4)
إذا المَرءُ أسْرَى لَيلَةً ظَنَّ أنَّهُ ... قَضَى عَمَلاً والمَرْءُ ما عاشَ عامِلُ
فَقُولا لَهُ إنْ كانَ يَقْسِمُ أمْرَهُ ... ألَمّا يَعِظْكَ الدَّهرُ، أُمُّكَ هابلُ (1)
فتَعْلمَ أنْ لا أنتَ مُدْرِكُ ما مضَى ... وَلا أنتَ ممّا تَحذَرُ النّفسُ وَائِلُ
فإنْ أنتَ لم تَصْدُقْكَ نَفسُكَ فانتسبْ ... لَعَلَّكَ تهديكَ القُرُونُ الأوائِلُ (2)
فإنْ لم تَجِدْ مِنْ دونِ عَدْنانَ باقياً ... ودونَ مَعَدٍّ فَلْتَزَعْكَ العَوَاذِلُ (3)
أرَى النَّاسَ لَا يَدرُونَ ما قَدرُ أمرِهمْ ... بلى: كلُّ ذي لُبٍّ إلى اللّهِ وَاسِلُ (4)
ألا كُلُّ شيءٍ ما خَلا اللّهُ باطِلُ ... وكلُّ نعيمٍ لا مَحالة َ زائِلُ
وكلُّ أُنَاسٍ سوْفَ تَدخُلُ بَينَهُمْ ... دُوَيْهية ٌ تَصفَرُّ مِنها الأنَامِلُ
وكلُّ امرىء ٍ يَوْماً سَيَعْلَمُ سَعْيَهُ ... إذا كُشِّفَتْ عندَ الإلَهِ المَحاصِلُ
ليَبْكِ على النّعْمانِ شَرْبٌ وقَيْنَة ٌ ... ومُخْتَبِطاتٌ كالسَّعالي أرامِلُ (5)
لهُ المُلْكُ في ضاحي مَعَدٍّ وأسلَمَتْ ... إلَيهِ العِبادُ كُلُّها ما يُحاوِلُ (6)
إذا مَسَّ أسْآرَ الطُّيورِ صَفَتْ لَهُ ... مُشَعْشَعَة ٌ مِمّا تُعتِّقُ بابِلُ (7)
عتيقُ سُلافاتٍ سَبَتْها سَفِينَة ٌ ... تَكُرُّ عَلَيْها بالمزاجِ النَّياطِلُ
بأشْهَبَ مِنْ أبكارِ مُزْنِ سَحابَةٍ ... وَأرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النّحْلَ عاسِلُ (8)
تَكُرُّ عَلَيْهِ لا يُصَرِّدُ شُرْبَهُ ... إذا ما انتَشَى لم تحْتَضِرْهُ العَوَاذِلُ (1)
على ما تُرِيهِ الخمرُ إذْ جاشَ بحْرُهُ ... وَأوْشَمَ جُودٌ مِنْ نَداهُ وَوَابِلُ (2)
فَيَوْماً عُنَاةُ في الحَديدِ يَفُكُّهُمْ ... ويَوْماً جِيادٌ مُلْجَماتٌ قَوَافِلُ (3)
عَلَيْهِنَّ وِلْدانُ الرِّهانِ كأنّهَا ... سَعَالٍ وعِقْبانٌ عَلَيهْا الرَّحائِلُ
إذا وَضَعُوا ألْبَادَها عَنْ مُتَونِهَا ... وَقَدْ نَضَحَتْ أعطافُها والكَواهِلُ
يُلاقُونَ مِنْها فَرْطَ حَدٍّ وجُرْأةٍ ... إذا لم تُقَوِّمْ درْأهُنَّ المَسَاحِلُ (4)
ويَوْماً مِنَ الدُّهْمِ الرِّغابِ كأنّها ... أشَاءٌ دَنا قِنْوانُهُ أوْ مَجادِلُ (5)
لَها حَجَلٌ قَد قَرَّعَتْ مِن رؤُوسِهِ ... لهَا فَوْقَهُ مِمّا تحَلَّبُ وَاشِلُ (6)
بذي حُسَمٍ قد عُرِّيَتْ ويَزينُهَا ... دِمَاثُ فُليجٍ رَهْوُها فالمَحافِلُ (7)
وأسرَعَ فيها قبلَ ذلِكَ حِقْبَة ً ... رُكَاحٌ فجَنْبَا نُقْدَةٍ فالمَغَاسِلُ (8)
فإنَّ امرأً يَرْجُو الفَلاحَ وَقَد رَأى ... سَوَاماً وَحَيّاً بالأُفاقَةِ جاهِلُ (1)
غداةَ غَدَوْا مِنْها وآزَرَ سرْبَهُمْ ... مَواكِبُ تُحْدى بالغَبيطِ وجامِلُ
ويَوْمَ أجازَتْ قُلَّةَ الحَزْنِ منْهُمُ ... مَواكِبُ تَعْلُو ذا حُسىً وقَنابِلُ (2)
على الصَّرصَرَانِيَاتِ في كلَّ رِحْلة ٍ ... وسُوُقٌ عِدالٌ لَيسَ فيهنَّ مائِلُ (3)
تُساقُ وأطْفالُ المُصِيفِ كَأنّها ... حَوَانٍ على أطْلائِهِنَّ مَطافِلُ
حَقَائِبُهُمْ راحٌ عَتيقٌ ودَرْمَكٌ ... وريْطٌ وفاثُورِيّة ٌ وسَلاسِلُ (4)
وَما نِسَجَتْ أسْراد داود وابنهِ ... مضاعفَة ٌ مِنْ نَسْجِهِ إذْ يُقابِلُ (5)
وكانَتْ تُراثاً منْهُما لِمُحَرِّقٍ ... طَحُونٌ كأنَّ البَيْضَ فيها الأعابِلُ (6)
إذا ما اجْتَلاها مأزِقٌ وتَزَايَلَتْ ... وَأحْكَمَ أضْغَانَ القَتيرِ الغَلائِلُ (7)
أوَتْ للشِّياحِ واهتَدَى لصَليلِها ... كتائِبُ خُضْرٌ ليسَ فيهنَّ ناكِلُ (8)
كأرْكانِ سَلْمَى إذْ بدتْ وكأنّها ... ذُرَى أجَإٍ إذْ لاحَ فيها مُواسِلُ (9)
وبيضٍ تَرَبّتْهَا الهَوَادِجُ جِقبة ً ... سَرَائِرُها والمُسْمِعاتُ الرَّوافِلُ (1)
تَرُوحُ إذا رَاحَ الشَّرُوبُ كأنّها ... ظِباءٌ شقيقٍ ليسَ فيهنَّ عاطِلُ (2)
يُجاوِبنَ بُحّاً قد أُعيدَتْ وَأسمحَتْ ... إذا احتَثَّ بالشِّرْعِ الدِّقاقِ الأناملُ (3)
يقوِّمُ أُولاهُمْ إذا اعوَجَّ سِرْبُهمْ ... مَوَاكِبُ وابنُ المُنذرِينَ الحُلاحِلُ (4)
تَظَلُّ رَواياهُمْ تَبَرَّضْنَ مَنْعِجاً ... وَلَوْ وَرَدَتْهُ وَهْوَ رَيّانُ سائِلُ (5)
فَلا قَصَبُ البَطحاءِ نَهْنَهَ وِرْدَهُمْ ... بِرِيٍّ وَلا العادِيُّ مِنْهُ العُدامِلُ (6)
ومَا كادَ غُلاَّنُ الشُّرَيْفِ يَسَعْنَهُمْ ... بحَلّةِ يَوْمٍ، والشُّرُوجُ القَوَابِلُ (7)
ومُصْعَدُهمْ كيْ يَقْطعوا بطنَ مَنعِج ... فضاقَتْ بهِمْ ذرعاً خزَازٌ وعاقِلُ (8)
فبادُوا فَما أمسَى على الأرْضِ مِنهُمُ ... لَعَمْرُكَ إلاَّ أنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ
كأنْ لم يكُنْ بالشِّرْعِ منهُمْ طلائِعٌ ... فلَمْ تَرْعَ سَحّاً في الرَّبيعِ القَنابِلُ
وبالرَّسِّ أوْصالٌ كأنَّ زُهاءَها ... ذِوَي الضِّمْرِ لمّا زالَ عَنها القبَائِلُ (9)
وَغَسّانُ ذَلّتْ يوْمَ جِلَّقَ ذلَّة ً ... بسَيِّدِها والأرْيَحِيُّ المُنازِلُ
رَعى خَرَزاتِ المُلْكِ عشرينَ حِجَّةً ... وعشرينَ، حتى فادَ والشَّيبُ شامِلُ (1)
وأمْسَى كأحْلامِ النِّيامِ نَعِيمُهُمْ ... وَأيُّ نعِيمٍ خِلْتَهُ لا يُزايِلُ
تَرُدُّ عَلَيْهِمْ لَيْلَة ٌ أهْلَكَتْهُمُ ... وعامٌ وعامٌ يَتْبَعُ العامَ قَابِلُ













مصادر و المراجع :

١- ديوان لبيد بن ربيعة العامري

المؤلف: لَبِيد بن ربيعة بن مالك، أبو عقيل العامري الشاعر معدود من الصحابة (المتوفى: 41هـ)

اعتنى به: حمدو طمّاس

الناشر: دار المعرفة

الطبعة: الأولى، 1425 هـ - 2004 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید