المنشورات

وأرى أربد قد فارقني [الرمل]

وقال يتحدّث عن مآثره ومواقفه ويأسى لفقد أخيه أربد:
إنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيرُ نَفَلْ ... وبإذْنِ اللّهِ رَيْثي وعَجَلْ (3)
أحمَدُ اللهَ فَلا نِدَّ لَهُ ... بيَدَيْهِ الخَيرُ ما شاء فَعَلْ
مَنْ هَداهُ سُبُلَ الخَيرِ اهْتَدَى ... ناعِمَ البَالِ ومَنْ شاءَ أضَلّ
و [رَقاقٍ عُصَبٍ] ظُلْمانُهُ ... كحَزيقِ الحَبَشيِيِّنَ الزُّجَلْ (4)
قَدْ تجاوَزْتُ وتحْتي جَسْرَة ٌ ... حَرَجٌ في مِرْفَقَيْها كالفَتَلْ (5)
تَسلُبُ الكانِسَ لمْ يُوأرْ بِهَا ... شُعْبَةَ السّاقِ إذا الظَلُّ عَقَلْ (6)
وتصُكُّ المَرْوَ لمّا هجَّرَتْ ... بنَكِيبٍ مَعِرٍ دامي الأظَلْ (7)
وَإذا حَرَّكْتُ غَرْزي أجمَرَتْ ... أوْ قرَا بي عَدْوُ جَوْنٍ قَد أبَلّ (1)
بالغُراباتِ فَزَرَّافَاتِهَا ... فبِخِنْزِيرٍ فَأطْرَافِ حُبَلْ (2)
يُسْئِدُ السّيرَ عَلَيها راكِبٌ ... رابِطُ الجأشِ على كُلِّ وَجَلْ (3)
حالَفَ الفَرْقَدَ شِرْكاً في السُّرَى ... خَلَّةً باقِيَةً دُونَ الخلَلْ (4)
اعْقلِي إنْ كُنْتِ لَمّا تَعْقِلي ... وَلَقَدْ أفْلَحَ مَنْ كانَ عَقَلْ
إنْ تَرَيْ رأسيَ أمْسَى واضِحاً ... سُلِّطَ الشَّيْبُ عليهِ فاشْتَعَلْ
فلقَدْ أُعْوِصُ بالخَصْمِ وَقَدْ ... أملأ الجَفنَةَ مِن شَحْمِ القُلَلْ (5)
وَلَقَدْ تَحْمَدُ لمّا فارَقَتْ ... جارَتي، والحَمدُ من خيرِ خَوَلْ
وغُلامٍ أرْسَلَتْهُ أمُّهُ ... بِألُوكٍ فبَذَلْنَا مَا سَألْ (6)
أوْ نَهَتْهُ فأتَاهُ رِزْقُهُ ... فاشتَوَى ليْلَةَ ريحٍ واجتَمَلْ (7)
مِنْ شِواءٍ لَيسَ مِنْ عارِضَةٍ ... بيَدَيْ كُلِّ هَضُومٍ ذي نَزَلْ (8)
فإذا جُوزِيتَ قَرْضاً فاجْزِهِ ... إنّما يَجْزي الفَتَى لَيسَ الجَمَلْ
أعْمِلِ العِيسَ على عِلاَّتِهَا ... إنّما يُنْجِحُ أصحابُ العَمَلْ
وَإذا رُمْتَ رَحِيلاً فارْتَحِلْ ... واعصِ ما يأمُرُ تَوْصِيمُ الكَسَلْ (1)
واكذِبِ النّفْسَ إذا حَدَّثْتَها ... إنَّ صدْقَ النّفسِ يُزري بالأملْ
غيرَ أنْ لا تَكذبِنْها في التُّقَى ... وَاخْزُها بالبرِّ للّهِ الأجَلّ
واضبطِ اللّيْلِ إذا طالَ السُّرَى ... وتَدَجَّى بَعدَ فَوْرٍ واعتَدَلْ (2)
يَرْهَبُ العاجِزُ مِنْ لُجَّتِهِ ... فَيُدَعِّي في مَبِيتٍ ومحَلّ
طالَ قَرْنُ الشّمْسِ لمّا طَلَعَتْ ... فإذا ما حَضَرَ اللّيلُ اضمَحَلّ
وَأخُو القَفْرَة ِ ماضٍ هَمُّهُ ... كُلّما شاءَ، على الأينِ، ارْتحلْ (3)
ومَجُودٍ مِنْ صُباباتِ الكَرَى ... عاطِفِ النُّمرُقِ صَدقِ المُبتذَلْ (4)
قالَ هَجِّدْنا فَقَدْ طالَ السُّرَى ... وقَدَرْنا إنْ خَنَى دَهْرٍ غَفَلْ (5)
يَتَّقي الأرْضَ بدَفٍّ شَاسِفٍ ... وضُلوعٍ تحتَ صُلْبٍ قد نَحَلْ (6)
قَلّمَا عَرَّسَ حَتّى هِجْتُهُ ... بالتّباشِيرِ مِنَ الصُّبْحِ الأُوَلْ (7)
يَلْمَسُ الأحْلاسَ في منزِلِهِ ... بيَديْهِ كاليَهُوديِّ المُصَلّ (8)
يَتَمَارَى في الذي قُلْتُ لَهُ ... وَلَقَدْ يَسْمَعُ قَوْلي حَيَّهَلْ (9)
فَوَرَدْنَا قَبْلَ فُرَّاطِ القَطَا ... إنَّ مِنْ وِرْديَ تَغْليسَ النَّهَلْ (1)
طاميَ العَرْمَضِ لا عَهْدَ لَهُ ... بِأنِيسٍ، بَعدَ حَوْلٍ قد كَمَلْ (2)
فهَرَقْنَا لَهُمَا في داثِرٍ ... لَضواحيهِ نَشِيشٌ بالبَلَلْ (3)
راسِخُ الدِّمْنِ على أعْضادِهِ ... ثَلَمَتْهُ كُلُّ رِيحٍ وسَبَلْ (4)
عافَتَا الماءَ فَلَمْ نُعْطِنْهُمَا ... إنّما يُعْطِنُ مَنْ يَرْجُو العِللْ (5)
ثُمَّ أصدَرْناهُما في وارِدٍ ... صادِرٍ وَهْمٍ صُوَاهُ قَدْ مَثَلْ (6)
تَرْزُمُ الشّارِفُ مِنْ عِرْفانهِ ... كُلَّما لاحَ بنَجْدٍ وَاحتَفَلْ
فَمَضَيْنا فَقَضَيْنا ناجِحاً ... مَوْطِناً يُسْألُ عَنْهُ ما فَعَلْ
وَلَقَدْ يَعْلَمُ صَحْبي كُلُّهُمْ ... بِعَدانِ السّيفِ صبْري ونَقَلْ
رابِطُ الجأشِ على فَرْجِهِمُ ... أعْطِفُ الجَوْنَ بمربوعٍ مِتَلْ (7)
ولَقَدْ أغْدو وما يَعْدَمُني ... صاحِبٌ غيرَ طويلِ المُحتَبَلْ (8)
ساهِمُ الوَجْهِ شَديدٌ أسْرُهُ ... مُغبَطُ الحارِكِ مَحبوكُ الكَفَلْ (9)
بأجَشِّ الصَّوْتِ يَعْبُوبٍ إذا ... طَرَقَ الحَيَّ منَ الغَزْوِ صَهَلْ (1)
يَطْرُدُ الزُّجَّ يُباري ظِلَّهُ ... بأسِيلٍ كالسِّنانِ المًنْتَخَلْ (2)
وعَلاهُ زَبَدُ المَحْضِ كَمَا ... زَلَّ عَن ظَهرِ الصَّفا ماءُ الوَشَلْ (3)
وكَأنِّي مُلْجِمٌ سُوذَانِقاً ... أجْدَلِيّاً، كَرُّهُ غَيرُ وَكَلْ (4)
يُغْرِقُ الثَّعْلَبَ في شِرَّتِهِ ... صائِبُ الجِذْمَةِ في غَيرِ فَشَلْ
مِنْ نَسا النّاشِطِ إذْ ثَوَّرْتهُ ... أوْ رَئيسِ الأخدَرِيّاتِ الأُوَلْ (5)
يَلْمُجُ البارِضَ لَمْجاً في النَّدَى ... مِنْ مَرابيعِ رِياضٍ ورِجَلْ (6)
فَهْوَ شَحّاجٌ مُدِلُّ سَنِقٌ ... لاحِقُ البطنِ إذا يَعدو زَمَلْ (7)
فَتَدَلَّيْتُ عَلَيهِ قافِلاً ... وعلى الأرْضِ غَيَاياتُ الطَّفَلْ (8)
وتأيَّبْتُ عَلَيْهِ ثانِياً ... يَتَّقيني بتَليلٍ ذي خُصَلْ
لمْ أقِلْ إلاَّ عَلَيهِ أوْ عَلى ... مَرْقَبٍ يَفْرَعُ أطْرَافَ الجَبَلْ (9)
ومَعي حامِيَة ٌ مِنْ جَعْفَرٍ ... كُلَّ يومٍ تَبْتَلَي ما في الخِلَلْ (1)
وقَبيلٌ مِنْ عُقَيلٍ صادِقٌ ... كَلُيُوثٍ بَينَ غابٍ وعَصَلْ (2)
فَمَتَى يَنقَعْ صُراخٌ صادِقٌ ... يُحْلِبوهُ ذاتَ جَرْسٍ وزَجَلْ (3)
فَخمَة ً ذَفراءَ تُرْتَى بالعُرَى ... قُرْدَمانِيّاً وتَرْكاً كالبَصَلْ (4)
أحْكَمَ الجِنثيُّ منْ عَوْراتِهَا ... كلَّ حِرْباءٍ إذا أُكْرِهَ صَلّ (5)
كُلَّ يَوْمٍ مَنَعوا جامِلَهُمْ ... ومُرِنّاتٍ كآرَامِ تُبَلْ (6)
قَدَّموا إذْ قالَ: قَيسٌ قَدِّموا ... واحفَظوا المَجدَ بأطرَافِ الأسَلْ (7)
بَينَ إرْقاصٍ وعَدْوٍ صادِقٍ ... ثمَّ إقدامٌ إذا النِّكسُ نَكَلْ (8)
فَصَلَقْنا في مُرادٍ صَلْقَة ً ... وصُداءٍ، ألحَقَتْهُمْ بالثَّلَلْ (9)
لَيْلَة َ العُرْقُوبِ لَمّا غامَرَتْ ... جَعفرٌ، تُدعى، ورَهطُ ابنِ شَكَلْ (10)
ثُمَّ أنْعَمْنا على سَيِّدهِمْ ... بَعْدَما أطْلَعَ نَجْداً وأبَلْ
وَمَقامٍ ضَيِّقٍ فَرَّجْتُهُ ... بِمَقَامي ولِساني وَجَدَلْ
لَوْ يقومُ الفِيلُ أوْ فيّالُهُ ... زلَّ عنْ مثلِ مَقَامي وَزَحَلْ
وَلَدَى النُّعمانِ مِنّي مَوْطِنٌ ... بَينَ فاثُورِ أُفاقٍ فالدَّحَلْ (1)
إذْ دَعَتْني عامِرٌ أنْصُرُهَا ... فالتَقى الألسُنُ كالنَّبْلِ الدُّوَلْ
فرَمَيْتُ القَوْمَ رِشْقاً صائِباً ... لَيسَ بالعُصْلِ ولا بالمُقتْعِلْ (2)
رَقَمِيّاتٍ عَلَيْها نَاهِضٌ ... تُكْلِحُ الأرْوَقَ منهُمْ والأيَلْ (3)
فانتَضَلْنا، وابنُ سَلمَى قاعِدٌ ... كعَتِيقِ الطّيرِ يُغضي ويُجَلّ (4)
والهَبانِيقُ قِيَامٌ، مَعَهُمْ ... كلُّ مَحْجُومٍ إذا صُبَّ هَمَلْ (5)
تَحْسُرُ الدِّيباجَ عَنْ أذْرُعِهِمْ ... عِندَ ذي تاجٍ إذا قالَ فَعَلْ
فَتَوَلَّوْا فاتِراً مَشْيُهُمُ ... كرَوايا الطِّبْعِ همَّتْ بالوَحَلْ (6)
فمَتَى أهْلِكْ فَلا أحْفِلُهُ ... بَجَلي الآنَ مِنَ العَيشِ بَجَلْ
مِنْ حَياةٍ قَدْ مَلِلْنا طُولَهَا ... وجَديرٌ طُولُ عَيْشٍ أنْ يُمَلّ
وأرَى أرْبَدَ قَدْ فارَقَني ... وَمِنَ الأرْزاءِ رُزْءٌ ذو جَلَلْ
مُمْقِرٌ مُرٌّ على أعْدائِهِ ... وعلى الأدْنَينَ حُلْوٌ كالعَسَلْ (1)
في قُرُومٍ سادَة ٍ مِنْ قَوْمِهِ ... نَظَرَ الدَّهْرُ إلَيهمْ فابْتَهَلْ
فأخي إنْ شَرِبُوا مِنْ خَيرهمْ ... وأبُو الحَزَّازِ مِنْ أهلِ النَّفَلْ
يَذْعَرُ البَرْكَ فَقَدْ أفْزَعَهُ ... ناهضٌ يَنهَضُ نَهضَ المُختَزَلْ (2)
مُدْمِنٌ يَجْلُو بأطْرَافِ الذُّرَى ... دَنَسَ الأسْؤُقِ بالعَضْبِ الأفَلّ (3)













مصادر و المراجع :

١- ديوان لبيد بن ربيعة العامري

المؤلف: لَبِيد بن ربيعة بن مالك، أبو عقيل العامري الشاعر معدود من الصحابة (المتوفى: 41هـ)

اعتنى به: حمدو طمّاس

الناشر: دار المعرفة

الطبعة: الأولى، 1425 هـ - 2004 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید