المنشورات

كيف يقتل الفاسق

أخبرنا أبو طاهر أحمد بن علي بن السواق، رحمه الله، حدثنا محمد بن أحمد بن فارس، حدثنا أبو الحسين عبد الله بن إبراهيم، حدثنا أبو بكر محمد بن خلف، حدثنا أبو بكر العامري، حدثنا عبد الله بن عمر، حدثنا أبو عباد شيخ قديم قال: أدركت الخادم الذي كان يقوم على راس الحجاج، فقلت له: أخبرني بأعجب شيء رأيت من الحجاج؟ قال: كان أميراً على واسط، وكانت بواسط امرأة يقال: إنه لم يك بها في ذلك الوقت امرأة أجمل منها، فأرسل ابن أخيه إليها يريدها على نفسها مع خادم له، فأبت، وقالت: إن أردتني فاخطبني إلى أخوتي، وكان لها أخوة أربعة، فأبى وقال: لا! إلا كذا، وعاودها، فأبت إلا أن يخطبها إلى أخوتها، فأما حرام فلا، فأبى هو إلا الحرام، فأرسل إليها بهدية، فأخذتها فعزلتها، ثم أرسل إليها عشية جمعة أني آتيك الليلة، فقالت لأمها: إن الأمير قد بعث إلي بكذا وكذا، فأنكرت أمها ذلك، وقالت لأخوتها: إن أختكم قد زعمت كذا وكذا، فأنكروا ذلك وكذبوها، فقالت: إنه قد وعدني أن يأتيني الليلة، فسترونه.
فقعد أخوتها فيبيت حيال البيت الذي هو فيه، وفيه سراح، وهم يرون من يدخل إليها، وجويرية لها على باب الدار، قاعدة. حتى جاء الأمير فنزل عن دابته، وقال لغلامه: إذا أذن المؤذن في الغلس، فأتني بدابتي، ودخل، فمشت الجارية بين يديه، فقالت له: ادخل، فدخل وسيدتها على سرير مستلقية، فاستلقى إلى جانبها ثم وضع يده عليها، وقال: إلى كم هذا المطل؟ فقالت له: كف يدك يا فاسق، فدخل أخوتها عليها، ومعهم سيوف، فقطعوه، ثم لفوه في نطع، وجاؤوا به إلى سكة من سكك واسط، فألقوه فيها.
وجاء الغلام بالدابة فجعل يدق الباب دقاً رفيقاً وليس يكلمه أحد، فلما خشي الصبح، وأن تعرف الدابة، انصرف وأصبحوا، فإذا هم به، فأتوا له الحجاج، فأخذ أهل تلك السكة، فقال: أخبروني ما هذا. وما قصته؟ قالوا: لا نعلم ما حاله وما قصته. غير أنا وجدناه ملقىً. ففطن الحجاج، فقال: علي بمن كان يخدمه. فأتي بذلك الخصي الذي كان الرسول. فقالوا: هذا كان صاحب سره. فقال له الحجاج: اصدقني! ما كان حاله وما فصته؟ فأبى، فقال له: إن صدقتني لم أضرب عنقك، وإن لم تصدقني فعلت بك، وفعلت. فأخبره الأمر على جهته، فأمر بالمرأة وأمها وأخوتها فجيء بهم، فعزلت المرأة عنهم، فسألها فأخبرته بمثل ما اخبر به الخصي، ثم سأل الأخوة على انفراد، فأخبروه بمثل ذلك، وقالوا: حن صنعنا به الذي ترى. فصرفهم وأمر برفيقه ودوابه وماله وكل قليل وكثير له أن يعطى للمرأة.
فقالت المرأة: عندي هديته التي وجه بها إلي. فقال: بارك الله لك فيها، وأكثر النساء مثلك، هي لك، وكل ما ترك من شيء فهو لك، فأعطاهما جميع ما ترك وخلى عنها وعن أخوتها، وقال: إن مثل هذا لا يدفن فألقوه للكلاب. ودعل بالخصي فقال: أما أنت فقد قلت لك إني لا أضرب عنقك، وأمر بضرب وسطه.












مصادر و المراجع :

١- مصارع العشاق

المؤلف: جعفر بن أحمد بن الحسين السراج القاري البغدادي، أبو محمد (المتوفى: 500هـ)

الناشر: دار صادر، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید