المنشورات

المجنون وولي الصدقات

وأخبرنا أبو القاسم علي بن أبي علي، حدثنا محمد بن العباس، حدثنا محمد بن خلف، حدثني محمد بن إسحق، حدثني ابن عائشة عن أبيه قال: ولي نوفل بن مساحق صدقات كعب بن ربيعة، فنزل بمجمع من تلك المجامع، فرأى قيس بن معاذ المجنون، وهو يلعب بالتراب، فدنا منه، فكلمه وجعل يجيبه بخلاف ما يسأله عنه، فقال له رجل من أهله: إن أردت أن يكلمك كلاماً صحيحاً، فاذكر له ليلى، فقال له نوفل: أتحب ليلى؟ قال: نعم! قال: فحدثني حديثك معها! قال: فجعل ينشده شعره فيها، ويقول:
وَشُغِلتُ عن فَهمِ الحَديثِ سوَى ... ما كانَ فيكِ، وَأنتمُ شُغلي
وَأُدِيمُ نَحْوَ مُحَدِّثي لِيَرَى ... أنْ قد فَهِمتُ، وَعِندكُم عَقلي
وأنشد أيضاً:
سَرَتْ في سَوَادِ القَلبِ حتى إذا انتهَى ... بها السَّيرُ وَارْتادت حِمى القلبِ حلَّتِ
فلِلعَينِ تَهمالٌ إذا القَلبُ مَلَّهَا، ... وَللقَلبِ وَسوَاسٌ إذا العَينُ مَلَّتِ
وَوَاللهِ ما في القلبِ شيءٌ من الهَوَى ... لأخرَى سِواهَا أكثرَتْ أمْ أقَلَّتِ
وأنشد أيضاً:
ذكَرْتُ عَشِيَّةَ الصّدَفَيْنِ لَيلى، ... وكلّ الدَّهرِ ذِكرَاهَا جَدِيدُ
عليَّ ألِيَّةٌ إنْ كُنتُ أدْرِي ... أيَنقُصُ حبُّ لَيلى أمْ يَزيدُ
فلما رأى نوفل ذلك منه أدخله بيتاً، وقيده، وقال: أعالجه، فأكل لحم ذراعيه وكفيه، فحله، وأخرجه، فكان يأوي مع الوحوش، وكانت له داية ربته صغيراً فكان لا يألف غيرها، ولا يقرب منه أحد سواها، فكانت تخرج في طلبه في البادية وتحمل له الخبز والماء، فربما أكل بعضه، وربما لم يأكل، فلم يزل على ذلك حتى مات.











مصادر و المراجع :

١- مصارع العشاق

المؤلف: جعفر بن أحمد بن الحسين السراج القاري البغدادي، أبو محمد (المتوفى: 500هـ)

الناشر: دار صادر، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید