المنشورات

الجود والبخل

واعلم أنّ الذي يوجب لك اسم الجود القيام بواجب الحقوق عند النّوائب، مع بعض التّفضّل على الراغبين. وإذا أوجب لك اسم الجود زال عنك اسم البخل.
واعلم أنّ تثمير المال آلة للمكارم، وعون على الدّين، ومتألّف للإخوان، وأنّ من قد فقد المال قلّت الرغبة إليه، والرّهبة منه، ومن لم يكن بموضع رغبة ولا رهبة استهان النّاس بقدره.
فاجهد الجهد كله ألّا تزال القلوب معلّقة منك برغبة أو رهبة، في دين أو دنيا.
واعلم أنّ السّرف لا بقاء معه لكثير، ولا تثمير معه لقليل، ولا تصلح عليه دنيا ولا دين. وتأدّب بما أدّب الله تعالى به نبيّه فقال: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً.
وقالت الحكماء: «القصد أبقى للجمام» .
فداوم حالك وبقاء النّعمة عليك، بتقديرك أمورك على قدر الزمان، وبقدر الإمكان، فقد قال الشاعر:
من سابق الدّهر كبا كبوة ... لم يستقلها من خطى الدّهر
فاخط مع الدّهر على ما خطا ... واجر مع الدّهر كما يجري













مصادر و المراجع :

١- الرسائل السياسية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید