المنشورات
الشجاعة
واعلم أنّ الجبن جبنان، والشّجاعة شجاعتان، وليست تكون الشجاعة إلّا في كلّ أمر لا يدرى ما عاقبته، يخاطر فيه بالأنفس والأموال. فإذا أردت الحزم في ذلك فلا تشجّعنّ نفسك على أمر أبدا إلّا والذي ترجو من نفعه في العاقبة أعظم ممّا تبذل فيه في المستقبل، ثم يكون الرجاء في ذلك أغلب عليك من الخوف.
وهاهنا موضع يحتاج فيه إلى النظر: فإن كان ذلك أمرا واجبا في الدّين، أو خوفا لعار؟؟؟ بّ به الأعقاب فأنت معذور بالمخاطرة فيه بنفسك ومالك. وإن كان أمرا تعظم منفعته في الدنيا إلّا أنّك لا تناله إلّا بالخطار بمهجة نفسك أو بتعريض كلّ مالك للتّلف، فالإقدام على مثل هذا ليس بشجاعة، ولكن حماقة بيّنة عند الحكماء.
وقد قالت علماء أوائل الناس:
لا يرسل السّاق إلّا ممسكا ساقا وقالوا: «لا تخرج الأمر كلّه من يدك وخذ بأحد جانبيه» . ثم الشجاعة والجبن في ذلك بقدر الحالات والأوقات.
مصادر و المراجع :
١- الرسائل السياسية
المؤلف: عمرو بن
بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى:
255هـ)
الناشر: دار
ومكتبة الهلال، بيروت
29 مايو 2024
تعليقات (0)