المنشورات

هامش رسالة المعاش والمعاد

(1) على الحكيم تبيان اسباب الامور وعواقبها. بهذا المعنى يقترب الجاحظ من ارسطو الذي حدد الحكيم بانه الذي يعرف علل الاشياء.
- العقل هو الذي يكبح الهوى ويسير بالانسان في الطريق المستقيم. فالجاحظ كبير الثقة بالعقل كالمعتزلة.
- ظواهر الامور وبواطنها. هذا التمييز الذي بدأه الجاحظ بلغ ذروته عند كانط وهيوم.
- ابو عبد الله، هو على الارجح احمد بن ابي دؤاد والد القاضي محمد الذي يوجه اليه الجاحظ الكلام. وقد كانت صلة الجاحظ به وطيدة قبل ان يصناب بالفالج ويحل ابنه مكانه في القضاء.
- ان ذلك طبع غير تكلف: فالطبع هنا معناه عدم التكلف او التصنع. يعني ما هو تلقائي أو مباشر.
- يشير الجاحظ هنا الى شغفه بالكتب يجمعها وينظر فيها لأن تصفحها يطلعنا على عقول العالمين. وقد عبر عن هذا الميل عنده في مقدمة كتاب الحيوان حيث كتب أجمل وصف للكتاب.
- يميز الجاحظ هنا بين نوعين من العقل: العقل المطبوع والعقل المكتسب. على نحو ما ميز ارسطو والفلاسفة العرب امثال الكندي والفارابي وابن سينا بين العقل الهيولاني او بالقوة، والعقل بالملكة او المستفاد او بالفعل. وقد اعترف الجاحظ بأن الحكماء هم الذين ذهبوا الى هذا التفريق بين انواع العقل، مما يدل على تأثره بهم.
- استنبط تعني استخرج علل الاشياء ولم يقتصر على وصفها او عرضها.
والجاحظ يذهب الى ان معرفة الاسباب تفضي الى اليقين. أما مجرد العرض والوصف فيقف بصاحبه عند الظن. ويقول ايضا ان احكام الدين مبينة الاسباب مكشوفة العلل. وبذلك يكون قد وحد بين الفلسفة والدين. وهذا ما اعتقده فعلا وصرح به في تعريفه لعلم الكلام.
(2) الطبائع جمع طبيعة وهي ما «ركتب عليه الخلق وفطرت عليه البرايا كلهم، فهم فيها مستوون والى وجودها في انفسهم مضطرون، وفي المعرفة بما يتولد عنها متفقون» . بهذا يلخص الجاحظ مذهبه الطبيعي. فهو يؤمن بوجود طبائع فطرية في الخلق سواء كانوا بشرا او حيوانات او جمادات. وهم مضطرون للخضوع الى هذه الطبائع وليسوا احرارا في مخالفتها. والقول في الطبائع يؤدي الى القول بالتولد أي صدور افاعيل عن الطبائع لا دخل لله فيها.
(3) يحدد الآداب بانها آلات او وسائل تستعمل لتدبير امور الانسان في الدنيا والآخرة وفي الدين والدنيا. هذه الآداب وضعت على اساس الطبائع.
- الفرق بين الدين والدنيا هو اختلاف الدارين فقط والآداب واحدة والحكم واحد. وبهذا وحد الجاحظ بين الدين والسياسة وخلط بينهما خلطا قويا.
- التكليف مرتبط بالابتلاء او الاختبار وهو مبدأ قال به معظم المعتزلة ومنهم الجاحظ.
(4) من طباع الناس الاساسية حب المنافع ودفع المضار ويؤكد الجاحظ على انهما فطرة في الانسان والحيوان.
- النفس طبعت على ميول اهمها حب الراحة، والعلو والغلبة والاستطراف، واللذة الحسية المتنوعة.
(5) السياسة تقوم على الترغيب والترهيب وهما غريزتان فطريتان في الانسان سبقت الاشارة اليهما (رقم 4) . وقد لجأ إليهما الدين عندما ذكر الجنة والنار، الجنة للترغيب والنار للترهيب.
- وارفق الترغيب والترهيب بمبدأ ثالث هو العدل.
- يقابل الترغيب والترهيب بمبدأ رابع هو الوعد والوعيد.
- السياسة تعني التدبير أي تدبير شؤون الناس. هذا ما يفهم من كلامه «فالرغبة والرهبة اصلا كل تدبير وعليهما مدار كل سياسة، عظمت او صغرت» .
(6) يحدد معنى العدل في الدنيا او في السياسة: وهو يعني الاثابة او الجزاء حسب الاستحقاق.
(7) لكل شيء افراط وتقصير، والفضيلة في ملازمة الحدود او في التوسط. وهذا مبدأ من مبادىء المعتزلة عبر عنه بالمنزلة بين المنزلتين.
وفي هذا النص تطبيق صريح لمبدأ السببية الذي آمن به الجاحظ. وفي السببية والتولد والتوسط يلتقي الجاحظ مع ارسطو.
- التوكل لا يعني التواني والاعتماد على قوة أخرى ولا يعني الاحالة على الاقدار.
لقد امر الله بالتوكل عند انقطاع الحيل وبذل ما في الوسع. وبهذا يخالف الجاحظ الاشاعرة والمتصوفة.
(8) يحدد الجاحظ معنى الجود بانه مساعدة المحتاجين عند النوائب، والتفضل على الراغبين مع تجنب السرف. وينصح بتثمير المال لأن المال «آلة المكارم ومتألف للاخوان وعون على الدين» . وهو يردد ما سبق اليه ابن المقفع في الأدب الكبير والأدب الصغير وفي كليلة ودمنة.
(9) المنطق استعمل هنا بمعنى النطق وهو ضد الصمت. ولم يستعمل بمعنى العلم الذي ابتدعه ارسطو. والجاحظ ينصح بالاعتدال في الكلام والصمت اخذا بمذهبه الاعتزالي: التوسط.
(10) الشجاعة تعني المخاطرة في النفس والمال في كل أمر تجهل عاقبته. ولا تحمد الا اذا وجبت في الدين أو في سبيل درء العار. ولا تحمد اذا كانت في سبيل منفعة في الدنيا لانها تكون ضربا من الحماقة.
(11) في معاملة العدو يضع قواعد من الخير ويقارنها بقواعد او نصائح ابن المقفع. من مداراة، وحفظ سر الخ.
(12) يجعل الناس من حيث الخدمات التي يؤدونها للحاكم ثلاثة اجناس: اصحاب الرأي والمشورة، اهل الشدة والغلظة، اصحاب المهن المختلفة. وينبغي على الحاكم العناية بهم جميعا وتعهدهم بالثواب والجزاء.
(13) العلم بما غاب نحصل عليه بطرق ثلاث: «الاخبار المتواترة التي يحملها الولي والعدو والصالح والطالح. اي جميع الناس تقريبا.
2) الاخبار المتواطئة: التي يتفق عليها العدد الكبير من الناس وان جهلها معظمهم. وينبغي السؤال عن هذه الاخبار وتوجيهه الى عدة اقوام نقلوها. فاذا تواطأوا عليها على الرغم من تفاوت احوالهم اعتبرت صحيحة. وقد اعتمد الجاحظ هذه الطريقة في اثبات حجج النبوة (راجع رسالة حجج النبوة) .
3) الخبر المفرد الذي يجيء به الرجل او الرجلان، لا يصح تصديقه الا اذا كان المخبر عدلا وثقة.
هذا مما يدرك بالعيان. الغائب الذي لا يدرك بالعيان مثل سرائر القلب وما اشبه فيدرك بوسيلة اخرى غير الخبر هي آثار افاعيلها الغالبة.
درجات العلم ثلاثة هي الشك فالظن فالعلم. اول العلم بالامور الشك فاذا ظهرت بعض الادلة زال الشك وحل مكانه الظن، فاذا قويت الادلة زال الظن وحل العلم اليقيني. وقد ردد الجاحظ هذه المراتب في عدة اماكن من كتبه مثل الحيوان وبعض الرسائل.
(14) الصداقة ضرورية للانسان لأن الصديق أخ ثان، «وشقيق الروح وتوأم العقل» وانيس العيش. وينبغي الحرص عليه والاكثار منه. وتجدر مقارنة اقوال الجاحظ حول الصداقة باقوال الامام علي بن ابي طالب، وابن المقفع.
(15) يمقت الجاحظ المفاخرة بالأنساب التي اعتد بها العرب. وعلى هذا الاساس يمكن معرفة الغرض الذي رمى اليه الجاحظ في رسالة «فضل هاشم على عبد شمس» ومثيلاتها من رسائل التفاخر بالانساب.
(16) مقت المداحين، وبالتالي الشعراء والكتاب الذين اكثروا من المديح. انه موقف خلقي وسياسي وفني يسجل للجاحظ «تلك اسواق اقاموها للارباح» .
(17) كيف نعامل السلطان العادل والسلطان الجاهل: نصائح قيمة يسديها للقاضي.












مصادر و المراجع :

١- الرسائل السياسية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید